سيذكر التاريخ يوما ما أن حضرموت كانت ساحة لصراعات ليس للحضارم فيها ناقة ولا جمل ، وسيذكر أيضا أن الحضارم وصلوا من التفكك والتشرذم والخذلان لبعضهم البعض حد الذل والهوان حتى أنهم في ذلك اليوم خرجوا من ديارهم حذر الموت بعد ما أصبحت أرضهم ساحة جاهزة فارغة تسنى لغيرهم إستباحتها يتقاتل فيها هؤلاء بطرق مباشرة وغير مباشرة متى ما شاؤوا وكيف ما شاؤوا، والحضارم حينها صامتين مكتفين فقط بالتفرّج على ذلك المشهد لسان حالهم يقول: نحن عاجزون ضُعفاء لا نقدر على شيء. ولتعلم يا أخي في حضرموت إن التاريخ لن ينسى أيضا أهم الأسباب التي أدّت الى وصولنا إلى هذا الحال المزري وكيف أننا حتى بعد هذا كله لم نستطع الأجتماع على كلمة واحده للذود عن أرضنا أو الدفاع عنها ، حيث كانت حينها الطبقية والحزبية البغيضه والمذهبية المقيته مع أنّهُ لم يكن لنا إلا مذهب واحد فقط ليس له ثاني، إضافة الى المصالح الدنيئة والأحقاد النتنة في مقدمة تلك الأسباب!! سيُسقط علينا أيضا صورة قطيع الغنم تتغزل الذئاب بإحداها حتى تخرج عن القطيع حتى يقضي على القطيع واحدة تلو الأخرى كل مره بعذر ما . وإن بقي في الصفحة بقية -إن أكرمنا بصفحة كاملة اصلا- سيذكر كم خذل الحضارم حضرموتهم من أجل نيل رضا غيرهم في عدة مواقف حتى حين وصل الأمر لتمزيقها وتشريد أهلها، للأسف سيكتب التاريخ ان كل ما كان يهم بعض أبنائها مجرد نيل رضا أسياد المصالح وضغائن النفوس المريضة، ولن يخفى عليه حدة الإختلافات وشدتها التي كانت الصفة المصاحبة لكل حدث أو أمر جلل يكاد أن يجمعنا على مر السنين وتقلباتنا مع أمواج الإختلاف الدخيلة على مجتمعنا البسيط وتكريسها بشدة ماجعل لنا في كل أمر نقاط كثيرة نختلف عليها حتى أصبح الإختلاف فرض عين على الجميع. وفي الأخير سيختم التاريخ تلك الصفحة المشؤمة متسائلا عن القيادات الحضرمية وذوي الرأي في زماننا البائس ببعض أبيات المتنبي: أما في هذه الدنيا كريمُ تزول به عن القلب الهُمومُ أما في هذه الدُنيا مكان يُسَرّ بأهله الجار المقيمُ تشابهت البهائم والعبدَّى علينا والموالي والصميمُ وما أدري أذا داءٌ حديث أصاب الناس أم داء قديم