قبل البدء في الخوض بهذا الموضوع أود التنبيه إلى أنه متشعب و واسع , لكني رأيت أن أوجز فيه بعض النقاط البسيطة حسب قراءاتي المتواضعة . بداية سأبدأ بإيضاح معنى التوافق في اللغة : مصدر تَوَافَقَ و بينهما تَوَافُقٌ : اِنْسِجَامٌ و اِتِّفاقٌ و تفاهم . و التوافق و الاتفاق : تطابق أفكار أو رغبات أو عواطف أو ميول ) معجم المعاني الجامع و المعجم الوسيط . و بعد ان عرفنا معناه في اللغة نأتي الى ما نقصد به في هذا المقام الا و هو التوافق الزوجي : ذكرت الدكتورة عبير الصبان الاستاذ المساعد بكلية العلوم الإدارية بجامعة ام القرى في دراسة لها عدة تعاريف مختلفة لعدد من المختصين الأجانب و العرب منها : وقد عرف روجرز "Rogers" (1972) التوافق الزواجي[1] بأنه "نتاج للتفاعل بين شخصية الزوجين والذي يحدد نجاح الزواج أو فشله ، وأنه لا يوجد نمط معين من أنماط الشخصية يحدد نجاح الزواج ، ويعد التفاعل بين الزوجين من أهم عوامل التوافق الزواجي. (حسن عبد المعطي وراوية دسوقي: 1993 ،7) كما أكد بول وروبينس (Bal&Robbins 1986 ) على " أن التوافق الزوجي محصلة للعديد من العوامل التي من بينها الاستعداد النفسي و النضج الانفعالي و إشباع الحاجات الاجتماعية التي تؤدي الى نجاح العلاقة الزوجية " , و اوضحت نتائج دراسة بليم ( Blum 1995) أن الحالة العاطفية للزوجين ترتبط بالتوافق الزوجي , كما أكدت نتائج دراسة دافيدسون و آخرون ( Davidson et al 1983 ) أن الذات الانفعالية تؤثر في التوافق الزواجي إذ أنه كلما ارتفعت الذات الانفعالية ازداد التوافق الزواجي حيث يتم إدراك معنى الحب و السعادة الزوجية . ( أمينة الهيل : 44,1996) كما أشار ( محمد عبد الرحمن و راوية دسوقي :1988,63,668) إلى أن نتائج بعض الدراسات اوضحت أن سمة عدم الاتزان الانفعالي كانت مميزة لغير المتوافقين زواجيا و خاصة الزوجات . وأوضحت سوزان إسماعيل (1991) أن التوافق الزواجي يقصد به "القدرة على نمو شخصية الزوجين معاً في إطار من الاحترام والتفاهم وتحمل المسئولية والتفاعل مع الحياة". (رحاب العيسوي : 2003، 63) أي أن التفاعل بين سمات شخصية الزوجة والزوج داخل نطاق الأسرة هو الذي يحدد نجاح أو فشل الزواج. * انواع التوافق الزوجي: 1-التوافق النفسي: وذلك ضرورة أن يكون الزوجان متقاربين من حيث الصفات النفسية، والمزاج الداخلي. 2-التوافق الاخلاقي: ويعني أن يكونا متقاربي الصفات ذلك أن الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات، والخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات كما يقول الرب عز وجل . 3- التوافق العمري: ويعني أن يكون الزوجان متقاربين في العمر. والافضل أن يكون الرجل أكبر من المرأة، ذلك مما يساعده إدارياً وقيمومة . التوافق الشأني: وهو التقارب في الشأن الاجتماعي والمالي والفكري * - كيف نظر الاسلام الى التوافق الزوجي : قال رسول الله ناصحا الشباب : (تنكح المرأة لأربع لمالها ، و جمالها ، و حسبها ، و نسبها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) بمعنى ان الرسول صلى الله عليه و على اله و صحبه و سلم حض الشاب على الزواج بذات الدين . في حديث اخر يقول صلى الله و سلم عليه موجها حديثه هذه المرة الى ولات الأمور من الآباء و غيرهم : ( إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه ..الحديث) ماذا نلاحظ من الحديثين السابقين ؟ نلاحظ ان رسول الله دعى الشاب الى الزواج بذات الدين ، كما دعى أولياء الأمور من جانب اخر لتزويج من يرضون دينه . و في ذلك اشارة واضحة لأهمية خلق توافق زوجي قبل الدخول في الزواج أساسا . من القران الكريم أيضاً نجد التوافق جليا في قوله تعالى : ( الخبيثات للخبيثين و الخبيثون للخبيثات و الطيبات للطيبين و الطيبون للطيبات ) إفراد رائع من الخالق جل و علا لكل طائفة مع من يناسبها و يتوافق معها . هل يقتضي التوافق بهذا المعنى ان يكون كلا من الزوجين نسخة طبق الأصل من الاخر ؟ ! تؤكد كثير من الدراسات و الأبحاث على ان هناك نسبة كبيرة من التشابه بين الزوجين المنسجمين حتى في البناء البيولوجيا لكل منهما ( في الشكل ) كما تقول الكاتبة الانكليزية ليل لاندونس ان كثير من الأزواج تتشابه ردات فعلهم تجاه كثير من الاحداث التي يتعرضون لها حيث يتأثر كلا منها بالآخر و يكسب العديد من العادات من شريكه . لكن ان يصبح كلا منهما نسخة من الاخر يقول الكاتب كريم الشاذلي الكاتب و الباحث بالعلاقات الانسانية : قبل زواجي كنت اعتقد انه يجب ان تتوافر في زوجتي مجموعة من العادات التي احب ممارستها انا ، و هي ان تكون محبة للقراءة فتقرا كتاب او جزء منه قبل النوم و تشرب الشاي لأخضر يوميا . لكني تزوجت بإمرأة لا تقرا سوى كتابات زوجها في الجرائد و لا تشرب الشاي الأخضر إطلاقا ! لكنني أعيش معها بسعادة . من كلامه يتبين لنا انه ليس من الضروري ان يتوافقان في كل صغيرة و كبيرة لنقول انهم متوافقين إضافة الى انه من غير الممكن اصلا ان يتطابق اثنان في كل شيء . هل يضمن التوافق الزوجي انعدام المشاكل الزوجية بين الشريكين ؟ ! مما سبق تبين لنا ان التوافق لا يعني التطابق و إنما الانسجام تقبل الاخر بما فيه و إيجاد الأعمدة المشتركة بينهما و العمل على تنميتها . لكن لا يعني ذلك ان المشاكل ستنعدم بينهما . ثم اذا جئنا للحديث عن تلك المشكلات يجب علينا ان نعي جيدا ان المشكلات تنقسم الى : مشكلات عابرة و اختلافات بسيطة يقوم الطرفين بحلها فيما بينهما بود و التي تعتبر ملح الحياة ليس الا و مشكلات اكبر قد تستدعي تدخل أطراف اخرى و هذه قد تنشئ برائي الى غياب التوافق او خموله بفترة من الفترات و نتيجة عدم تقدير وجهات النظر المختلفة بينهما و نتيجة عدم تقدير كل طرف لما يمر به الطرف الاخر. . ———————– مأخوذ بتصريف من : موقع أكاديمية علم النفس*