كان جو الظلم والاعتداء والسلب والكراهية يخيم على العالم قبل ظهور الإسلام، فجاء رسولنا عليه الصلاة والسلام ؛فغير الواقع من الظلم إلى العدل، وحول القلوب من الكراهية والحقد إلى المحبة والإخاء، وقشع عن الوجوه سحب التقطيب والقسوة، ورسم مكانها الفرحة والابتسامة أنت الذي من نورك البدر اكتسى***والشمس مشرقة بنور بهاك أنت الذي لما رفعت إلى السماء***بك قد سمت وتزينت بسراك أنت الذي ناداك ربك مرحبا***ولقد دعاك لقربه وحياك خفضت دين الشرك يا علم الهدى***ورفعت دينك فاستقام هناك صلى الله عليك يا علم الهدى***ما اشتاق مشتاق لرؤياك إنه خير من صلى وقام، وخير من وطأ الثرى، وخير من طلعت عليه الشمس، جمع بين الخُلق والخلق. هذا رسولنا الذي أنار الله به عقول الإنسانية، فأخرجهم من الظلمات إلى النور. ثم يأتي بعد ذلك كله _ أولئك الجهلاء_ فيمثلون فيلما مشينا ،ويرسمون صورا مخزية مسيئة ، يريدون بذلك كله أذية نبينا ،والطعن فيه، ولكننا نقول لهم كما قال لمن قبلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سبه المشركون { إنهم يشتمون مذمما وأنا محمد}. وليس بغريب تلك الأفاعيل على اليهود ، وصراعهم مستمر، فقد قال الله عنهم: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } إن من رفع الله ذكره، وعلا منزلته، فهيهات هيهات أن ينتقص من مكانته، وتهدم منزلته،((ورفعنا لك ذكرك))، وهل يضر السحاب نبح الكلاب . هذا رسولنا الذي أقرّ العقلاء من بني الإنسان كمال صفاته الإنسانية ، وأقرأ ما قاله بعض الباحثين المنصفين في رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام : يقول البروفيسور ( راما كريشنا راو ) في كتابه " محمد النبيّ " : " لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها. ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة. ... فهناك محمد النبيّ، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا ".... يقول المستشرق الكندي الدكتور ( زويمر ) في كتابه " الشرق وعاداته " : إن محمداً كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين، ويصدق عليه القول أيضاً بأنه كان مصلحاً قديراً وبليغاً فصيحاً وجريئاً مغواراً، ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الإدعاء.... هذا غيض من فيض في رسولنا صلى الله عليه وسلم من كلام أولئك المنصفين ، ول تحدثنا عن تللك الشهادات لطال بنا المقام . ويرحم الله القائل: فهو الذي تم معناه وصورته *** ثم اصطفاه حبيباً باريء النسم فتنزه عن شريك في محاسنه *** فجوهر الحسن فيه غير منقسم