"صالح بن يسلم باعلي بن سميدع " رحمه الله رحمة الابرار واسكنه فسيح جناته تجري من تحتها الانهار كما عرفته, ذلك الرجل الكريم الشجاع الشهم الذكي الفطن المتواضع , ومع الكبار كبير ومع الصغار صغير يمازح الكهول , والاطفال لتطيب خواطرهم . تربطه بوالدي صلت الفه وموده فايقة فيقول الوالد رحمة الله عندما احضر الى المكلا وانزل ضيفا عنده اصبح انا صاحب الدار واهل الدار كلهم رجال ونساء واطفال تحت امري , وعندما ياتى القائد فى زيارة رسمية الى "رخية " وينزل فى الدار عندنا تتحول الدار الى دارا للقيادة . جاءنا القائد المرحوم فى زيارة الى السودان فى عام 1957 وزار قبر والدة المتوفي والمدفون فى مدينة سواكن شرق السودان , وحضر لمدينة طوكر الزراعية التى يوجد بها جالية حضرمية كبيرة ,يعملون بالزراعة والتجارة وكان والدنا حينها موجود بطوكر , واقيمت له ولمية كبيرة ضمت جميع ابناء الجالية الحضرمية وعدد كبير من المسؤوليين والاعيان بالمدينة , وكان السودان حينها حديث الاستقلال من الاستعمار البريطاني . فقام عدد من الشباب المتحمسين للاستقلال من ابناء الجالية , وقدموا سؤال للقائد لماذا لاتخرجوا الانجليز وتعلنوا استقلال حضرموت , فرد عليهم اننا الان فقط تحت الحماية البريطانية ولسنا مستعمريين , حكومتنا داخليا مستقله تماما ولها كامل التصرف فى شئونها ماليا واداريا , والانجليز يحموننا من الطامعين فى ارضنا الغنية بالبترول والمعادن والمياة والتربة الزراعية والسواحل الاستراتيجية . وعندما يكون لدينا جيش يستطيع حماية حدودنا , سنطلب من الانجليز رفع الحماية والان جيش الدولة القعيطية لايتعدي اربعمائة جندي , والواحدي 90 جندي والكثيري اقل منه والمهري لاجيش له , , فاذا تركنا الحماية البريطانية ربما ياتى الامام من الشمال ويحتلنا , وهنا تمكن اللواء من اقناع الحاضرين بالمنطق ونال اعجابهم بشخصيته الفذه فهو موسوعة من العلوم . وعندما استلمت الجبهة زمام الحكم فى البلاد كان اكبر هم له امن العباد والبلاد , وعينوه رئيس لجنة الامن ثم انقلبوا عليه . وفى اوائل السبعينات زارنا فى السودان السيد على ناصر محمد على راس وفد حكومة جمهورية اليمن الشعبية المشارك فى احد اعياد السودان القومية , وقابلناه كوفد من الجالية بمقر نزله بالخرطوم منهم صاحب المقال والشيخ خميس مبارك باقفة والشيخ عبيد يوسف باناجه , وكان القائد بن سميدع وقتها ممنوع من السفر للخارج . وطلبنا من السيد على ناصر والذى كان وزير الحكومة المحلية حينها السماح للقائد بن سميدع بالسفر والاقامة بالسودان ونحن مطمئنين على نزاهته ونقدم لكم كل الضمانات عنه , فرد علينا المذكور انه فعلا سمع عنه واثناء عليه وقال الان البلاد فعلا محتاجة الى مثل ولائك الرجال وخبرتهم وعليه ان يتقدم لنا لعدن , وانشاء الله يكون خير . واخبرنا القائد بذلك ورد علينا انه اصبح كبيرا فى السن وقد ادي دورة كاملا ولا يرغب فى اي وظيفة جديدة ولا حتى في الهجرة الي الخارج وانه يفضل العيش فى بيته بين اولاده واحفاده واستلام المعاش فقط . وفى زيارتي للمكلا فى عام 1971 مع والدي حللت ضيفا عليه بداره العامرة بالشرج وحضر السمر لفيف من ابناء المكلا الدارسين بالسودان وعلى راسهم المرحوم سالم عمر بكير واثنوا عليه كونه لم يهرب من البلاد مثل غيره . وبعد ذلك تم اعادته الى السجن واستغربنا ذلك , وقد سمعت باذني من راديو عدن ان عائلة بن سميدع قد قابلوا الرئيس سالمين واعطاهم خطاب للمكلا باطلاق سراحه , ثم سمعنا باعدامه (انا لله وانا اليه راجعون ) وعند ذلك الخبر حزن عليه والدنا حزن شديد وقال لقد قلت له (وكان المزاح بينهم مباح ) يا ( اغبر الكبه انته شالها كلها على قرنك انها مشكلة بين قبايل حطيت مثناتهم تصلح بينهم , وان منطقة احتاجة الى اغاثة اول من تقدم لهم انت , وان منكوبين عادو من الهند انت اول من استقبلهم , وان تعاشوا رجال وحرمته دخلت بينهم تصلح وش لك من كل هذا كله وفى النهاية حصلت جزاك من الشوت ) ونسال الله كما جمعنا معه فى دار الفرار ان يجمعنا معه فى دار القرار رحمك الله يا باعلي ونسال الله سبحانه وتعالي ان يجمعنا فى جنات تجري من تحتها الانهار امين يا رب العالمين . واما حادثت القصر الشهيرة فانشاء الله نتحدث عنها فى مقال اخر . سعيد سالم باعوم السودان