في التقعيد الشرعي الديني كما هي في ا لتوصيف السياسي تقع مفردة ( الموالاة)في تطابق تام مع التبعية منهجا ومقصدا وهي في حقيقة الأمر قدجاءت للتنبيه على خطورة الانجرار في المواقف فعلا وقولا وسلوكا وربما ما يفرضه( الوالي) على( الموالي) من طلبات عدة لا حصر لها خدمة له ولمآربه..!! ولخطورة الموالاة في بداية الدعوة الإسلامية نجد أن القرآن وقف معها بشكل قطعي لا مواربة فيه للخوف من تسلل الانهزام الداخلي إلى صفوف المسلمين وخاصة الذين هم حديثو عهد بالإسلام كما هم في الطرف المقابل ضعاف نفوس دخلوا الإسلام لأغراض خاصة بهم ولم يكن لدينهم إخلاص فبالتالي كان ميلهم للطرف النقيض من الكفار أكثر وأعظم وهم بذلك مثلوا خطورة كبيرة على حالة الاختراق للجبهة الداخلية الذين سعوا ربما بالقصد منها وهذا الأرجح في الاحتمال كما تقول كتب التاريخ ..!! مفردة ( الموالاة) استخدمت باتجاهات عدة في النسق المعرفي الإسلامي الدعوي بوعي وبغير وعي في خطاباته بكل ألوان طيفه وتلوانات شفقه الذي تعددت وأختلط عندها الحابل بالنابل فلم تعد تميز في التوظيف الصحيح للموالاة بين مجتمع منفتح اليوم بكل فضاءاته ومقتضيات الحاجة لها مع الإلتزام منهجا وفكرا وسلوكا لتوجهات عقيدته وبين مجتمع إسلامي وليد مغلق يتوجس من اختراقاته المبكرة للقضاء على دعوته ودينه في مهدها ..!! نحن اليوم أمام تشكلات جديدة وفرز من نوع خاص في الحالة الجنوبية يتطلب وعيا معرفيا قبل أن يكون سياسيا فيه من وضوح الرؤية وتحديد المواقف مايستدعي التحصين الكلي من حالات الاختراق المفضية لإحداث شرخ أو ضعف أو تذبذب أو تململ في بنيات الجسم الداخلي الجنوبي وهو مدعاة للتبصر وعدم الانجرار مع كل من يركب الموجة أو يتخذ مواقف معلنة أو غير معلنة في خطابه أو سلوكا ته باتجاه الميل إلى الخصم أو مغازلته أو التماهي مع خطابه والأخذ بما يطرحه والتسويق له في داخل جبهتنا ..!! كما إننا اليوم نرى من أولئك الراكبين على كل موجة أو من المخترقين صفوفنا أمنيا ورافعين خطابا ربما يفوق خطاب قياداتهم المحسوبين عليها وهم حين تتفحص أفعالهم ترى أن نتائجها مفضية بلا شك إلى القطيعة بين الأطراف الداخلية وإحداث حالة من التشقق وعدم الثقة وبث الفرقة في بنيان الجسد الواحد وهم بذلك يمثلون حالة من حالات الموالاة المبطنة غير المرئية للنظام الأمر الذي يستدعي الحيطة والحذر وترصد حالاتهم وضبطها ومن ثم التعامل معها بحكمة بعد التقين منها ..!! من هذا المنطلق وبهذه المستويات المتعددة نجد أن هناك أصناف عدة من (الموالين) منهم العوام والنخب المثقفة وأصحاب الرأي والحل والعقد في المجتمع وهم الأخطر وفي الموالاة الثقافية ما ينبغي الوقوف عنده بجدية والتعامل معه بحزم ذلك أن تأثيراتها على تشكل حالة الوعي عند الناس أكثر وأعظم وهو مايجعل التعاطي معه بخوف والتوجه له بفضح خطابهم المنمق والمبطن بكثير من المغالطات التي تلبس الباطل بالحق فيراه العوام من الأمة حقا ..!! ولعل في (النفعية ) والإفراط في البحث عن المغانم الشخصية والذاتية المقيتة هي أهم مايمكننا أن نراه في تمثلات شخصية ( الموالي) السلبية التي تجر معها لوطنها ولمجتمعها ولفكرها ومكونها الويلات والخيبات إذ أن هناك بالمقابل (المولاة) الإيجابية التي يحمل معها الفرد في سلوكه حس الانتماء للوطن والإخلاص لقضيته وفكره وعقيدته ومكونه الذي ينتمي إليه كما أنه نراه متحررا من قيود الذاتية الآسرة له ولا يمت للنفعية سلوكا البتة بالمطلق ..!! إن ميزان (الموالاة) الحقيقي في تشكلات المواقف وتبدلات الأحوال سوف يفرز بلا شك هذه الأنماط من الشخصيات التي مثلت هذه الأدوار على مر العصور والأزمان وتركت لنفسها بصمات مذلة مخزية في تاريخ أوطانها وهو ما نراها اليوم في مناظر هزيلة لا تحمل لها العيون إلا الإزدراء والشفقة عليها ولها كل مفردات العار من فعل كهذا لايخرجها عن دائرة التآمر على شعبها وأهلها الذين تراهم يسحقون في شوارعهم بمجنزرات النظام الذي يوالونه بكل صلف ..!! اكرم أحمد باشكيل 23 مارس 2013م