يصادف هذا اليوم يوم السابع عشر من سبتمبر 1967م الذي يصادف الذكرى السادسة والأربعون لسقوط ماكانت تسمى بالسلطنة القعيطية على أيدي ثوار الجبهة القومية وانطوت صفحة من حكم هذه الدولة على أجزاء واسعة من محافظة حضرموت استمرت قرابة مائة عام إلى عام 1967م ورغم بعض المآخذ والتحفظات على إدارة هذه الدولة إلا أننا نستطيع القول بكل تجرد وحيادية أنه تم تأسيس دولة مدنية حديثة انتقى فيها إلى حد كبير التعصب القبلي والطائفي والثارات وتحققت فيها إلى حد كبير مبادئ العدالة الاجتماعية بين مختلف طبقات المجتمع. وارتبط سقوط هذه الدولة وغيرها من السلطنات والمشيخات بمتغيرات إقليمية وعربية في فترة الخمسينيات والستينيات طغى عليها المد القومي والثوري الذي كان سائداً في المنطقة العربية والتحرر من الاحتلال الأجنبي وركائزه. وقد تأثر ثوار الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل والذين أسقطوا هذه السلطنات والمشيخات والتي تربو عن العشرين سلطنة ومشيخة وإمارة ليتم الإعلان عن استقلالها يوم الثلاثين من نوفمبر 1967م في دولة ذات سيادة سميت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية،كان معظم قيادات الجبهة القومية ينتمون إلى حركة القوميين العرب التي تعتمد في أهم منطلقاتها على جانب الانتصار للوحدة العربية والحرية والعدالة ومحاربة كل مايدعو الفرقة و التشرذم والانفصال أو أنشأ كيانات صغيرة وهزيلة. وعندما سأل القيادي البارز في الجبهة القومية الحاج صالح باقيس عن سبب إسقاط السلطنة القعيطية فيما إذا كان السلاطين خونة أم فاسدين فأجاب بكل صراحة لا هذا ولا ذاك،وإنما الرغبة في التغيير لدى شعوب المنطقة آنذاك. وبعد تحقيق الاستقلال الناجز في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م والإعلان عن جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية،ذابت محافظة حضرموت التي تضم سلطنة القعيطي والكثيري في هذه الدولة الوليدة،وخلال(23) عاماً من عمر هذه الجمهورية لم تحظَ محافظة حضرموت بنصيبها من التنمية بما يليق بمكانتها وبما تختزنه من موارد وإمكانيات طبيعية وبشرية وتعرضت للتهميش في العديد من المجالات وابتلت بالمركزية الشديدة والمفرطة حيث كان المركز عدن حينها يستحوذ على معظم الإمكانيات والموارد والطاقات وصلت طوال هذه السنوات تعاني الأمرين صابرة محتسبة. وكما يقولون ما أشبه الليلة بالبارحة حيث تكررت مأساة حضرموت مرة أخرى بعد تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م حيث لم تعطَ نصيبها المستحق من التنمية المستدامة ومن المفارقات في هذا الأمر أن هذه المحافظة أصبحت من المحافظات التي ترفد ميزانية الدولة،حيث تمتلك نسبة كبيرة من الثروة البترولية التي تمّ اكتشافها بعد الوحدة بأعوام قليلة،وتقول بعض المصادر أن قيمة ما أنتج من بترول المسيلة يصل إلى مايقارب 140 مليار دولار خلال أكثر من 20 عاماً من الإنتاج ولم تنفذ العديد من المشاريع الإستراتيجية العملاقة التي كانت تنتظرها المحافظة بفارغ الصبر منها مصفاة حضرموت وميناء بروم والقاعدة الصناعية التي ستمتص البطالة لآلاف الشباب في هذه المحافظة الواسعة والمترامية الأطراف والتي تقدر مساحتها بثلث مساحة الجمهورية،وخلال أكثر من 20 عاماً كانت تُدار البلد وفق نظام المركزية الشديدة والمقيتة والتي كانت من الأسباب الرئيسة لما تعرضت له البلاد من أزمات وتوترات واحتقانات تُوجّت بالأزمة السياسية التي عصفت بالوطن في فبراير 2011م وكادت أن تؤدي بالوطن إلى حرب أهلية طاحنة فاصلة لولا انتصار صوت العقل لدى فرقاء العملية السياسية والوساطات الإقليمية الدولية بالتوقيع على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة،ومن بين آلياتها التنفيذية الحوار الوطني الشامل الذي جمع فرقاء العمل السياسي والشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني. ونحن على مشارف اختتام الحوار الوطني الشامل الذي سيضع الآليات المناسبة لبناء دولة مدنية تستند على دستور يحقق المواطنة المتساوية والعدالة والتوزيع العادل للثروة. في ظل هذه الترتيبات السياسية والاتفاق على شكل الدولة بصورة توافقية يجب أن تحظى محافظة حضرموت بمكانتها اللائقة بها وأن تستفيد من نسبة كبيرة من الثروات الطبيعية التي حباها الله وأن يزول عنها ما لحق بها من ظلم وإجحاف خلال أكثر من 40 عاماً منذ أن أذيبت في دولة الاستقلال عام 1967م وهناك حالة من التفاؤل تسود أبناء المحافظة بأنّ الوضع سيكون في الفترة القادمة أفضل وأجمل وستعوض هذه المحافظة الصبورة عن مال لحق بها من غبن وإجحاف وهذه الحقوق مافتئ أبناء المحافظة يطرحونها في كل المنابر وكما يقولون ماضاع حق وراءه مطالب.