علينا ان نقرء الفنجان التونسي بتاني ثم لنرصد مواطن التقارب التطابق بيننا وبينهم , لم ينتظر التونسيون طويلاً حتى تمكنوا من ترجمة محلية لوثائق \"ويكيليكس\" الشهيرة، الخاصة ببلدهم، فحصيلة تونس من الوثائق كانت قليلة لكنها عميقة، ووصلت الى الشارع الذي يمكن القول أنه استند الى تقديرات تقول بأن العالم لن يدافع عن نظام بن علي. كرة اللهب التي كبرت وتدحرجت في عموم تونس أمس كشفت لكثيرين حول العالم بأن مستصغر الشرر يمكن أن يتحول الى حرائق كبيرة تجرف في طريقها أنظمة وحكومات وجنرالات، إن لم يوفقوا في تقدير الغضب الشعبي، وإستمروا في نظام القمع المدني والعسكري والأمني، فإحتجاجات تونس التي إنطلقت من \"سيدي بوزيد\" ولم تكن تستهدف إسقاط النظام بادئ الأمر، ولم تصل أغلب وقائعها للإعلام في بداياتها، جاءت تاليا لتسريب العديد من الوثائق الدبلوماسية الأميركية التي سربها الموقع الإلكتروني الشهير (ويكيليكس)، وهي تقارير صدمت التونسيين، وربما أملت تحركهم نحو التغيير والإصلاح. يستحق منا الشعب التونسي الشكر مرتين لا مرة واحدة، الشكر لانه اثبت ان الشارع العربي ليس ميتا مثلما توقع الكثيرون، ونحن منهم، وانه قادر على الانتفاض وتقديم التضحيات من اجل التغيير، والشكر ثانيا لانه فضح الانظمة الغربية التي تشدقت دائما بدعمها للحريات وحقوق الانسان وقيم العدالة والديمقراطية. فلولا هذه الانتفاضة المباركة لما جلست السيدة هيلاري كلينتون مثل الاستاذة توبخ تلاميذها وزراء الخارجية العرب الذين التقتهم في 'منتدى المستقبل' الذي انعقد في الدوحة يوم امس الاول، وتلقي عليهم محاضرات في الديمقراطية وحقوق الانسان والحكم الرشيد وتطالبهم بالاستماع الى اصوات شعوبهم في هذا المضمار. ولولا هذه الانتفاضة لما تجرأت السيدة كلينتون نفسها على خرق التقاليد الدبلوماسية المتبعة، والالتقاء بقادة احزاب المعارضة في اليمن اثناء زيارتها لصنعاء وحثهم على التقدم باقتراح 'بدائل' عن حكم الرئيس علي عبدالله صالح. اقول بالفم المليان ان المعارضة في اليمن اشبه بقارئة الفنجان \"تخيلوا شاب احرق نفسه فقط فاشعل ثورة دون أن تتحرك الأحزاب اليمنية المعارضة لإشعال ثورة على مهجري الجعاشن وغيرهم\" ويضيف \" فلتذهب الأحزاب المعارضة إلى الجحيم وليكون اليوم الذي يغادر فيه الرئيس صالح البلاد هو ذات اليوم الذي يغادر فيه عبدالوهاب الانسي وغيره من قادت المعارضة الذين يستجدون العدالة استجداء . لقد عانينا طويلا في اليمن وتمزقت اسر بسبب اساليب الاقصاء والتجويع التى مارسها النظام, و هناك الملايين قد انتحرو والالاف قد احرقو انفسهم ولكن لاحياة لمن تنادي .