قطع الطرقات ليست من شيم اليمنيين وقيمهم العربية الاصلية ولا هي من الدين الاسلامي في شيء , حيث ان قاطع الطريق في ثقافتنا منبوذ ومرفوض من كافة افراد المجتمع نظرا لبشاعة العمل الذي يقوم به ذلك الفرد من قطع للطريق وإخافة السبيل مهما كان الدافع وراء عملية قطع الطريق. في الماضي البعيد من حياة العرب الاولين وخاصة العصر الجاهلي وجد ما سمي بالصعاليك وهم الذين نبذتهم قبائلهم وحكمت عليهم بمغادرة تلك القبائل نظرا لسلوكهم غير السوي , الذي كان يدفع القبائل العربية الى اعلان براءتها من اولئك الافراد ونفيهم خارج مجتمعاتها القبلية ليصبحوا مشردين في الصحراء. اولئك الافراد المطرودين من قبائلهم تجمعوا وشكلوا ظاهرة جديدة في حياة العرب في ذلك الوقت عرفت بظاهرة الصعاليك , ومارسوا التقطع في الطرقات لعابري السبيل بدافع السرقة ونهب ما بحوزتهم من اموال , وبهذه الطريقة عاش الصعاليك حياتهم على هذا النمط حتى جاء سيدنا محمدا صلى الله عليه واله وسلم برسالة الاسلام التي وضعت حدا لمن يقطع الطريق ويخيف السبيل وهو حد الحرابة. وفي عصرنا الراهن ومع اتساع مظاهر الفساد والفوضى برزت مظاهر قطع الطرقات من جديد , لكن ليس على ايدي الصعاليك التي نبذتهم قبائلهم وإنما على ايدي مشايخ القبائل انفسهم الذين يقودون عمليات التقطع في الطرقات وإخافة السبيل واحتجاز السيارات لأسباب ومبررات عديدة , وفي ظل تجاهل واضح من الاجهزة الامنية للدولة التي تنتهج سياسة ارضاء المشايخ لكسب ولائهم حتى ولو كان على حساب امن الوطن واستقراره . هذا هو حالنا اليوم في اليمن مشايخ القبائل هم قطاع الطرق وصعاليك الدولة المدنية الحديثة , ولو انكر عليهم فردا من افراد القبيلة عملهم هذا باعتباره جرما وعملا غير مشروع لا يقره عرف ولا دين ولا ضمير لقرر شيخ القبيلة والقبيلة من وراء نفيه خارج القبيلة وطرده منها باعتباره صعلوكا يتدخل فيما لا يعنيه ويتطاول على شيخ القبيلة ورجالها المتقطعين الصناديد. ربما نكون قد ظلمنا المشايخ وتجنينا عليهم لا سيما عندما لا تقوم الدولة بواجباتها ومهامها ووظائفها في تحقيق العدل وكبح الظلم والعدوان ومحاسبة المعتدين ايا كانوا ورد الحقوق الى اصحابها , وإلا فما فائدة الدولة وما الجدوى من وجودها اذا كانت تتفرج على ما يجري في البلاد من فوضى وفساد وقطع للطرقات وإخافة السبيل واختطاف للأفراد , ولماذا نلوم الشيخ وقبيلته التي تدافع عن حقوقها ومصالح افرادها التي تعرضت للخطر من قبل قبيلة اخرى , فمارست التقطع في الطرقات لاستعادة حقوق وممتلكات افرادها بعد ان عجزت الدولة عن اداء واجباتها في حماية ممتلكات المواطنين. ان الدولة في الاول والأخير هي المسئولة عن كل ما يجري من عبث وفوضى في البلاد , فهي من شجعت على ممارسة تلك الاعمال المشينة مثل التقطع والتخريب وخطف السياح والمواطنين ونهب المال العام وغيرها من الاعمال المخالفة للنظام والقانون , فالدولة هي من كافأت خاطفي السياح بمناصب عليا ومبالغ مالية وهي من شجعت قطاع الطرق من خلال تركهم دون حساب او عقاب وهي من سعت الى مراضاة كل من هب ودب وعاث فسادا في الارض بدلا من قمعه وزجره وتأديبه وصدق المثل الشعبي القائل من عمله بيده الله يزيده. باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني [email protected]