منذ ان رن جرس هاتفي الخاص باستلام الرسائل النصية ومنذ لحظة قراءة تلك الرسالة التي تفيد باستشهاد الدكتور/عبد الكريم جدبان وحتى لحظة كتابتي هذه السطور وانا مصدوما وفزعا وحزينا وشبه منهار القوى العقلية والجسدية من شدة هول الكارثة والمصيبة والفاجعة التي المت بي نتيجة لتلقي خبر استشهاد العلم الكبير الدكتور عبد الكريم جدبان، ولذا فاني التمس العذر من القراء الكرام ان كان هناك اخطاء وهفوات او ركاكة في التعبير بين ثنايا هذا المقال. كان من المفترض ان اكتب عن الشهيد جدبان عند سماعي خبر استشهاده فورا، لكني كما اسلفت عجزت عن الكلام من شدة هول الفاجعة ووقعها على النفس والفؤاد، حينها تمنيت اني لم اعرف الشهيد الدكتور جدبان معرفة شخصية كي لا يصيبني ما اصابني من الذهول والحيرة والدهشة والحسرة جراء سماع خبر استشهاد العلامة النابغ عبد الكريم جدبان. لا ادري من اين ابداء حديثي عن الشهيد جدبان، لان افكارا تراودني للحديث عنه كانسان ضرب اروع الامثلة في النبل والتواضع والزهد في الحياة، واحيانا اخرى تراودني افكارا للحديث عنه كبرلماني وسياسي صادق امين مثل شعبه وامته احسن تمثيل فكان الفارس الذي لم يخن اهله، واحيانا تراودني افكارا للحديث عنه كعالم وباحث ومجتهد وزع وقته بنظام دقيق بين العلم والقراءة والبحث والمعرفة، وبين النشاط السياسي والبرلماني فكان الصوت المدوي في مجلس النواب، وكان الصوت البارز في مؤتمر الحوار الوطني والرافض للتدخلات الاجنبية في الشؤون الداخلية للبلاد. الشهيد الدكتور/عبد الكريم جدبان هو ذلك الانسان الذي عرفه الجميع بتواضعه الكبير وبساطته العظيمة لدرجة انه استطاع ان يدخل قلوب الكثيرين من الناس الذين عرفوه عن قرب ولمسوا منه طيبته ونبل اخلاقه وحلاوة كلماته وعذوبة لسانه وبراءته وتلقائيته وعفويته، ناهيك عن زهده في الحياة، فهو البرلماني المخضرم والساسي المحنك والمثقف والعالم المتمكن الذي يمشي بلا حراس ومرافقين رغم قدرته على ذلك كونه برلماني وسياسي وشخصية اجتماعية مرموقة، وياليته اتخذ حرسا ومرافقين مدججين بالسلاح من حوله، لكي يدافعون عنه لحظة تنفيذ جريمة اغتياله غدرا وهو في امان الله. الشهيد الدكتور/عبد الكريم جدبان هو ذلك البرلماني المخضرم والصوت المجلجل الصادح بالحق في مجلس النواب يدافع عن شعبه وامته ومتصديا لارباب الفساد والمفسدين في البلاد كاشفا اساليبهم الملتوية في السطو على المال العام وسرقة ثروات الشعب اليمني من خزينته العامة وتحويل تلك الاموال الى حساباتهم الخاصة، لقد كان الشهيد خير من مثل شعبه وامته في مجلس النواب، حيث كرس جل وقته للدفاع عن مصالح الشعب اليمني واجتهد قدر المستطاع في رصد الاختلالات والتجاوزات التي تمارسها الحكومة ومن ثم قام بكشفها واعلانها للرأي العام، فكان الصوت المجلجل والضمير الحي داخل مجلس النواب. الشهيد الدكتور/عبد الكريم جدبان ورغم انشغالاته بنشاطات عديدة سياسية واجتماعية ووظيفية الا انه كان نعم الباحث المثابر وطالب العلم المجتهد، حيث حصل على الدكتوراه في اصول الفقه وبتقدير امتياز من جامعة صنعاء قبل اشهر قليلة تفصل بين لحظة حصوله على الدكتوراه ولحظة استشهاده والانتقال الى جوار ربه مع الشهداء والصديقين والصالحين وحسن اولئك رفيقا، لقد كان الشهيد العظيم جدبان عالما مجتهدا متواضعا بعلمه لم يكفر احدا من المسلمين كما يفعل البعض ايامنا هذه والعياذ بالله ممن يكفرون المسلمين ويدعون البسطاء من الناس الى قتالهم وجهادهم بالسيف والسنان، واخيرا نقول لمن يكفرون المسلمين ويدعون الى الجهاد ضدهم تعلموا من الشهيد الذي قتلتموه غدرا وظلما وعدوانا معاني التسامح وقول الحق حتى ولو كان مرا، تعلموا منه التواضع والزهد والشجاعة في النقد وتقديم النصح ونصرة المظلومين والمستضعفين وعدم مساندة الطغاة الظالمين المجرمين.