ان مشروع بناء الأرض والإنسان لا يمكن ان يكون إلا إذا قطع عنق الظلم وتحققه العدالة وسادت القيم الحضارية للإنسان ومن ضرورة تحقيق هذا المشروع الذي يفرض على كل العالم ان ينطلق لدراسة وفق منهجية علمية لماهية المستقبل ان الاهتمام بدراسات المستقبل من الضروريات التي لا غنى عنها للدول والمجتمعات والمؤسسات ومن تلك الدراسات التي ترى المستقبل بعدا زمنيا يمكن التحكم بصورة كما قال بريغوجين "لا تستطيع التكهن في المستقبل ،لكننا نستطيع صناعته". ان الدراسة العلمية التي تقوم على دراسة الظواهر الخفية للمستقبل والخيارات الممكنة والتي تساعدنا على تخفيف الأزمات عن طريق التنبؤ بها قبل حدوثها ووقوعها والتهيؤ لمواجهتها بتخطيط استراتيجي علمي ودقيق الأمر الذي يؤدي إلى السبق والمباداة للتعامل مع المشكلات قبل ان تصير كوارث وإعادة صناعة الخرائط السياسية على أسس علميه. بات من الضروري ان نفهم الدراسات المستقبلية التي لا يمكن ان تحدث من دون تطور في الوعي لدى عامة الناس ، سواء كان ذلك في وسائل الإعلام أو عن طريق برامج التعليم في المدارس والجامعات، فمن دون الاستشراف العلمي للمستقبل اليمني في إطاره العربي، ستبقى محاولات معالجة القضايا العربية الكبرى معلقه وفي إطار التمنيات وستظل عاجزة عن الفصل في الخيارات المطروحة فما زلنا نعاني غيابا شبه تام للرؤية المستقبلية في كثير من مظاهر حياتنا في بنية تفكيرنا. ان خلق تيار يحمل مشروع البناء يمتلك عقلا منهجيا نقديا متمردا على كل أشكال التابوهات الموروثة والمصنوعة وإذا لم نسع لإعادة تشكيل العقل اليمني وفق تلك الاسس فانه عبثا نحاول وضع رؤية مستقبليه او دراسات استشراقية ونحن مازلنا أسرى لأنواع من اليقين السلفي عوضا من إطلاق مشروع فكري عقلاني واقعي قادر على توسيع النقاش حوله على ان يحرك المياه الآسنة مشروع البناء ومنهجية المستقبلية هو بديل للسلفية المتطلعة الى بناء مشروعها الممثل بإعادة الماضي واحياء دولته وفراديسه المفقودة في غير سياقها التاريخي.
* نقلا عن أسبوعية حشد اليمنية الصادرة كل يوم احد العدد (353) الموافق 5 يناير 2014م