كان الواضح ومنذ بداية الأزمة في اليمن من وقع وايقاع محطة "2011م" عام كثورات انه لا مشكلة في الرحيل، والأزمة هي ازمة البديل كواقع وتوافق واقعي يجنب البلد كوارث الحروب والتدمير والأسوأ والأشنع. ومع كثرة ما طرحنا عن كون المشكلة في البديل السلمي والحل السلمي فالفضائيات ظلت ترفض التعاطي مع البديل السلمي والحل السلمي، فيما كان الواضح ان الإصرار على ما سمي "الحسم الثوري" كتصعيد كان بمثابة الإصرار على حروب هي بمثابة الكارثية. ذلك يؤكد ان المحطة في ارضيتها الخارجية الغربية لم تكن تعر أي واقع اهمية او تهتم بالواقعية في أي واقع وبتصعيد الصين وروسيا موقفهما في مجلس الامن هو الذي دفع المحطة للتعامل مع الحلول والبدائل السلمية في الحالة السورية او غيرها، في ظل ما يطرح من خلاف روسي امريكي حول صيغة حنيف للحل السلمي ، فبينما تسمع في الفضائيات بأن دولا تتوسط او تضغط على روسيا لتمنح الرئيس بشار الأسد حق اللجوء السياسي فيما النظام بسوريا وروسيا ينفيان اتفاقا في صيغة حنيف على رحيل الرئيس الاسد اصلاً. في اليمن الرئيس السابق "صالح" سارع بنفسه لطرح مشروع مبادرة رحيله مبكرا، وبالتالي الرحيل لم يعد المشكلة ولا العائق وانما البديل لتوافق وكسلمية للواقع تحافظ على السلم الاهلي والاجتماعي.
ديمقراطية وحداثة الموقف الروسي الصيني في مجلس الامن احدث تأثيرا ايجابيا لصالح واقع الشعوب ويراع الواقعية في كل واقع وكأنما المحطة بأرضيتها الغربية تخلت عن تطرف جنوني في الإصرار على الرحيل الفوري في موازاة الاصرار على الحسم الثوري. لقد قلنا منذ البداية ان كل الحكام لن يكونوا "بن علي" تونس، الذي اعد مشروعا لهروبه منذ 1989م، وبالتالي كان يفترض ان تضغط المحطة على الحكام والانظمة للقبول بالرحيل في اطار البديل والحل السلمي خاصة ومعظم الثورات ان لم تكن كلها لم تصل الى الحد الادنى من شعبية استحقاق ما تسمى ب"ثورات سلمية". اذا توازن قطبي الحرب الباردة جعل سقف الاستقلالية عاليا وانعكس على ما عرف بالشان الداخلي فالثورات حين تأتي من محطات مد الغرب بالأسلحة ان لم تعد الاستقلالية تعنيها بأي سقف او حد، فإن عليها مراعاة واقع واوضاع الشعوب التي جاءت الثورات من اجلها كما يزعم. عدم توفر هذه الواقعية وعدم مراعاة كل واقع هي شمولية غربية وفي محطة اساسها وثقلها الغرب كتصدير للشرق وهذه الشمولية لا يمكن تغطيتها او التغطية عليها بالثورية او شعارات الحريات والديمقراطية والحداثة. اذا رئيس القوى الثورية ورئيس المجلس الوطني للثورة في اليمن الاستاذ باسندوة بات رئيس حكومة الوفاق الانتقالية فذلك يعني عدم الحاجة واقعيا للتطرف الثوري الذي اختلط ترهيبه بالإرهاب كأفعال وتفعيل في واقع اليمن.
فلول لنظام اذا قضية اليمنيين والشعب اليمني الاهم كالوحدة، رحلت في اطار الحل السلمي والوفاق والحكومة الانتقالية الى حوار وطني سيجري خلال الاشهر القادمة، بعد الفترة الانتقالية، فذلك يؤكد ان الذين تعاطوا بشعارات الحسم الثوري والرحيل الفوري مارسوا جنوحا متطرفا الى حد الجنون تجاه اليمن الواقع والشعب بغض النظر عن النظام او واقع الاصطفاف كشعب. مجرد حصول مرشح الرئاسة في مصر احمد شفيق على أكثر من 48% تؤكد جنون شمولية تستهدف الشعوب في واقعها وحياتها وليس فقط الأنظمة كما يمارس التضليل من قبل المحطة. اذا اكثر من 48% من شعب هم مجرد فلول لنظام بعد رحيله منذ اكثر من عام ونصف فذلك يعني ان شعبية النظام قبل رحيله 70% او أكثر. وهكذا.. اما الغرب حين يفشل في ضغط الرحيل الفوري ويفشل بموازنة الحسم الثوري يبتكر ويطور بدائل شمولية وتصبح هذه الشمولية هي المؤثر والموجه للديمقراطية وهذا منطق قوة وهيمنة الغرب في المنطقة بإسقاطه شموليا وليس منطق ديمقراطيات الغرب او يمت له بصلة. ما دام الغرب المحطة واصطفاف ما تسمى بالثورات سار الى التعامل مع واقع وازمات بلدان الى اتفاقات وحلول سياسية مع الانظمة كطرف فمصداقية المحطة والاطراف الداخلية تؤكد او تنفي من خلال مصداقية التعامل بهذه الحلول ومعها. اذا هذه الاطراف توقع اتفاقات حلول سياسية وحين تسير في التطبيق تمارس الانقلاب الجزئي والتصعيد على الاتفاق والطرف الشريك ، فذلك يؤكد في الاهم ان هذه الاطراف تكذب على الواقع والشعوب كمحطة وكأطراف داخلية.
بقايا نظام مفردات "بقايا نظام" التي يتعامل بها في ظل تطبيق اتفاق سياسي او "فلول نظام" حين يتعامل بها مع ديمقراطية وانتخابات كما الحالة المصرية هو شمولية القمع للشعوب وللواقع وللديمقراطية ويعري اطرافا داخلية لا تحترم "الف باء" اتفاقات وحلول سياسية، فهي غير المحترمة والتي تفقد الاحترام. الغرب تجنب تقليد الشرق كثورات من خلال الانقلابات كما لم يكن لصالحه تكليف الاجهزة الاستخباراتية بحزمة انقلابات توصل الاخوان الى الحكم في عدة بلدان الانعكاسات ذات السلبية عليه لاحقا كغرب خاصة ومحطاته هي اسلمة وحروب لصالحه بالاسلام والمسلمين وعلى الاسلام والمسلمين. وهو لذلك لجأ الى محطة ممسرحة في اطار ما يعرف ان العالم انتقل بعد الحرب الباردة الى عالم المسرح الحي والمسرحية كثيرة الكوميديا والتراجيديا ذروة الإثارة، فيما المسرحية في السيناريو والإخراج هي شمولية اكثر بشاعة وشناعة من شموليات الشرق. الاخوان في مصر يعنيهم ان يفوزوا بمنصب الرئيس ولو بنسبة 50.1% والاهم ان يفوزوا ومعهم السلفيون ب70% من مقاعد البرلمان. او ان الاخوان في مصر او اليمن او أي بلد شاركوا في انتخابات قبل عقد فيستحيل وصولهم الى 20% بسبب المحطة الامريكية الغربية احداث 11 سبتمبر 2001م والحرب ضد الارهاب. الفارق بين ما يحرزوه الآن وقبل عقد هو من فارق محطتين امريكيتين غربيتين هما سبتمبر 2001م ومحطة 2011م.
محطات غربية إذا هذا واقع تطوراتنا من محطات غربية كإرهاب وديمقراطية في ظل مسرحة تهويل وتهوين فما الحاجية الشمولية إضافية او لتوسيعها وتفعيلها كنقيض للديمقراطية ينفيها او ينسفها ومن تخريجات بقايا نظام او فلول نظام ونحوه؟ حروب المناطق الوسطى في اليمن لم تكن غير معمل تخريب لمواجهة الشيوعية كفكر بفكر الاسلمة وبنجاح التجربة نقلتها الى افغانستان. ومن ذلك تعرف امريكا وبدقة ان الاخوان "الاصلاح" كانوا هم النظام والحكم منذ حروب المناطق الوسطى حتى حروب صعدة التي استمرت حتى العام 2010م. علي عبدالله صالح الذي رحل كحاكم هو بقايا النظام، فيما النظام ظل ويمارس تجديد ذاته كثورية ليستمر وهو الاخوان "الاصلاح". في انتخابات 1999م دفع الاصلاح ب"صالح" مرشحا له قبل الترشيح للرئاسة، وطالب المؤتمر ان يبحث عن مرشح في انتخابات 2014م. على الاصلاح "الاخوان" البحث عن بدائل للاستعمار حتى لا تنعكس عليه وهو النظام السابق برمته وليس فقط "بقايا"..