منذ ما عرف بآخر الحروب مع إسرائيل ووضع الاستفراد والهيمنة الأميركية على المنطقة، فأهم الأحداث والمحطات غير طبيعية كجهاد يعقبه إرهاب في حالة أفغانستان وثورة تنتج خطر تصدير ثورة في إيران، ومن ثم حروب وغزو وتحرير وغزو. محطة 2011م كانت امتداداً لهذه المحطات غير الطبيعية وهي مرتبطة عضوياً بمد الأسلمة كغائية وربطت بالحريات والديمقراطية كوسيلة، وسقف هذا ما أمكن أو إن أمكن أرضية مذهبية وطائفية كما لبنان والعراق. الحرب البادرة وما رسخته من توازن قطبين عالميين في محورية كالشأن الداخلي جعلت غير المتوقع والمثير غزو أميركا للعراق لإقصاء نظام، والأكثر إثارة محطة ثورات كحزمة لإقصاء حزمة أنظمة. في ظل هذه الإثارة العالية وغير المتوقعة جعلت صعباً أو كثير الصعوبة التوقف العقلاني الواقعي لاستقراء دقيق لما يحدث أو لأبعاده وما يرتبط به كخافٍ أو مخيف. لقد ظلت المعارضات ومفكرون من العرب يطرحون مثلاً: متى نصل إلى ان يترك حاكم عربي الحكم برضاه ويتركه أو يسلمه لغيره؟!!.. إذا جاءت ثورات فأعلى سقف لما يمكنها انجازه ان تلغي التأبيد والتوريث من خلال معالجات وبدائل واقعية ديمقراطية تجاوز ذلك بمسميات بقايا أو فلول وذيول نظام هو عنفوان شمولية وشمولية عنف؛ وإن تحت مسمى "ثورة سلمية" أو ديمقراطية. الثورة والديمقراطية أو الشرعية الثورية والشرعية الديمقراطية لا يلتقيان ومحال التعاطي بكليهما في وقت واحد. فبهذا العصد والعصيد الشمولي الممارس من المحطة وأرضيتها الخارجية، نتيجة الانتخابات المصرية تعني ان 52% من الشعب المصري يمارس الثورة ضد 48% من الشعب المصري، ولا حل إلا تصويت نسبة الفلول 48% للمرشح من الثورة كشرعية ثورية في الممارسة الديمقراطية، وبذلك سيصل مرشح الإخوان إلى تجاوز النسبة العربية المتهكم عليها 99.9% ويحرز 100%. إذا 48% من الشعب المصري هي فلول نظام فكيف جاءت هذه الشعبية لنظام لم يخرج عشرة آلاف للاصطفاف معه في أسابيع الثورة كاعتصامات سلمية؟!!. إذا طرف شمولي يريد الفوز بالرئاسة من خلال مسرحة الديمقراطية فكل ما عليه هو حسبة المنافس المحتمل فوزه على النظام وحسبة 48% أو 49% من الشعب على النظام، فهذا الشعب لديمقراطية عليه اختيار المرشح الاخواني الثوري وإلا فإن 49% من الشعب لا يحتاج ديمقراطية ولا تحتاج إليه الديمقراطية، ويكفي ان يصوت المؤيدون للمرشح الثوري الاخواني. مجرد اقصاء أنظمة من خلال محطة 2011م لا يكفي لمدلول علاقة احترام مع العالم الإسلامي كما وعد الرئيس الأميركي أوباما في خطاب للعالم الإسلامي وجهه من القاهرة خلال سنوات. وإذا بات الاسلاميون هم صمام أمان الشرق الأوسط كما صرح "أوباما" فمجرد اقصاء انظمة لا يحقق شيئاً من مدلول هذا. "علاقة الاحترام" أو "صمام الأمان" لا تتأتى وتتحقق كتباشير ومؤشرات واحساس ومدلولات إلا بوصول أطراف الاسلمة إلى الحكم. إذا إقصاء أنظمة سهل أو اسهل بإثارة أي قدر من الأرضية الداخلية والضغط الأميركي الغربي الفاعل والمتنوع، فالأصعب حين تكون أميركا والغرب حددت الطرف البديل واتخذت قراراً بأن يحكم وتحتاج لاخراج ومسرحة ذلك ديمقراطياً، ولو قدر المؤيدون لشفيق ب60% لنفذ قرار العزل، وإن صعب تنفيذه سيمارس 40% أو حتى 20% الانقلاب على الديمقراطية ومعطاها بالثورة والشرعية الثورية. إذا الثورة والنظام يمثلان التضاد حتى رحيل أو ترحيل الحاكم فهذا التضاد يتحول إلى ترادف أو تطابق شمولي في الاستعمال بعد ذلك ضد الديمقراطية وضد الشعوب على أن ذلك من الديمقراطية أو هو الديمقراطية. أطراف الأسلمة تمثل الطرف الأوحد في كل واقع المهيأ من مد الغرب وهيمنته على المنطقة بالتطابق كجهاد أو تقاطع كإرهاب ليحكم حين إقصاء الأنظمة. وإذا هذا الطرف واجهته صعوبة أو مشكلة حين الاحتكام للديمقراطية فيضغط على زر عفريت "الثورة" وعفريت "حسبه على نظام"، فيأتيان إليه طائعين يرددان "شبيك لبيك عبدك بين يديك". عفريت "الثورة" يمثل شمولية الإعلام الموجه والمفخخ الممنهج للشعب، وعفريت "الحسبة على نظام" يكمل الحملات الشمولية في تدمير وعي الشعب أو مصادرة هذا الوعي وان بتهديد وإصدار قوانين شمولية للديمقراطية بدون الاستعمال الشمولي الواسع البشع لأدوات الثورة والحسبة على نظام النافي للديمقراطية، فأميركا والغرب ما كانت تستطيع بسهولة ايصال أطراف الأسلمة إلى الحكم وهو الهدف الأساسي لهذه المحطة. كأنما منطق أميركا هو إذا هذه الشعوب قبلت أو تحملت شمولية أنظمتها لعقود، فالتزامي لحكم أطراف أسلمة هو بسقف العقد، وهذه الشعوب يكفيها التغيير وان إلى شمولية سيكون ما اعلته ورفعته المحطة من شعارات ضاغطاً عليها لتخفيف شموليتها. أميركا ترى ان ايصال هذه الشموليات من خلال محطة ترفع شعارات الحريات والديمقراطية هو افضل للشعوب وأقل ضرراً من امكانية ايصالها عبر انقلابات. ديمقراطية ممسرحة هل افضل من اللاديمقراطية واللامسرح.