جاءت دعوة الأستاذ صلاح مصلح الصيادي الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطي " حشد " القوى السياسية في اليمن للاستفادة من التجربة الفلسطينية – خلال ظهوره مساء الأربعاء على قناة سبأ اليمنية بحضور السفير الفلسطيني في صنعاء .. جاءت تلك الدعوة لتفتح ابوابا للتساؤل والتأمل . الصيادي احتفى بالمصالحة و اثنى على القيادات الفلسطينية في عودتها إلى صوت الشعب ، صوت الحق والمنطق .. وتمنى ان تسعى الأطراف اليمنية إلى محاكاة النموذج الفلسطيني الاخير ، والاستجابة لمطالب السواد الاعظم من الشعب اليمني. لقد ظلت الأطراف الفلسطينية مجافية للهم الشعبي الفلسطيني زمنا طويلا وهي تائهة في معمعة الانقسامات الكبيرة والدامية التي أفرزتها الرغبة في السلطة يغذيها وينميها وضع دولي غير عادل بمساندة عربية واقليمية. وأضاعت الأطراف الفلسطينية في ذلك الزخم مشروعها الوطني الكبير وهمها الواحد و هو استعادة الأرض الفلسطينية من براثن الاحتلال الاسرائيلي الغاشم وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة، وغيبت تلك الغايات السامية في رماد الصراع المنهجي والحزبي الداخلي فحدث ما حدث من مواجهات واقتتال دامي ومؤلم أنتهى بانشقاق جغرافي بين الطرفين ضل اربع سنوات . وضلت القضية الفلسطينية والوحدة الداخلية ضحية للتجاذبات والمصالح الاستراتيجية لدول المنطقة ، فيما كان الكيان الصهيوني المستفيد الأول من استمرار مثل ذلك الانقسام الذي الحق الضرر بالقضية الفلسطينية وأجل اعلان الدولة وقلل من اسهم المؤيدين لها في المجتمع الدولي. ولأن التداعيات التي نجمت على ذلك الانشقاق قد ترجمت على الأرض بزيادة الاستكبار الصهيوني و التوسع في بناء المستوطنات و التمادي في القتل والتدمير للمقدسات والبنية السكنية والزراعية الفلسطينية فقد رأت الأطراف الفلسطينية بعد قمار سياسي دام اربع سنوات ان العودة إلى الوفاق الوطني والمصالحة الكاملة هو الخيار الأوحد لحفظ الكرامة الفلسطينية واستمرار الصمود والنضال في وجه الآله الصهيونية . الشعب الفلسطيني ظل في معمعة الانقسام رافضا لهذا الشرخ وساخطا على القيادات الحزبية داعيا اياها إلى ان تكون عند مستوى القضية الفلسطينية وطموحات وتطلعات الشارع الفلسطيني. مشكلة القوى السياسية في الوطن العربي أنها لا ترضخ لمبدأ الحوار والمصالحة الا بعد ان يحدث ما لا يحمد عقباه وبعد ان يحدث الصراع وتسقط الدماء وتتضاءل الطموحات الوطنية. المؤثرات التي شابت الازمة اليمنية وان اختلفت ، فانها تداعياتها قريبة من المؤثرات التي حدثت في فلسطين بعيدا عن المقارنة الجوهرية . والقوى السياسية والاجتماعية في اليمن اليوم بحاجة إلى الاستفادة من الدرس الفلسطيني و الاقتباس من خلاصة تلك التجربة المريرة درسا يضع حدا للانقسام الحاصل في الرؤى السياسية ويجنب البلاد الدخول في دوامة الصراع والاقتتال ، من خلال تفويت المشاريع الغربية الغير خلاقة وتغليب المصالح العليا لليمن الواحد بروح المسئولية والضمير الوطني. وما لا نتمناه هو المضي في طريق الانشقاق .. لنتسائل بعدها بمرارة .. هل نحن بحاجة إلى اربع سنوات من الاقتتال حتى نبرم اتفاقا للمصالحة؟