التفاوت في خطاب أصحاب الفتاوى بين من يُطالب بهدم بيت الله الحرام لمنع الاختلاط؛ وتكفير آخر وجواز قتل من يبيحه؛ ليأت آخرون يبيحونه؛ وثان يبيح الغناء مع المعازف؛ وآخر يتعرض له بالإساءة ليفيد بتحريمه؛ فيما يجيزه فريق مع أصوات الطبيعة !!ويتحدث جماعة عن إرضاع الكبير وجماعة تعارضه بالتجريح؛ ورابع لا أعلم من أين خرج صوته سوى من "جامعة أم القرى"؛ يُطالب الأزهر الذي له من حرمة دولته ما يمنع التدخل في شؤونه؛ بعدم الاعتراف بالمذهب الشيعي؛ معارضا منهج ولاة الأمر الذين يوصون بوحدة الوطن والمسلمين؛ حتى وصلت خلافات العلماء السعوديين من الشبكة العنكبوتية والفضائيات والمجالس إلى خطب صلاة الجمعة؛ وحوّلوا العبادة إلى وسيلة للمصادرة والحجر والتحريض والتجريح ضد علماء لهم باع في العلم الشرعي؛ لمجرد أنهم اختلفوا معهم في رأي هو في مسائل خلافية تناولتها مذاهب فقهية صحيحة؛ تعمل بها دول إسلامية؛ ومثل ذلك مما يمكن وصوله عبر وسائل الإعلام العربية والعالمية؛ مُحرج لسمعة هذه البلد الطيبة؛ والذي حقه على علمائه أن يقودوا الفكر الإسلامي بخطاب متسامح؛ ينفتح على كل مذاهب المسلمين ومشاربهم دون مصادرتها. وبصراحة شديدة؛ ظهور اختلافات وخلافات العلماء السعوديين الفقهية؛ وتفاوت لهجتهم بين السماحة والتجريح؛ ظاهرة صحية جدا في مرحلة حيوية يعيشها السعوديون؛ وضرورية لدفعهم إلى الكشف عمن تخلّق بأخلاق الدين السمح ومن خرج عنها؛ بل ويدفعنا كسعوديين إلى انعتاق من فكر إقصائي أحادي سيطر على المجتمع؛ نتيجة ما رسّخه غلو بعض الصحويين منذ بضعة عقود؛ فغلظوا على حياتهم؛ وعطلوا عقولهم؛ وباتوا لا يأكلون إلا بفتوى؛ ولا يشربون إلا بفتوى؛ ولا يُجامعون زوجاتهم إلا بفتوى؛ بل حتى وضع "المسكرة" على "الرموش"؛ واستخدام "الخميرة" في العجين باتت بفتوى؛ نتيجة جعل المغالين التحريم أصلا للأمور؛ والمباح طارئ مستبعد؛ آخذين بالعسر لا باليسر؛ في مسائل خلافية ضمّتها المذاهب الفقهية؛ التي أصّلها علماء أجلاء، اختلفوا باحترام دون تجريح بعضهم؛ فأثرونا بفضل اختلافهم لما فيه رحمة للمسلمين.