تشكيلات الانتقالي تقتحم مخبزا خيريا في عدن وتختطف أحد الموظفين    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    على طريقة الاحتلال الإسرائيلي.. جرف وهدم عشرات المنازل في صنعاء    التعاون الدولي والنمو والطاقة.. انطلاق فعاليات منتدى دافوس في السعودية    ميسي يصعب مهمة رونالدو في اللحاق به    الهلال يستعيد مالكوم قبل مواجهة الاتحاد    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    18 محافظة على موعد مع الأمطار خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للأرصاد والإنذار المبكر    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    خطر يتهدد مستقبل اليمن: تصاعد «مخيف» لمؤشرات الأطفال خارج المدرسة    اسباب اعتقال ميليشيا الحوثي للناشط "العراسي" وصلتهم باتفاقية سرية للتبادل التجاري مع إسرائيل    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    جامعي تعزّي: استقلال الجنوب مشروع صغير وثروة الجنوب لكل اليمنيين    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    تجاوز قضية الجنوب لن يغرق الإنتقالي لوحده.. بل سيغرق اليمن والإقليم    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    ما الذي يتذكره الجنوبيون عن تاريخ المجرم الهالك "حميد القشيبي"    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    اعتراف أمريكي جريء يفضح المسرحية: هذا ما يجري بيننا وبين الحوثيين!!    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    تشيلسي ينجو من الهزيمة بتعادل ثمين امام استون فيلا    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    الشيخ الأحمر: أكرمه الأمير سلطان فجازى المملكة بتخريب التعليم السعودي    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطارح مأرب.. المرجل الأخير
نشر في مأرب برس يوم 20 - 09 - 2017

يصادف 18 سبتمبر من كل عام ذكرى تأسيس مطارح مارب كواحدة من اهم التجارب الفاعلة والذكية التي توصل اليها العقل الماربي في عصر ما بعد اندثار حضارة الماربيين الأوائل، ابتكرت كحالة الهام لا تتكرر الا نادرا ،ولأولئك المحظوظين اللذين يصطفيهم الخالق لحكمة فاصلة في زمن فاصل ..

لقد مثلت فكرة المطارح القبيلة الماربية، حالة ابداع لأنسان هذه الارض الطيبة ،في مرحلة هي من اصعب واخطر مراحل الاستهداف البربري، مما منح مارب وسكانها القدرة الكافية على التصدي لمعركة كبرى لازالت رحاها تدور، ونيرانها تستعر ودواليبها تتحرك الى وجهة واضحة المعالم ، نحوها ومن اجلها مارب في قلب المواجهة مع خصم لا يهددها وحدها فحسب بل والبلد عامة ومستقبل ابنائها..

في هذا البحث المتواضع الذي نقدمه بمناسبة الذكرى الثالثة لتأسيس المطارح، سنحاول نقدم خلاصة لتجربة المطارح وتكونها، ودور القوى الاجتماعية والسياسية في هذه التجربة الفريدة ، والبدايات الاولى لعمليات الدفاع عن مارب ومن ثم الهجوم ،وعن الاهمية التي اكتسبتها المطارح كحواضن جالبة للمناهضين والمقاومين للمشروع الانقلابي من مختلف المحافظات اليمنية وغير ذلك من القضايا التي سنحاول ان تشكل في مجملها لوحة لمرحلة من اهم المراحل التاريخية لمارب وسكانها .. مرحلة دونت وقائعها ليس بالأحبار وانما بدماء وعرق الاباء والابناء ..

المطارح في اللغة والموروث

مطارح اسم جمع مطرح ،والمطرح اسم مكان من طرح، سكن او مجلس ،والمطرح : المكان البعيد ،طرح به الدهر كل مطرح: بعد به عن اهله وعشيرته.

والمطرح : المكان المنبسط حيث يعيش جماعة من الناس. اما في المورث المحلي فان المطرح هو المكان المميز حيث يجتمع القوم على داعي من القبيلة او لداعي الوساطة بين متنازعين او لغرض رعي المواشي في مواسم الامطار، حيث تزهر اجزاء من الارض دون اخرى. كما ان المطارح وهي كذلك جمع مطرح تعني: أماكن موقتة للتجمع والاقامة لجماعة من الناس، او لقبيلة في انتظار غازي، او لغرض اخر مرتبط بخلاف مع جماعة او قبيلة اخرى.

والمطارح عادة ما تكون طارئة وموقته.. وفي القدم كانت النساء يرافقن افراد قبيلتهن لخدمتهم في مطارحهم ،اما في العصر الراهن فان المطارح تقتصر على تواجد الرجال، وهم من يقومون بأعمال اشعال النار وجلب الماء واعداد الطعام .. وفي العادة فان المطارح تعني حالة تأهب لطارئ او خطر يلوح في الافق ،يتوجب الاستعداد له من قبل المحاربين في حدود بعيده عن اماكن الاقامة الرئيسية للأسر والضعن وغيره.

البدايات

يعتبر يوم 18 سبتمبر 2014م هو بمثابة ميلاد المطارح في مارب، كأجراء بدى ضروريا للاستعداد لمواجهة قوات صالح والحوثيين ،التي بدأت تعد العدة للتوجه باتجاه مارب من منطقة الجدعان ، بعد نقضها للاتفاق القبلي الموقع يوم 17سبتمبر بين قبائل الجدعان والحوثيين والقاضي بانسحاب كل من القبائل والحوثيين من مناطق الجدعان . ونتيجة لهذا النقض المعيب للاتفاق فقد تداعت القبائل في 18سبتمبر الى منطقتي (نخلا) و(السحيل ) في الاتجاه الشمالي لمدينة مارب ،واتفقت على بعض التدابير لمواجهة تقدم الحوثيين ،من بينها نصب اولى الخيام لاستقبال المقاتلين للدفاع عن مارب.

في 29يناير 2015م احتشد كذلك المقاتلون في مطارح (وشحا) جنوب مارب، واجروا عرضا عسكريا كبيرا، وفي 1 فبراير من ذات العام دشنت قبائل بني ضبيان وقبائل اخرى مطارحها بمنطقة (حصن مطول) غرب مارب ، وفي 12 مارس دشنت مطارح (نجد المجمعة) القريب من حدود مارب الجنوبية.

ان فكرة المطارح على اهميتها فكرة بسيطة الإجراء ، يبادر رجال القبائل اللذين ابدوا استعدادهم للتخييم في المناطق القريبة من خطوط التماس مع العدو بتحضير محتاجاتهم من الغذاء والماء وما تيسر من العتاد الحربي الشخصي، ومن ثم يتوجهون جماعات وفرادا الى المكان المحدد، وهناك ينصبون خيامهم ويضعون (الطرابيل) على الاشجار مكونين مخابئ تقيهم من الحرارة والانواء .

هكذا كانت الفكرة، ومن ثم تقاطرت القبائل الماربية الابية الى منطقة (نخلا) الواقعة الى الشمال من المدينة ،وخلال ايام قليلة كانت المخيمات قد انتشرت على طول الاخدود الممتد من حدود الخط الأسفلتي جنوبا وصولا الى نقطة بعيدة باتجاه الوادي السهلي في الشمال الشرقي ،هناك تواجد الطاعنون في السن والرجال الأقوياء والشباب اليافع، وللجميع هدفا واحدا لا غير، الا وهو الدفاع عن مارب بكل قوة، والتصدي الباسل للغزو الحو/عفاشي الوشيك على مارب ،وكذلك الامر في مطارح (وشحاء) حيث هبت القبائل اليها من المديريات والعزل والقرى، وخلال ايام قصيرة كانت وشحاء مليئة بالمخيمات والمقاتلين ذو المسميات والألقاب المختلفة والمتوحدة في الهدف وسبل الوصول اليه. وهو كذلك في مطارح بني ضبيان ومطارح نجد المجمعة..

في هذه المرحلة من مراحل الاستعداد للمواجهة تناست القبائل ثاراتها ومشاكلها الخاصة وتوحدت امام الخطر الزاحف نحوها ومناطقها في تجربة فريدة من نوعها ،معتمدة على الله ،وعلى افرادها وامكانياتهم الخاصة، التي يمتلكونها، او تلك التي وفروها اقتطاعا من اقوات اسرهم ،وفي تلكم الاماكن الجديدة تكونت روح بناءة، ونشأت روابط إخاء تجاوزت العشائرية والقبيلة وتحولت الى روابط اكثر اتساعا وعمقا ،هنا تجلت الروح المقاومة الجديدة وتفولذت تزامنا مع سيطرة المليشيات الانقلابية على البلد وتجيرها لكل ما فيه لصالحها وصالح مشروعها التدميري، القائم على القتل والاحتلال والاستعلاء . يومذاك قالت مارب لا للانقلابيين ..نعم للشرعية التوافقية ..نعم لمخرجات الحوار الوطني .

في تلكم المراجل الاخيرة رابط ابناء مارب على حدود وثغور محافظتهم، في خطوط الدفاع الاولى لصد المشروع القادم من الكهوف ،ومن نظام امعن في اهانة شعب وتدمير وطن ، لما يربو على ثلاثة عقود من الزمن .
في فبراير العام 2011م خرج الشعب في ثورة يقول له: كفاية ايها الطاغية ..!لكنه لم يستجب وعوضا عن ذلك ازاح الستار الخفي الذي صنعه طوال سنوات حكمه كاشفا عن مخزون هائل من ادوات القتل والتدمير المخزنة تحت مساكن المواطنين في مدنهم وقراهم ومدراسهم ومعاهدهم وجوامعهم ومستشفياتهم، في واحدة من ابشع الاعمال الاجرامية التي لا قبيل للأمم والشعوب بمثلها.
يومذاك اُبتلعت البلد ومؤسسات الدولة ولم يعد أمام الانقلابيين الا مارب ولها حضروا معركة استئصالية كبرى فيها حشدوا الجيوش المدربة والمليشيات المسلحة بإمكانيات مادية وحربية كبيرة ،وصاغوا خطاب اعلامي ودعائي فاشي استعلائي بعناوين جهوية وطائفية وسلالية ..خطاب حرك النوازع الدفينة لسكان بعض المناطق ذات التركيبة السكانية العدائية، والتي سرعان ماستجابت للمحفزات المغرية الدافعة للتوجه نحو مارب كأرض ميعاد لابد من اخضاعها ..اخضاعا لن يتأتى الا بإبادة سكانها ..!! لكن ذلك كله لم يجد نفعا مع مارب واهلها الاباة بل زادهم عزيمة واصرارا على مواجهة الغزاة بكل بسالة واقتدار، وهي المواجهة التي لاتزال مستمرة حتى اليوم ..سطر خلالها ابناء مارب، وفي المقدمة رجال المطارح، ملاحم بطولية خارقة صدوا بها العدوان، وهزموا تتار العصر على اسوار مدينتهم الصغيرة ، وحرروا مارب ومعهم ابطال اليمن من مختلف المحافظات على طريق تحرير كامل البلد من رجس الانقلاب وشرور الانقلابين .. هكذا جرت وتجري المعادلة التي غيرت قواعد المواجهة .

دور القوى الاجتماعية والسياسية في الحشد لملحمة الدفاع عن مأرب

امام الخطر الداهم على مارب كأخر قلاع الجمهورية الغير مستباحة من المليشيات الانقلابية بكاملها اظهرت القوى السياسية والاجتماعية حالة من الشعور العالي بالمسؤولية المحلية والوطنية الغير مسبوقة ،حين وضعت شعار مارب اولا ،وكرست كل الجهود والإمكانيات للوقوف ضد الانقلاب وتحمل مسؤولية الدفاع عن الشرعية والجمهورية، انطلاقا من مارب، ،عبر سلسلة واسعة من الاعمال والاجراءات المنبثقة من المطارح ،حيث تشكلت وحدات الدفاع والمقاومة الماربية.

وفي المقابل اظهرت القوى الاجتماعية كافة وفي مقدمتها قبائل المحافظة، كم هي عظيمة حينما تركت ثاراتها وتوجهت صوب الدفاع عن مارب بإمكانياتها، في اطار وحدة جامعة دون حواجز او موانع ولم تتخلف قبيلة عن نداء الواجب ، فالجميع هب واشترك بهذه الصورة او تلك، كذلك جميع القوى السياسية اسهمت بمشاركة نشطة في القضية الكبرى ،الا ان الاسهامات كانت مختلفة من حزب الى اخر وفقا ومقدراته وامكانياته المادية والبشرية مع وجود الفارق طبعا في القدرات والامكانيات وبتالي المسؤوليات.

لقد مثلت وحدة القوى السياسية الماربية امام الانقلابيين حالة نوعية قل نظيرها في المحافظات الاخرى، وتلك الحالة من التوحد على تفردها، لم يعيبها التفاوت في الامكانيات والقدرات بين مكوناتها، قدر ما عابها من الاقصاء والتهميش، والتفرد في قضايا ذات طبيعة عامة وهما مشتركا .

ومع ذلك يمكننا القول ان فرادة التجربة يمكن لها ان تكون اساسا موضوعيا للبناء عليها نحو عمل جمعي اوسع واشمل لحل الاشكاليات الكبيرة الماثلة، محليا ووطنيا .

المطارح ودورها في اعداد المقاتلين

لقد شكلت المطارح حواضن جالبة للمقاتلين ليس من مارب وحسب - بل ومن مختلف مناطق اليمن . فمجرد ان شاع خبر القوة التي اضحت عليها المطارح حتى توافد المقاتلين من اغلب انحاء البلاد، وتحولت مارب الى قبلتهم الاولى كحاضنة اخيرة لكل المقاومين للمشروع الانقلابي ..

حينذاك شهدت المطارح عمليات التدريب للمقاتلين وتجهيزهم بالمعدات الحربية ،وهناك تعاظمت القدرات والمهارات ونفذت المناورات العسكرية بالذخيرة الحية استعدادا للمعارك ، والى هناك جلب كذلك خيرة الرجال المدربين من ابناء مارب وغيرهم ،ولم تمر الا فترة قليلة واذا بها اي المطارح قد تحولت الى ثكنات عسكرية مجهزة بكل ما تتطلبه المعركة القادمة، وفي المقابل اظهرت الكثير من التشكيلات الرسمية للجيش والامن المتواجدة في المحافظة كم هي تابعة وخاضعة للانقلابين مما جعلها تشكل خطرا داهما على الاستعدادات المحلية لدفاع عن مارب ، ومع ذلك فقد تم التعامل بحكمة مع هذه المعضلة ، وقد لعب بعض القادة الوطنيون دورا مشرفا بعد انحيازهم للوطن والمواطن .

كانت شحة الإمكانيات العسكرية والطرق الكفيلة بتوفير كلما من شانه رفع درجة الاستعداد والجاهزية شاغلا مؤرقا للجميع ،وفي هذا الصدد لعب رجالات مارب الأوفياء دورا محوريا حين تنكبوا لمهمة توفير ما امكن، ولعب التجمع اليمني للإصلاح دورا رياديا في هذا المضمار قبل ان يقيض الله تدخل التحالف العربي الذي عدل موازين القوى بنسبة كبيرة لصالح قوى المواجهة للمشروع الانقلابي. وقد كان لمحافظ المحافظة قائد مقاومة مارب دورا كبيرا ومحوريا في دعم المطارح ورجالاتها . وهو الدعم اسهم دون شك في تشكل حالة الثبات والصمود الاسطوري امام المخاطر الماثلة. اذ لعب هذا القائد الماربي دورا تاريخيا مهما في قضية الدفاع عن مارب ووحدة ابنائها.

أولى المعارك

بعد تأسيس المطارح نشبت اولى المعارك مع قوات الانقلابيين في 19مارس 2015م، حين بدأت القوات الغازية بمهاجمة مارب من الجهة الجنوبية، المحاذية للبيضاء (منطقة قانية) ،فكانت معركة كبيرة وشرسة اظهرت فيها قوات الدفاع الماربية جسارة وبطولات كبيرتين ،لقنت فيها القوات الغازية هزائم قاسية ،منعتها من اي تقدم من تلك الجهة ، مما جعلها في 21 مارس تتوجه الى حريب عبر بيحان ، وهناك درات معارك كبيرة لا تقل شراسة عن سابقته ،ابلت القوات الماربية خلالها بلا بلاء حسنا، مكنها من وقف تقدم الغزاة من هذه الجهة كما كان الامر مع جهة قانية . وفي 12 ابريل فتحت قوات الحوثيين وصالح جبهة صرواح غرب مارب، وفي هذه المعركة خاضت قوات القبائل ووحدات الدفاع الماربية معارك ملحمية كبرى على مدار سبعة اشهر سحقت فيها اكبر مجموعة من القوات المدربة للانقلابين عدة وعتادا ، ورغم التضحيات والبطولات الاسطورية للقوى المدافعة الا ان القوات المعادية تمكنت من الوصول الى مشارف عاصمة المحافظة، وعند اسوارها حدثت اشرس المعارك على الاطلاق . وخلال الفترة من 14 سبتمبر الى 22 اكتوبر حدثت الانعطافة الكبرى في سير المعارك لحظة اشتراك الجيش الوطني والتحالف بريا وذلك بدحر القوات الغازية من اطراف المدينة ومنطقة الفاو والجفينة والبلق والطلعة الحمراء وصولا الى كوفل واطراف صرواح ..

لقد مثلت معركة مارب تحديا كبيرا للإرادة الماربية ، وفي هذا المعمعة نجح ابناء مارب ومعهم ابناء اليمن اللذين توافدوا على مارب ،مقاومين وجيش وطني من تغيير المعادلة لصالحهم بدعم واسناد كبيرين من قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية ..هذا التحالف الذي قدم الدعم الكبير على مختلف الاصعدة، ولولاه لكان الوضع مختلفا جدا ، ولربما تمكن الانقلابين من السيطرة على مارب بما تعنيه من رمزية جغرافية اخيرة للمقاومة امام غطرستهم ومشاريعهم ..

الأهمية التاريخية للمطارح:

أ‌-الاهمية المحلية:

- اظهرت الوحدة الجمعية لأبناء مارب الاحرار .
- شكلت حواضن جالبه للمقاتلين ووحدتهم امام الاخطار المحدقة بهم.
- الهبت حماس الجميع وجعلتهم يتوافدون دون خوف او وجل.
- شكلت حالة دفاعية فريدة من نوعها اخافت العدو ومنحت الفرص الضرورية لمزيد من التحضير والاستعداد للمعارك.
- ساعدة على الكشف عن قادة افذاذ تصدروا قيادة المعارك بجدارة واقتدار، منهم من استشهد ومنهم من جرح، جميعهم كانوا على مستوى المسؤولية الكبرى ولم يخيبوا الآمال المعقودة عليهم .

ب‌-الاهمية الوطنية:

- شكلت المطارح اماكن جذب للمقاتلين من المحافظات الاخرى.
- اظهرت لليمنين ان هزيمة الانقلاب ممكنه .
-جعلت من مارب رقما فاصلا في المعادلة الوطنية القائمة على مقاومة الانقلاب.
- وفرت للمقاتلين ارضا يتدربون عليها وساحة يتجهزون فيها لخوض معركة وطنية.
- منحت الشرعية امكانيات كبيرة لتواجد والحركة والمناورة .
- مثلت رقما مهما في مجمل الحراك المصاحب للمعركة الكبرى .
- ساعدت في اقناع الاقليم ودول الجوار بالتدخل وتقديم المساعدة لليمنيين.

ختاما
نود القول بأن هذا البحث يبقى غير مكتمل وشامل لتجربة المطارح وقضية الدفاع عن مأرب ودحر قوات الانقلابين هنا، مما يعني أن الامر يتطلب المزيد والمزيد من الدارسة والبحث والتقصي التاريخي واستحضار الاحداث كاملة بما في ذلك اسماء القادة والشهداء والجرحى وغير ذلك، مما يسهم في شمولية التدوين التاريخي لملحمة الدفاع عن مارب ودحر الانقلابيين، وهو الهدف الذي لم ولن يتحقق الا بعملية توثيق شامل وحصيف لمرحلة فاصلة من حياة الماربين واليمنيين عامة، من قبل الكتاب والاعلاميون وغيرهم من نشطاء المجتمع...

*المصدر: صفحة الباحث على الفيس بوك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.