القنصلية اليمنية تصدر تعليمات هامة للطلاب والمسافرين الى الهند    وزير الشباب يلتقي إدارة نادي شباب الأحمدي الرياضي برداع    اجتماع برئاسة وزير الثقافة يناقش عمل لجنة الرقابة على المنشآت السياحية    وزير النقل: الصعوبات والمعوقات التي يواجهها ميناء الحديدة سيتم تجاوزها    جدلا واسعا ومطالبات بتحرك دبلوماسي عقب اعتقال فتاتين يمنيتين في القاهرة    بسبب استمرار الحرب على غزة .. القاهرة ترفض تعيين سفير إسرائيلي جديد    شركات أمنية رافقت نساء المنظمات والشرعية يوم أمس    بدء الجولة الرابعة من المفاوضات بين طهران وواشنطن في مسقط    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 11 مايو/آيار 2025    "حماس": على العالم أن يرفع (لا) كبيرة في وجه نتنياهو    ارتفاع شهداء الإبادة الصهيونية إلى 52 ألفا و829    زيارة ترامب للمنطقة ومحطتها الاولى الرياض والملفات الشائكة    عن خروج حرائر النساء للشارع.    وفاة شخص وإصابة آخر إثر انقلاب مركبة وسقوطها في عرض البحر بمدينة المكلا    الريال السعودي في الجنوب عمالة وفي اليمن وطنية    نقابة الصحفيين تعلن رفضها محاكمة المليشيا للزميل المياحي وتطالب بإطلاق سراحه    انتشار فيديوهات مفبركة بالذكاء الاصطناعي ل"كوكب الشرق"    دراسة: المصريون القدماء استخدموا "تقنية بركانية" وآلات قديمة عالية التقنية لبناء الأهرامات    نجل الخائن العليمي يحصل على القطاع اس -5 بشبوة    اليوم برشلونة والريال..السباق على الليقا    رسالة مفتوحة إلى وزير الخارجية    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    ثورة النسوان.. تظاهرة لم تشهدها عدن منذ رحيل بريطانيا    بايرن ميونخ يتوج بطلاً للدوري الألماني اثر تغلبه على بوروسيا مونشنجلادباخ    الملك سلمان يرعى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    بايرن ميونيخ يحتفل بلقب الدوري للمرة ال 34 ويودع نجمه المخضرم توماس مولر    الموسم المقبل.. 6 أندية إنجليزية في دوري الأبطال    "صوت النساء يعلو".. احتجاج نسوي واسع يطالب بإنهاء التدهور الخدمي والمعيشي في عدن    رسالة الحرائر إلى رأس الافعى الذي منع توريد وقود الكهرباء    مرحلة عصيبة ومعقدة تمر بها عدن    مايهزك نبيح ياعدن    وثيقة عقوبات قبلية تثير استياء واسع في اوساط المثقفين اليمنيين    الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا    - كيف ينظر وزير الشباب والرياضة في صنعاء لمن يعامل الاخرين بسمعه اهله الغير سوية    المقالح يبدي خشيته من استغلال اتفاق مسقط لتعزيز الكيان الانفصالي    العدالة للداخل قبل الخارج..!    تصاعد جرائم اختطاف وتهريب المهاجرين الأفارقة في شبوة    يعاقبون لأنهم لم يطابقوا القالب    إنصاف ينفذ جلسة إرشادية في الدعم النفسي للنساء في الأحياء الشعبية    أميركا والصين تختتمان جولة أولى من المحادثات في جنيف    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ ناجي أحمد سنان        - توقيع اتفاقية دعم اعلاني بين اللجنة الاعلامية باتحاد كرة القدم وشركة هيملايا الهند    إصلاح ريمة ينعى الفقيد الوليدي ويثمن أدواره في نشر القيم الدينية والوطنية    عاجل: ترامب يعلن عن وقف الحرب بين الهند وباكستان    تأمين السكن يهدد ربع مليون نازح بمأرب    الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر المنتخب الوطني الداخلي في المكلا    كفى عبثا كفى إذلالا.. أهذه شراكة أم استعمارٌ مقنّع؟    دراسة : عدد ساعات النوم الصحية يختلف باختلاف البلد والثقافة    وزير الأوقاف: تفويج حجاج اليمن سيبدأ الثلاثاء القادم    تصل إلى 100 دولار .. لجنة حكومية تفرض رسوم امتحانات على طلاب الثانوية اليمنيين في مصر    الأسباب الرئيسية لتكون حصى المرارة    لماذا يحكمنا هؤلاء؟    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    أول النصر صرخة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من معلم إلى عامل نظافة في اليمن
نشر في مأرب برس يوم 17 - 10 - 2018

لطالما اعتبر اليمن من أفقر دول العالم، لكنّه اليوم على حافةالمجاعة بحسب منظمات دولية، كنتيجة لحرب تصاعدت مع سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014.
يكتفي كثير من الأسر اليمنية بوجبة واحدة في اليوم. أحياناً تقتصر على الخبز والشاي أو الأرزّ، فيما لجأ كثير من سكان القرى الريفية في بعض المحافظات إلى أكل أوراق الشجر بعدما تقطعت بهم السبل وباتوا يواجهون الموت.
كانت أم ضياء خالد (33 عاماً) تسكن مع زوجها في محافظة تعز وسط اليمن، لكنّ المواجهات المسلحة أجبرت أسرتها المكونة من ثمانية أفراد، على النزوح لتستقر في منطقة سعوان شمال مدينة صنعاء. تسبب هذا النزوح في فقدان زوجها عمله الخاص وتدهور وضعهم المعيشي. تقول ل"العربي الجديد": "منذ أشهر، لا ندفع إيجار المنزل الصغير الذي نسكن فيه في صنعاء، لأنّنا لا نملك المال، وبالكاد نستطيع توفير بعض الغذاء"، مشيرة إلى أنّهم ينامون من دون طعام مساء لأنّهم يفشلون في توفيره
تشير أم ضياء إلى أنّ زوجها كان يعمل بالأجر اليومي، لكن لا أعمال في هذه الفترة، وإن وجدت فالعائد الذي يتحصلون عليه لا يكفي أسرته المكونة من ثمانية أشخاص. تضيف أنّهم يعتمدون على مياه الشرب من خزانات السبيل العامة: "نسمع عن مساعدات تصل إلى اليمن وتوزع للفقراء، لكننا لم نحصل حتى اليوم على مساعدة ولو لمرة واحدة. أعمل أحيانا عند بعض الناس كي يعطوني شيئا من الدقيق والسكر".
الوضع أكثر سوءاً بالنسبة إلى سميحة (45 عاماً)، فقد اضطرت للخروج ظهيرة كلّ يوم للتسول من أجل الحصول على الطعام أو المال: "من لأولادي؟ ما يصلني من مساعدات قليل جداً ويأتي في فترات متباعدة وقد تراجعت أخيراً. هل أموت؟ لم يكن أمامي إلا الخروج وطلب المساعدة من الناس. لا أحد يعرف ذلك، لأنّي أغطي وجهي". تقول سميحة إنّها بدأت التسول قبل ستة أشهر، وبالرغم من أنّها لا تحصل على كثير من المال، لكنّه يساعد أسرتها على العيش بحسب تعبيرها. تضيف ل"العربي الجديد": "كنت أحصل في اليوم على ما بين 100 ريال (0.40 دولار أميركي) و400 (1.60 دولار)، لكنّ هذا المبلغ تراجع بعد غلاء الأسعار". تشير سميحة إلى أنّها لم تعد تستخدم غاز الطبخ منذ أكثر من عام: "أعتمد على الحطب، فقد ارتفعت أسعار الغاز بشكل كبير ولا أستطيع توفير الغاز... إذ أصبح حلماً بالنسبة إلينا".
أما سالم عبد الله، الذي يسكن في مدينة باجل، شمال شرقي مدينة الحديدة (غرب) فلم يتوقع بعد عمر طويل أمضاه في سلك التربية معلماً، أن يتحول القلم إلى مجرفة والطباشير إلى مكنسة طويلة يقف خلفها بعدما بلغ الخامسة والأربعين، وانتقاله من الفصول الدراسية إلى عمل آخر، لكي يجني المال الذي سيوفر لأسرته بعض الاحتياجات الأساسية. يقول ل"العربي الجديد" إنّه باع كلّ ما يملك خلال السنوات الماضية لتوفير الغذاء، لكنّ انقطاع الرواتب المستمر منذ نحو عامين، وانعدام مصادر الدخل، أجبراه على العمل في إزالة النفايات من الشوارع بأجر يومي زهيد، في مشروع تدعمه إحدى المنظمات، في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة.
يشير إلى أنّ المبلغ الذي يتقاضاه مقابل عمله هو 3 آلاف ريال يمني (12 دولاراً) في اليوم، لكنّ الحوثيين "يجبرونني على تسليم نصف المبلغ ليصبح 1500 ريال (6 دولارات) فقط، وهو مبلغ غير كاف". يلفت سالم إلى أنّه لا يجد قيمة العلاج إذا ما مرض أحد أفراد أسرته "ولا قيمة ملابس ولا أدوات المدرسة أو قيمة قارورة الغاز التي تصل قيمتها إلى 8 آلاف ريال (32 دولاراً)". يتساءل: "هل سأعود إلى ممارسة مهنة التدريس، أم سوف أقضي بقية حياتي عامل نظافة؟".
هذا الفقر المدقع تسبب في حرمان كثير من الأطفال من حقهم في التعليم بعدما فشل أولياء أمورهم في إلحاقهم بالمدارس. يقضي الفتى عمار الحيمي (14 سنة) معظم ساعات النهار متنقلاً بين أرصفة شارات المرور ليبيع قناني المياه. فقد أخرجه والده من المدرسة بعدما فشل في توفير احتياجاتها. يقول عمار ل"العربي الجديد": "لا توجد دراسة، وأبي بلا عمل، والأفضل أن أساعد أسرتي". يشير إلى أنّه يشعر بالارتياح كلما عاد إلى منزله وهو يحمل الطعام ليطعم أفراد أسرته: "أشعر بأنّي رب البيت. أما التعليم فسوف أحصل عليه بمجرد انتهاء الحرب".
يقول الأكاديمي في جامعة "صنعاء" الدكتور، عبد الملك الضرعي، إنّ ما يمرّ به اليمن عامة، والمحافظات الشمالية الغربية خصوصاً، من مأزق اقتصادي غير مسبوق، هو بسبب انهيار العملة الوطنية بالإضافة إلى تبعات الحرب المتعلقة بعوائق الاستيراد للاحتياجات الأساسية وعوائق تصدير الموارد الوطنية. يؤكد ل" العربي الجديد" أنّ تدهور أسعار الصرف للريال اليمني أثر بصورة مباشرة في تضخم سعري غير مسبوق وصل إلى 100 في المائة خلال شهري سبتمبر/ أيلول الماضي وأكتوبر/ تشرين الأول الجاري فقط "وما زالت أسعار السلع الأساسية مستمرة في الزيادة بشكل كبير من دون أيّ تدخلات رسمية". يشير إلى أنّ هذا الوضع نجمت عنه زيادة حالة الفقر المدقع لدى ملايين اليمنيين "وعلى رأسهم العاطلون من العمل، والموظفون الحكوميون، خصوصاً في المحافظات الشمالية الغربية، لأنّ غالبية موظفيها لم يتسلموا رواتبهم منذ قرابة عامين، بينما المحافظات الخاضعة للحكومة الشرعية يجري تسليم رواتب الموظفين فيها بانتظام، كذلك اعتمدت لهم زيادة بلغت 30 في المائة من شهر سبتمبر/ أيلول الماضي". يوضح الضرعي أنّ "التضخم الكبير، مع توقف صرف الرواتب في محافظات الثقل السكاني الشمالية الغربية، يزيد من معدلات البطالة ويقضي عن الشريحة المجتمعية ذات الدخل المتوسط لتتحول إلى تجمعات فقيرة لا تجد ما تأكله".
وكان تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قد أكد أنّ نحو 52 في المائة من اليمنيين على الأقل باتوا يعيشون على أقل من 1.90 دولار في اليوم، مشيراً إلى أنّ أزمة انهيار الريال اليمني ستدفع ما بين 3.5 ملايين يمني إلى 4 ملايين، باتجاه ظروف ما قبل المجاعة. يشير التقرير إلى أنّ حالات الكوليرا المشتبه بها تصل إلى 10 آلاف حالة في الأسبوع، أي ضعفي المعدل الذي كان في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.