كان اجتماع مجلس الأمن الدولي هذا اليوم امتدادا لمشاورات وتفاهمات مكثفة شهدتها كواليس الأممالمتحدة وسلطنة عمان خلال الأيام الماضية ، بعد فشل العدوان السعودي الأمريكي على اليمن في تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية ، وعجزه عن احتلال عدن والاجتياح البري للمحافظات الساحلية والمحاذية للحدود السعودية ، ودخول الأطراف المشاركة في العدوان مأزقا أخلاقيا بسبب انتشار أخبار جرائم الحرب والجرائم المعادية للانسانية ، بالتزامن مع فضائح بيع المساعدات الانسانية من قبل مافيا الفساد في السعودية وحكومة الرئيس الهارب في الرياض . الثابت ان اللاعبين الكبار في مجلس الأمن الدولي أصبحوا مقتنعين بفشل المبادرة الخليجية والرئيس الهارب والمنتهية ولايته في تحقيق مهام المرحلة الانتقالية وإنجاز تسوية سياسية ووفاق وطني يوصلان اليمن الى بر الامان . اقتنع اللاعبون الكبار بأن ما تسمى عاصفة الحزم تواجه طريقا مسدودا ، وان بعض قرارات مجلس الأمن الدولي التي يقف وراءها الرئيس الهارب والسفير الأميركي في اليمن كانت حاطئة ، وأسهمت في تعقيد الوضع في اليمن ، بحسب الافادة الأخيرة للمبعوث الأممي السابق جمال بنعمر ، والتي يتمسك بها السفير الروسي في الأممالمتحدة حاليا . في الاسبوع الثاني من العدوان السعودي على اليمن ، أبلغ المندوب الدائم للملكة العربية السعودية في الأممالمتحدة مجلس الأمن الدولي بأن عاصفة الحزم أنجزت معظم أهدافها السياسية والعسكرية على الأرض ، وان السيد عبدالملك الحوثي لقي حتفه وسط انهييارات عسكرية واسعة بين صفوف ميليشيات الحوثي وقوات الجيش الموالية للرئيس السابق على عبدالله صالح !! وبعد ذلك ، نشرت وسائل الاعلام السعودية والخليجية أنباءا عن مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح ونقله الى ثلاجة الموتى في مستشفى 48 الواقع في جنوب شرق العاصمة سنعاء . دخل العدوان شهره الثالث في ظل تقدم واسع للجيش المسنود باللجان الشعبية على الأرض في مختلف المحافظات ، وتراجع مستمر لمليشيات تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة المتحالفة مع ميليشيات الرئيس الهارب ، وحدوث معادلات جديدة في الجو والأرض من خلال سقوط طائرات وأسر طيارين ، واطلاق صواريخ الى عمق الأراضي السعودية واجتياح بري ممنهج للجيش اليمني والقبائل اليمنية للأراضي السعودية . لم يكن الصمود الأسطوري للجيش والشعب واستعادة الجيش اليمني للمبادرة عبر شن هجمات صاروخية مضادة مثيرا للدهشة فقط ،بل أنه دفع اللاعبين الكبار في مجلس الأمن الى التفكير بإعادة قراءة المشهد اليمني ، في ضوء الإفادة الأخيرة للمبعوث الأممي السابق جمال بنعمر ، الذي اتهم العدوان السعودي على اليمن بتقويض اتفاق سياسي بين الأطراف المتنارعة ، كان التوقيغ عليه قاب قويين أو أدنى!! ثمة تداعيات مهمة لعبت دورا حاسما في عملية إعادة قراءة المشهد اليمني وهي : 1/ ظهور السيد عبدالملك الحوثي مرتين يعد ابلاع مجلس الأمن بمقتله وانهيار أنصاره . 2/ ظهور الرئيس علي غبدالله صالح مرتين بعلى أثر قصف منزلين له في العاصمة صنعاء ومنازل أخرى تتبعه وأفراد عائلته ، بعد الحديث عن مقتله وحدوث انشقاقات في المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده . 3/ سقوط طائرة لوجيستية أميركية مع طاقمها وما ترتب على ذلك من تداعيات في داخل أميركا . 4/ استخدام صواريخ جوية وبحرية تحمل قنابل فراغية وفوسفورية ونيترونية محرمة دوليا ، وسط أنباء عن مشاركة اسرائيلية في هذه الجرائم التي يعاقب عليها القنون الدولي الانساني ، وميثاق الأممالمتحدة . 4/ لجوء السعودية الى قصف المؤسسات الاعلامية اليمنية والعربية التي تنشر جرائمها المعادية لللإنسانية في اليمن ، والسعي الى محاصرتها وإسكاتها بهدف عدم إطلاع المجتمع الدولي على هذه الجرائم . والثابت ان كل تلك التداعيات أصبحت أوراقا ضاغطة بيد الجيش اليمني والقوى السياسية التي ترفض العدوان وتقاومه في الداخل . وليس عيبا أن يتم استخدام أوراق الضغط المتوفرة لتحقيق انجارات وطنية استرانيجية ، وتدوير الزوايا الحادة وتغديل ميزان القوى في ساحة المواجهة على الأرض ، وهذا أفضل من الهروب الى الأمام بواسطة المزايدة بتوجيه تهمة الخيانة والتفريط بدماء الضخايا لمن يستخدم هذه الأوراق الضاغطة بذكاء استراتيجي ومسؤولية وطنية ، أو الهروب الى الخلف بنفي هذه الوقائع ، ووصفها بأنها مجرد تسريبات !! بحسب المعلومات التي تمكنت من الحصول عليها ، كان ظهور السيد عبد الملك الحوثي مرتين متوعدا بردود قوية في الوقت المناسب موضع اهتمام االلاعبين الكبار في مجلس الأمن الدولي ، وفي البنتاغون الأميركي على وجه الخصوص ، حيث تمت مقاربات دقيقة بين ما ورد في مضامين الخطابين الأول والثاني للسيد عبدالملك الحوثي ، وبين رفض الزعيم الإيراني الراحل آية الله الخميني عام 1981م عدة قرارات أصدرها مجلس الأمن الدولي ألزم فيها الحكزمة العراقية بوقف هجماتها الجوية والبرية على ايران ، مشددا ً على جلوس الطرفين في طاولة مفاوضات مباشرة برعاية الأممالمتحدة . كان الامام الخميني يرفض قرارا أمميا يلزم العراق بوقف هجماته على ايران ، بعد ان نجح العراق في ضرباته الجوية الأولى بتدمير كل قواعدها الجوية ومطاراتها ومنشآتها النفظية ووالصناعية والكهربائية ، واحتلال معظم أراضيها الواقعة في جنوب غرب ايران . والأكثر دهشة من ذلك إصرار الخميني آنذاك على الاعلان بأن إيران تحتفظ بحقها في الرد بالوقت المناسب والوسائل المناسبة ، وهو ما حدث عندما استعادت ايران المبادرة بدعم لوجيستي من سوريا و اليمنالجنوبية في عهد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد ، والرئيس اليمنيالجنوبي الأسبق علي ناصر محمد... ويحتفظ كاتب هذا المنشور بمعلومات ووثائق هامة عن تلك الوقائع ،بحكم عمله كمستشار سياسي وإعلامي للرئيس علي ناصز محمد خلال الحرب العراقيةالايرانية التي توقفت بعد ثمان سنوات بقرار ايراني 100% اتخذه الامام الخميني شخصيا. في السياق ذاته كان ظهور الرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام مثيرا للدهشة والاعجاب والتقدير في الكلمة التي وجهها للمواطنين من أمام أنقاض منزله بعد ان تعرض لغارتين جويتين ، وكذلك في مقابلته الشهيرة مع قناة ( الميادين ) . في الظهور الأول والثاني وجه الزعيم علي عبدالله صالح زئيس الجمهورية السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام وهو واقف بثبات على الأرض بين أبناء شعبه ومناصريه ، وتحت القصف الجوي اليومي والتهديد بملاحقته وقتله رسائل داخلية وخارجية ، أكدت حضوره كرقم صعب ولاعب أساسي وقائد محترف وشجاع في المشهد اليمني ، حيث دعا الرئيس السابق الى حمل السلاح دفاعا عن النفس ، وابدى استعداد حزبه للتحالف مع أنصار الله وكلل القوى الوطنية التي ترفض العدوان السعودي على اليمن وتقاومه . في اروقة مختلفة تتوزع بين واشنطن وموسكو وبروكسل وعمان وطهران والرياض تتم عملية إعادة قراءة المشهد اليمني ، بما في ذلك البحث عن مرجعيات جديدة للتسوية السياسية في اليمن ، تبدأ بهدنة طويلة الأمد والسماح بدخول المساعدات الانسانية والسلع التجارية والمشتقات النفطية الى اليمن ، وتدشين المرحلة الأولى من مشاورات جنيف للسلام بين الأطراف السياسية اليمنية المتنازعة ،مرورا بإعادة النظر في بعض القرارات الخاطئة التي اتخذها مجلس الأمن الدولي بناءا على طلب شخصي من الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور ، وفي مقدمتها قرار فرض عقوبات دولية على رئيس المؤتمر الشعبي العام ورئيس حركة أنصار الله ، إذ لا يجوز التعاطي مع هاتين القوتين الرئيسيتين على الأرض ، في ظل وجود عقوبات دولية على قادتها الذين يحظون ويحتمون ببشعبية واسعة على الأرض . في ضوء التداعيات الأربع التي خيّمت على مشاورات اللاعبين الكبار في مجلس الأمن الدولي طوال الأيام العشر الماضية وحتى اجتماعه الأخير صباح هذا اليوم ، كان طبيعيا أن يبحث مجلس الأمن الدولي القضايا التالية: 1/ وضع حد للجرائم المعادية للإنسانية من خلال التلويح بضرورة الإلتزام بالقانون الدولي الانساني . 2/ التأكيد على الشروع الفوري في مشاورات سياسية بين الأطراف السياسية اليمنية في جنيف ، تسبقها هدنة طويلة الأمد تمهد لاتفاق سياسي بين الأطراف السياسية اليمنية المتنازعة برعاية الأممالمتحدة . 3/ التأكيد على ضرورة عدم تمكين تنظيم القاعدة من استغلال النزاعات المسلحة في اليمن للحصول على ملاذات آمنة ومصادر محلية للتسليح والتمويل ، بما يهدد وحدة وسيادة واستقلال اليمن والأمن والسلم الدوليين . 3/ التأكيد على ضرورة إعادة النظر في العقوبات الدولية الارتجالية ضد قيادة المؤتمر الشعبي العام وحركة أنصار الله وهما أكبر وأقوى قوتين سياسيتين في الداخل ، وذلك من خلال : ا/ إعفاء لجنة العقوبات السابقة التي تسرّعت بضغط وتضليل من الرئيس الهارب ودول مجلس التعاون الخليجي وبعض خصوم الطرفين في ( اللقاء المشترك ) والمؤتمر الشعبي العام الموالين للرئيس عبدربه منصور ، في تلفيق اتهامات غير مؤكدة ضد قادة المؤتمر الشعبي العام وحركة أنصار الله. ب / تشكيل لجنة جديدة لإعادة فحص هدا الملف . ج/ تكليف لجنة العقوبات الدولية الجديدة بمباشرة عملها وزيارة اليمن في الاسبوع القادم . د/ تضمين مهمة اللجنة التحقيق في ما يتردد من اتهامات لحكومة عبرربه منصور ببيع المساعدات الانسانية التي تم ارسالها الى اليمن . ه / ضرورة رفع العقوبات المفروضة على قادة المؤتمر الشعبي العام وحركة أنصار الله . و/ إضافة كل من حميد الأحمر وأحمد عبيد بن دغر وأحمد العيسي وجلال عبدربه منصور وصخر الوجيه الى قائمة المشتبه بهم في نهب وتهريب عائدات النفظ والمشتقات النفطية وموارد الخزينة العامة والاتصالات ، وايداع قيمنها في حسابات مصرفية حارج اليمن بأسماء أشخاص وشركات وكيانات تجارية .