إعلام الدولة يقع في ذات الفخ الذي يقع فيه الجيش النظامي المعتقد أنه قادر على جماعات مسلحة غير نظامية ويصاب بالصدمة عندما يتعرض لضربات موجعة تصيبه بالذهول وعدم القدرة على التركيز . قناة اليمن أنموذجاً .. فلا توجد وسيلة إعلام مرئي في اليمن تضاهي قناة اليمن في تجهيزاتها وخبرات كادرها والمخزون التراكمي الموجود لديها من المادة المصورة رغم الضربات الذي تعرضت لها بنهب مكتبتها وسرقة تجهيزاتها على فترات متعاقبة وخيانة أبنائها لها بتركها في الوقت الذي هي بامس الحاجة لهم . قناة اليمن تعمل بسلاسة في ظل الظروف الطبيعية وحتى في فترات حرب مختلفة مرت بالبلاد , ورغم امكانياتها الكبيرة لكنها تعمل وفق منظومة محددة بدقة مع مؤسسات عملاقة أخرى . فوكالة سبأ من تغذيها بالاخبار اضافة إلى كادرها , والتوجيه السياسي يقدم المادة اللازمة عن الجانب الميداني العسكري "المكتوبة والمصورة" وترفدها المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون بالمال من خزينة الدولة بمبالغ طائلة خارج مخصصها في حال الحروب والظروف الاستثنائية لكنها وجدت نفسها وحيدة في العدوان السعودي تعاني التراكمات السابقة وابرزها : 1- عانى قطاع التلفزيون من ترهل وظيفي بلغ ما يزيد عن الف ومائتين موظف يعمل اغلبهم في القنوات الأخرى وشركات الانتاج المختلفة وتركوا عملهم في قناتهم مع اصرارهم على استلام مستحقاتهم كما كانت عليه ايام عملهم الفعلي سابقاً . 2- الكادر الذي يعمل في القناة بعد مغادرة غالبية الآخرين في انفسهم يريدون جني المال الزائد عن حقهم بأقل جهد ممكن بل أن بعضهم يستلم مبالغ طائلة دون ان يعمل شيئ على الاطلاق . 3- أصبح من يتواجدون في القناة من الموظفين بانتظار أي ايراد او مبلغ مالي يصل للقطاع ليطالبوا اقتسامه وكأنه غنيمة حرب وليس ايراد للدولة وكان يتم الرضوخ لتلك الاساليب الخاطئة , ومن لا يملك الحق يثور من يستحقون ليحصد اكثر منهم . 4- اصحاب الاصوات المرتفعه في الاغلب هم اقل الناس كفاءة فيغطي على عجزه في العمل وعدم قدرته على مواكبة تكنولوجيا الإعلام الجديدة بالصراخ رافضاً الافصاح عن حقيقة مصابه والحل لها هو التدريب والتأهيل فقط ليصبح قادراً على العمل ومطلوباً كغيره من الماهرين ليحصل على اجور مقابل الانتاج . 5- التراكمات والاحتقانات السياسية في البلد واضحة في طريقة العمل بين الموضفين وانعكست على العمل كذلك . يضاف الى كل ما سبق ان العدوان السعودي هو الأول من نوعه على البلاد والعاصمة وتم الخشية على ارواح الموظفين ومقتنيات القناة من القصف وتم اخراج كل الطاقم العامل واجهزتها الى مواقع خارجية ففقدت القناة ثلثي قوتها المتمثلة في استوديوهاتها وتجهيزاتها الحديثة , وصار عملها مثل أغلب قنوات اليمن في بداية نشأتها بل اقل بكثير . فالقنوات الناشئة كادرها يعملون على قلب رجل واحد سواء ايدلوجياً كقناة سهيل أو المسيرة او اليمن اليوم , أو لارتفاع الاجر المالي الذي يتقاضونه منها بينما ما يستلمونه من قناة اليمن يعتبرونه حق الدولة عليهم "مش فضل من ابو احد" . في حين ان الكادر العامل مع قناة اليمن مختلفين الرؤى والايدلوجيا ولا يمكنك سوى التعامل مع الوضع القائم والكادر الموجود . وفي حين كان مبنى القناة الكبير يستوعب الكادر الكبير والاعداد الهائلة من الموظفين فإن المواقع المتفرقة لا تقدر على استيعاب ذلك ولا بد من حصر العمل في طاقم على اضيق الحدود . وتأتي المشكلة الكبرى أن مواد القناة الضخمة والهائلة المكدسة في المكتبات لا يوجد فيها ما يواكب العدوان السعودي أو يدين تلمحاً السعودية , بل انه لا توجد أي مادة مسجلة ضد السعودية "كبيرة العدوان على البلاد" أصلاً وصار لا بد من صنع مادة مناسبة من خلال ما يتم تسجيله من العدوان اليومي لتغطية مساحة البث وهو عمل هائل ومرهق للغاية فالمادة المكتبية لقناة اليمن تشكل اكثر من 90 % من مساحة بثها اليومي وهو ما لافائدة منه حالياً . مما زاد الطين بلة أن المؤسسات الرافدة لقناة اليمن تعاني من مشاكل عويصة شبيهة بما تمر به القناة فاصبحت تقف منفردة اعلامياً بوجه العدوان وصارت القنوات الواقفة ضد العدوان "كالمسيرة واليمن اليوم والساحات" اكثر منها مرونة وقدرة على التعاطي مع العمل الإعلامي اليومي . وأخيراً فإن كادر القناة المعتاد على المبالغ الطائلة مقابل اقل جهد من العمل يريد بقاء الحال كما هو عليه غير منتبه لما تمر به البلاد من حالة عدوان وقتل وتدمير لمقدرات البلاد وما يعيشه الوطن من حصار اقتصادي وحظر بري وبحري وجوي , وهنا برز المخلصون للوطن وقناتهم المستعدين للعمل في ظل اقل التكاليف الذي تعينهم على العمل اليومي على مدار الاربعة والعشرين الساعة والاكل والشرب في اماكن عملهم ابتداء من رئيس القطاع وحتى آخر موظف , ولكن حتى القليل ذلك لم يتوفر "فترة وجيزة فقط" دون ان يتوقف العمل مما اضطر قيادة القطاع الى التحرك والبحث حتى وصل الأمر للصراخ والنشر الاعلامي للفت الانتباه , وحقيقة فقد كانت الجهات المعنية عند مستوى المسئولية ووقفوا معنا بمنتهى الصدق والجدية وتكفلت بصرف "الحد الأدنى المطلوب" لتسيير الأعمال ونقدر دوافع ذلك واستغل هذه الفرصة لشكرهم الجزيل على ادوارهم المشرفة . ما يزيد الوضع ارباكاً هو النخر من داخل الكادر العامل فمن لم يسافر للسعودية للعمل في القناة اللقيطة تم الاتفاق معهم على استلام مبالغ طائلة لتخريب العمل من الداخل واستلام الأموال لقاء هذا الدور ووجدت اثباتات على اعداد منهم . وفوق كل هذا نجد الكادر المخلص الغير قادرين على استيعابهم حالياً ونشعر أمامهم بالخجل ونقدم الاعتذار لهم بأن عدم ايكال بعض الأعمال لهم ليس شكاً فيهم وانما هو بسبب عدم القدرة على استيعاب اكثر من الموجودين حالياً وكانت الأولوية للمبادرين منهم دون تفريق أو مفاضلة في انتمائاتهم . ويأتي دور بعض الكادر الإداري كعائق الذي يقتات على حساب المبدعين ويريد كعادته استنزاف القليل المتوفر لنفسه مقابل الأعمال الروتينية الاعتيادية فمن يقطع الشيك أو يسجل القيد في الحافظة يطالب بنفس ما يصرف لمن يعمل من ظهر كل يوم إلى العاشرة صباحاً اليوم التالي بواقع 16 ساعه يومياً . ومع اقتراب شهر رمضان تزداد حالة الهلع لدى الزملاء فرمضان هو موسمهم الذي لا يمكن تفويته متناسين أنه لا توجد التقنيات اللازمة للعمل ككل عام نتيجة إفراغ اغلب الأجهزة , وكذلك ما تشهده البلاد من ضائقة مالية خانقة جعلت الجميع يعلم أنه تم الإعلان ان مرتبات شهور قادمة قد لا تُصرف ولا بد من التقشف لمواجهة ذلك الوضع الاستثنائي وأقل ما يمكن ان تقدمه لبلدك هو الصبر والتقشف كذلك وتفهم ما يمر به الوطن , ويكفي ان تستلم مرتبك الشهري دون خصم فلس واحد منه دون أن تمارس أي عمل . أما من يعمل فلا يوجد لديه سوى ما يسد رمقه لانجاز العمل اليومي دون أن يكون هناك ما يمكن أن يبقيه لبيته سوى مرتبه مثلك تماماً وراضين بذلك , ولهم الشكر . المهم : خلال فترة العدوان لم يتوقف العمل يوماً واحداً , وتم التكيف والتأقلم لتغيير تكتيك العمل الاعتيادي ليصبح هناك فريق عمل للطوارئ والأوضاع الصعبة , وتم تعبئة فترة البث بالمادة المناسبة حتى لو تكررت فهي تبقى الأجدر بمواكبة الوضع ويصبح البث اليومي شاهداً حياً على ما تشهده البلاد من اوضاع خلال العدوان .. سواء بالقتل والتدمير أو حالة الصمود اليمني العظيم الذي يجسده الشعب كاملاً في وجه اقبح قتل وتدمير ممنهج بهدف تركيعه دون جدوى . الأداء المتميز واكتساب الخبرة والمهارة جاء وفق خطة زمنية ممنهجة اعتمدتها الإدارة واقرتها المؤسسة العامة اليمنية للإذاعة والتلفزيون وساهمت في تنفيذها الجهات ذات العلاقة والمساندة وفي مقدمتها الهيئة الإعلامية واللجنة الثورية . وأخيراً : شكراً لكل الزملاء في قناة اليمن الصابرين والصامدين في متارس الجهاد الإعلامي للذود عن حياض الوطن الحر الأبي , والشكر كذلك لكل الزملاء الصابرين دون تمكن من العمل ويعينوننا بالصبر والاحتمال فدورهم لا يقل عمن يمارسون العمل والله . وبالنسبة للعاملين عليهم تذكر أن دورهم لا يقل عن المجاهدين في الميدان مع فارق انهم يعملون على الفراش المريح ووسط ظروف وامكانيات افضل مما يعانية المجاهدين في الجبهات ويتعذر عليهم احياناً توفير شربة الماء الذي توجد معنا , ويقدمون ارواحهم ودمائهم لاجلنا فتذكر ذلك . والعتاب للبعض وهم القليل , والقليل جداً ممن يريد اثارة القلاقل بالشائعات الكاذبة والمشكلة أنهم يذهبون لنشر شائعاتهم في المؤسسة والهيئة الإعلامية دون ان يحسب حساب اطلاعهم على كل شيئ ويعرفون كذب ما تروج له فكل شيئ يتم بعلمهم واطلاعهم الكامل وباشرافهم والتنسيق معهم . وما سكوتهم عنك سوى لتفضح نفسك اكثر وتتكشف نواياك بشكل أوضح . مع رجاء الابتعاد عن "دلال" المراحل السابقة في الظروف الاعتيادية والتعامل مع الواقع . أما بالنسبة لقناتكم "قناة اليمن من اليمن . وقناة كل اليمنيين" فأدعوكم لمشاهدتها ابتداء من نشرة الساعة التاسعة هذه الليلة لتعرفوا صدق ما ذكرته في خطابي هذا بكل فخر لتروا جهود اخوتكم وسرعة تعافي القناة على ايديهم لتمثلكم بكل فخر واعتزاز . وهذه صورتي صباح هذا اليوم كتعبير حقيقي عن فترة عمل الشهور السابقة دون أدنى امتياز عن جميع الزملاء العاملين "ناكل جميعاً من صحن واحد .. وننام دون لحاف مع بعض" لايماني وقناعتي انها فترة تكليف وليست تشريف أو جني فوائد .. أسأل الله ان يجزينا جميعاً أجرها . وبيدي ابنتي الزهراء التي اشتاقها واشتاق لجميع عائلتي الغائب عنها بالاسابيع . والله من وراء القصد