hلقت أجهزة الأمن في صنعاء التي تديرها «أنصار الله» القبض على أميركيَّين دخلا إلى اليمن على أنهما موظفان في الاممالمتحدة، ليتضح في ما بعد ان أحدهما كان ضابطاً في الاستخبارات الأميركية، والآخر مجنداً في البحرية الأميركية نزار عبود نيويورك | على مدى أشهر، رصد جهاز الأمن القومي اليمني تحرّك عناصر أمنيين أميركيّين ضمن فريق الأممالمتحدة في صنعاء. كان هناك أميركيان يترددان على المقر الموقت لبعثة الأممالمتحدة في فندق «شيراتون» في العاصمة اليمنية. الفندق كان مقر البعثة الأميركية سابقاً إلى حين رحيل الأميركيين عن صنعاء في أوائل السنة الحالية، وقدمته الولاياتالمتحدة إلى الأممالمتحدة كي تشغله أثناء فترة الخروج من اليمن لكي تعود إليه بعد أن تضع الحرب أوزارها. الأممالمتحدة لا تدفع شيئاً لقاء الخدمة، وليست معنية بصيانة المبنى التابع لوزارة الخارجية الأميركية، لكن ربما كان ثمن الخدمة أفدح كثيراً من التكلفة المادية، وفقاً لما حصل قبل أقل من أسبوعين. فريق الأممالمتحدة في اليمن مؤلّف من عشرات الأشخاص (أقل من مئة) بينهم مواطنون يمنيون وآخرون من جنسيات عربية وأجنبية مختلفة. يتنقل أفراده بين صنعاء وجيبوتي بطائرات أممية خاصة، لكون جيبوتي هي بوابة اليمن الأولى على العالم. ومن مطار صنعاء يتنقلون بسيارات ترفع راية الأممالمتحدة وشعارها. الأميركيان الواقعان تحت المراقبة نُقِلا بواسطة سيارات الأممالمتحدة رغم أن قوانين الأممالمتحدة تمنع ذلك. إنه إجراء متّبع من باب الحرص على تكريس حياد المنظمة، حيث تحظر القوانين ركوب أي شخص من خارج كادر الأممالمتحدة مهما كانت الظروف. قبيل مغرب يوم 20 تشرين الأول الماضي، وصلت طائرة الأممالمتحدة من جيبوتي. كان على متنها ماكليستر مارك وهامين جون، وهما أميركيان يعملان لحساب شركة متعاقدة مع الولاياتالمتحدة تدعى «الرافدين» تتولى صيانة مباني البعثة الأميركية فندق «شيراتون» سابقاً. قد تمثل العملية مدخلاً إلى محادثات جديدة مع «أنصار الله» وحزب «المؤتمر» تحرّك عناصر جهاز الأمن المركزي وأوقفوا الأميركيين واقتادوهما إلى مكان مجهول. حاول مأمور فريق الأممالمتحدة التدخل والتواصل مع الحكومة اليمنية و»أنصار الله» للإفراج عنهما. جاءه الردّ القاطع بأن هذا «ليس عمل الأممالمتحدة ولا علاقة للمنظمة الدولية بهذين الشخصين». أكد ممثل الأممالمتحدة للحكومة والحركة، بتعليمات من رؤسائه، أن الموقوفين يعملان «كمقاولين لشركة متعاقدة مع الأممالمتحدة وحضرا إلى صنعاء بناء على طلب الأممالمتحدة في اليمن من أجل صيانة مقرها»؛ لكن مساعي المسؤول قوبلت بالصدّ. وجرى إبلاغ الأممالمتحدة أن أحد الموقوفين كان يعمل في السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء كعنصر أمني. وأبلغها اليمنيون أن تورط الأممالمتحدة بأي نشاط إستخباري يعد إنتهاكاً لقواعد نشاطها ومهماتها في اليمن، وهو الوضع الذي جعل الأممالمتحدة في موقف حرج جدا ولا تعلم كيف تتعامل معه. »الأخبار» سألت المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إذا كانت الأممالمتحدة وموظفوها قد تعرضوا لأي مضايقة في اليمن، فأجاب بأنهم يتعرضون لمضايقات كثيرة بسبب الوضع الأمني «ولا يستطيعون إيصال المعونات لليمينيين المحتاجين كما يجب». وردّاً على ما إذا جرى التواصل بينهم وبين أعضاء التحالف السعودي، قال دوجاريك إنه «كما هي الحال في أي منطقة نزاع يكون للأمم المتحدة إتصالات عمل مع أي طرف مشارك في القتال من أجل ضمان سلامة قوافل الأممالمتحدة». وردّاً على سؤال عن تأمين الأممالمتحدة إنتقال شخصين إلى صنعاء بواسطة طائرة أممية، وإذا ما كانا قد أوقفتهما حركة «أنصار الله» واتهما بأنهما ينتميان للاستخبارات الأميركية، وعن البروتوكول الخاص بنقل أشخاص غير أمميين في طائرة تابعة للأمم المتحدة، أجاب دوجاريك بتحفظ شديد، بالقول: «أعلم بشخصين أعتقد بأنهما من مقاولي الأممالمتحدة وبوضعهما لكن ليس لدي معلومات جديدة عن وضعهما... لم ننقل مقاتلين دخولاً أو خروجاً عن سابق معرفة»، مرجحاً أن الشخصين يتوليان صيانة مقرّ بعثة الأممالمتحدة. تتسم القضية بحساسية فائقة، وهي لا تنحصر بموضوع الشخصين الموقوفين، بل تتعداه إلى السؤال عن نشاط الأممالمتحدة في اليمن وفي غيرها من مناطق النزاع. وهذا ما نقله إلى المنظمة موظفوها في اليمن الذين يسعون بشتى السبل لاحتواء الأزمة ويشعرون بالحرج والمضايقة، كما تتعرض حركتهم للمراقبة المشددة. اليمنيون أبلغوا الأممالمتحدة مباشرةً أن القضية تُعد إنتهاكاً لسيادة بلادهم وأمنها. وقال لهم مسؤول أمني يمني إن لمثل هذه الأعمال مضاعفات على تحركهم على الساحة اليمنية. فالتحقيقات الأولية دلّت على أن للأميركيين الموقوفين نشاطات وصفت بأنها «تجسّسية»، وأوضحت أن أحد المقاولين كان ضابط إستخبارات عمل مع عملاء يمنيين معروفين لدى أجهزة الأمن اليمنية. أما الثاني فكان مجنداً في البحرية الأميركية وعلى صلة باستخباراتها ولقد تنقل بين أفغانستان والعراق واليمن. ونبهت الاستخبارات اليمنيةالأممالمتحدة إلى أن «القضية لا تعنيها»، وأن من الأفضل عدم التدخل في قضيتهما بتاتاً. على أثر هذه الحادثة، تعرضت سيارات الأممالمتحدة في العاصمة اليمنية لإجراءات تدقيق منتظمة، حيث يجري تفتيش راكبيها على الحواجز الأمنية والتدقيق في جوازات سفر الركاب سواء في المطار أو على الطرق. بل إن الأمر إمتدّ إلى أبعد من ذلك، حين اخترقت رصاصة الزجاج الأمامي إحدى سيارات الأممالمتحدة التي كانت متجهة إلى مطار صنعاء الدولي عصر 22 تشرين الأول الماضي، ولم يصب أي من ركابها بأذى. ربما كان ذلك تحذيراً، لكن المؤكد أن «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام» مستاءان من الدور الذي أداه المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ لجهة مسايرته الإئتلاف السعودي والانقلاب على إتفاقات مسقط. وهم أيضاً مستاؤون من دور الولاياتالمتحدة في التحالف السعودي الذي يدمر البلاد بدعم مباشر منها في التزويد بالسلاح والمعدات والمعلومات الاستخبارية والرصد الجوي وتحديد الأهداف كما كشفت الكثير من وسائل الإعلام الغربية. كذلك، فإن المسؤولين اليمنيين في صنعاء أكثر قلقاً من أي دور استخباري مساعد لغارات التحالف التي لا توفر أهدافاً مدنية بتاتاً ولا سيما أن الأممالمتحدة تجري إتصالات مع غرف عمليات التحالف في الرياض من أجل تحييد عناصرها ومنشآتها أثناء التنقل. أمر لم تلتزم به الرياض كثيراً، حيث لم توفر مقر برنامج التنمية في عدن في السابق، عندما قصفته مباشرة واحتج الأمين العام بان كي مون عليه وطلب تحقيقاً لم يُجرَ. كذلك، عندما قصفت مستودعات الغذاء التابعة لبرنامج الغذاء العالمي، وعندما قصفت مستشفيات تابعة لوكالات ومنظمات مرتبطة بالأممالمتحدة وأدين التحالف بشأنها. لم تخرج أي معلومات عن الأسلوب الذي تتبعه واشنطن لمعالجة هذه الأزمة، لكن الولاياتالمتحدة تمسك بالدائرة السياسية التابعة للأمم المتحدة التي يرأسها جفري فلتمان، الدبلوماسي الأميركي المخضرم. ولا شك أن العملية ستأخذ طريقها إلى محادثات جديدة مع «أنصار الله» وحزب «المؤتمر الشعبي العام» لبت الكثير من الأمور أخبار من الرئيسية إتهامات له بتنفيذ الرغبات السعودية وإسقاط مشروع النقاط السبع : ولد الشيخ يتحدث عن المؤتمر وأنصار الله كشركاء في المرحلة القادمة شاهد بالفيديو : الخبير الأمريكي الذي كشف أخطر صفقة بين آل سعود وواشنطن بعد إعتراض المندوب السعودي : الأممالمتحدة: لا تراجع عن إدانة السعودية بجريمة صعدة في تقرير نشرته الأخبار : صحفية يمنية تميط اللثام عن آخر تهديدات القاعدة لنساء عدن : النقاب أو الأسيد