علن رئيس لجنة الخمسين لوضع الدستور المصري عمرو موسى في جلسة علنية الاحد الانتهاء من اقرار كل بنود مسودة مشروع الدستور المصري الجديد الذي سيعرض على استفتاء في غضون شهر. وجاء اعلان موسى بعد اقرار اربعة بنود لم تكن قد اقرت خلال التصويت الاول بعد ظهر الاحد. وتم الاتفاق بموجب الصياغة الجديدة لهذه المواد على ان يترك تحديد النظام الانتخابي الذي ستجرى بموجبه الانتخابات البرلمانية للقانون، وعلى عدم تحديد جدول زمني لانتخابات البرلمان والرئاسة بحيث ترك مشروع الدستور الباب مفتوحا لاجراء اي منهما قبل الاخرى. وتركت الصياغة الجديدة، لرئيس الدولة الذي يتولى سلطة إصدار القوانين تحديد مواعيد الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وتلا رئيس اللجنة عمرو موسى نصا يقول "تجرى انتخابات رئيس الجمهورية أو مجلس النواب وفقا لما ينظمه القانون". وقال موسى "مسودة الدستور الجديد في مصر تنص على ان الإجراءات الانتخابية التالية يجب أن تجرى خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بالدستور". الى ذلك، وافقت اللجنة على ثلاثة بنود تتيح محاكمة المدنيين امام القضاء العسكري في بعض الحالات وتشترط موافقة المجلس الاعلى للقوات المسلحة على تعيين وزير الدفاع خلال الدورتين الرئاسيتين المقبلتين وتقضي بأن تعرض موازنة الجيش كرقم واحد اجمالي على البرلمان ما يعني عدم قدرته على مناقشة تفاصيلها. ويعد البند المتعلق بامكانية احالة المدنيين الى محاكم عسكرية الاكثر اثارة للجدل في مصر. وحصل هذا البند على تأييد 41 عضوا في اللجنة بينما عارضها ستة اعضاء وامتنع عضو واحد عن التصويت وهو ينص على ان "القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، ويختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن في حكمهم، والجرائم المرتكبه من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرًا على منشآت القوات المسلحة أو معسكراتها أو ما في حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية أو الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأديه أعمالهم الوظيفية". ويحتج النشطاء الشباب على هذه المادة التي ترفضها كذلك المنظمات الحقوقية باعتبارها تتناقض مع المعايير الدولية لحقوق الانسان ومع قاعدة محاكمة المواطنين امام قاضيهم الطبيعي. الا ان الجيش المصري اصر على ان تحديد بعض الحالات التي يحاكم فيها المدنيون امام القضاء العسكري مستندا الى اعتبارات تتعلق ب "الامن القومي". اما البند الخاص بموازنة الجيش فمعمول به في مصر منذ عدة عقود وكان الاستحداث الوحيد هو المتعلق بتعيينه وزير الدفاع الذي كان حتى الان من صلاحيات رئيس الجمهورية. ومن المقرر ان تنتهي لجنة الخمسين الاحد من الاقتراع على كل مواد مشروع الدستور الذي تقضي خارطة طريق وضعها الجيش بان يتم تسليمه لرئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور في موعد اقصاه الثالث من كانون الاول/ديسمبر الجاري. وتظاهر قرابة ثلاثة الاف من الطلاب المؤيدين لمرسي بعد ظهر الاحد في ميدان التحرير بقلب القاهرة قبل ان تفرقهم قوات الامن بالغازات المسيلة للدموع وتغلق الميدان. وابقت المسودة النهائية للدستور على نص دستوري معمول به في مصر منذ العام 1980 ويؤكد ان "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع". وتضمنت المسودة بندا ينص على حظر الاحزاب الدينية ويقول "لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني". وقال عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين ان حزبا معينا "يمكن ان تكون له هوية دينية ولكن عليه احترام القوانين والدستور والدولة المدنية المصرية". ويعتقد احمد عبد ربه استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة ان مسودة الدستور الجديد افضل نسبيا من دستور 2012 فيما يخص الحقوق والحريات. وقال عبدربه "الدستور الجديد افضل نسبيا فيما يتعلق بالحقوق والحريات. الدستور الجديد قلل من فكرة الرقابة المجتمعية على حريات المواطنين. لكن ابرز المثالب انه احال كثيرا من الحقوق للقوانين المنظمة لها لاحقا. وهو ما قد يؤدي لتقييدها". وقال محمود بدر ممثل حركة تمرد التي دعت للاحتجاجات الشعبية التي انتهت بعزل مرسي، "في سياق الاعتداءات الحالية على القوات المسلحة فان الصياغة الحالية التي وضعت المحاكمات العسكرية للمدنيين في اضيق حدود هي الاكثر ارضاء". ويحظى السيسي، الرجل الاقوى في مصر، بشعبية جارفة عبر البلاد بعد قيادته عملية عزل مرسي. ويقول عبد ربه الاستاذ بجامعة القاهرة ان "الفصل الخاص بالقوات المسلحة لا يعطي ضمانات لعدم عسكرة الدولة". من جانبه، يقول حسن نافعة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة "يبدو انه تم التوصل الى اجماع داخل اللجنة. لكنني لست متأكدا من ان الدستور سيتم تمريره باغلبية كبيرة عندما يتم الاستفتاء عليه". واضاف "من الصعب الحصول على اغلبية كبيرة حين تكون البلاد مستقطبة. الاستفتاء سيكون الاختبار الاكبر للدستور". ويعتقد نافعة ان "هناك مشكلات حقيقية في نص الدستور خاصة تلك المتعلقة بسلطات الجيش. هذا سيشعل الجدل في المعسكر العلماني خاصة بعد تمرير قانون التظاهر الجديد الذي اغضبهم بالفعل".