اتفقت أنا ومجموعة من زملاء الدراسة على أن نلتقي مع بعض كون الوقت إجازة , ليتذاكر كل فرد منا حال أخيه وذلك بعد إن فرقتنا مشاغل الحياة وانخراط الأغلبية في المجال التعليمي من خلال الالتحاق بالجامعة أو الاعمال الخاصة بعد نيلنا الشهادة الثانوية العامة , فلم نجد أفضل وقت من تناول العشاء مع بعض . فكلفت أنا وأحد الزملاء بالتنسيق مع إحدى الطباخين والتواصل معه لجلب وجبة العشاء لليوم الموعود , وكون زميلي أكثر مني دراية في هذا الامر قام بحجز الطبخة ودوري يقتصر بجلبها , فذهبت إلى إحدى طباخي المكلا قبل الموعد بساعة , وأثناء تواجدي داخل المطبخ تفاجئت وبدت الدهشة على تقاسيم وجهي تعتلي , كوني رأيت شاباً يافعاً ذو الرابعة والعشرين من العمر كان على عاتقه إدارة المطبخ. وكوني أتيت قبل الموعد المحدد لاستلام الطبخة , حاولت الاقتراب منه وانتهاز وقت جلوسي بالتعرف عليه , بالرغم من انهماكه بعمله إلا إنه كان رحب الصدر والابتسامة لا تفارق وجهه البشوش , يحاول تسليه زبونه بتبادل الحديث معه حتى لا يمل من فترة الانتظار , فبدأ بحديثه معي معرفاً عن نفسه , فاصحاُ عن حلمه – الذي أوشك على تحقيقه -. فاستخلصت من خلال حديثه معي إنه يمتلك خبرة سابقة تتجاوز الست سنوات من خلال العمل في مطبخ العولقي سابقاً , الذي أكتسب منها الخبرة , لتأتيه فكرة عمل مطبخ خاص به يحمل اسمه وذلك بعد إن كان يطبخ لأكثر من 50 شخص في الرحلات ,واتخاذه من بيته مطبخاً له في السابق , فلقى الاخ / جعفر الرباكي , الذي مدّ له يد العون والمساعدة وكان سبباً في تحقيق بداية مشروعه – المطعم الخاص – الذي مرّ على تأسيسه حوالي سنة ونصفها. فسبقني بالإجابة على سؤالي الذي تحفظت عليه ولم أضعه كونه أجاب تلقائياً عليه , حيث تحدث بلسانه قائلاً :" إن حلمي أن اكون مشرفاً على العمل والطباخة , وهناك عمال يعملون تحت وطأتي في مطبخي وارتاح من هذا الكفاح والمشقة , صحيح إنني مازلت في زهرة شبابي إلا إن ما مررتّ به ليس بالأمر الهين ". تلاشى الوقت سريعاً وحان وقت رحيلي , فأصر على زيارتي له مرة اخرى في أي وقت , فوعدته بذلك وطلبت منه تذكيري باسمه – أيمن الحنشي – الذي مازلت احفظه كحفظ الحديث الذي دار بيننا.