خلال هذا الاسبوع احتدم النقاش في مؤتمر الحوار الوطني الشامل وعلى وجه الخصوص في لجنة 8+8 المنبثقة عن فريق القضية الجنوبية حول شكل الدولة اليمنية الاتحادية القادمة …وحتى لا تطغى اصوات الرصاص وأزيز الطائرات بدون طيار وفواجع المفخخات التي استباحت حضرموت الانسان والهوية و المستقبل ووصلت مؤخرا مستشفى العرضي وقيادة الاركان العامة ومكتب القائد الاعلى للقوات المسلحة مهددة نتائج هذا الحوار والنقاش حول المستقبل …ولأننا تخشى وهذا من حقنا- ان يتم تمرير مشروع الدولة القادمة مفصلا على مقاس هذه الاطراف المتصارعة حول السلطة والثروة – ثروة حضرموت بشكل خاص- فاننا نطرح في هذا النقاش محاذيرنا وتوجسنا المشروع لان هناك بعض الاطراف تحاول ان تبقينا في الظل من التاثير في مجرى الاحداث وفي غيبوبة من الوعي بما يدور حولنا..لقد تحدثنا في هذه السلسلة من الاوراق حول مفاهيم الفيدرالية ومصطلحاتها كما هو متعارف عليه في علم السياسة والادارة ..وكما هي تجارب بلدان سبقتنا حول توزيع الثروة والشراكة في السلطة..الا انه آن الاوان ان نضع النقاط على الحروف بشأن الحالة اليمنية اليوم وكيفية انزال هذه المشاريع من الناحية العملية على الواقع .في الحقيقة ان النظام الفدرالي يرتكز على توزيع صلاحيات الحكومة بين مستويين او ثلاثة من الحكومات الفيدرالية والمحلية ..وفي اليمن هناك توافق بين –كل الاطراف في الحوار الوطني على هذا المبدا- والحديث اليوم بل منذ بداية الحوار قد تحدد حول شكل هذا الاتحاد ومدى صلاحيات الحكومات المحلية في الاقاليم ..وطرحت مؤخرا رؤى مختلفة حول (عدد الاقاليم) وهذا يتم تحديده عادة وفق معايير عالمية معروفة –السكان والمساحة والتاريخ والصلات الاجتماعية والمصالح المشتركة ..- واذا تم مناقشة هذا الخيار او ذاك في ظل هذه الاعتبارات والمعايير المعروفة عالميا فلن يختلف المتحاورون حول تحديد شكل الدولة ولا حدود الاقاليم المستقبلية ..والخيارات التي يتم مناقشتها الان على وجه التحديد :خيار الاقاليم المتعددة وخيار الاقليمين وخيار فيدرالية الولايات(المحافظات القائمة) وملخص هذه الخيارات من وجهة نظر مقدموها :فان اصحاب خيار الدولة الاتحادية متعددة الاقاليم(خمسة فمافوق) يقولون بتطبيق معايير التقسيم الاداري للدولة على اساس من تقليص عدد الوحدات الادارية القائمة (المحافظات) في اقاليم اقل تتحدد ملامح السلطات من خلال حكم فيدرالي يبقي للمركز- الحكومة الاتحادية او الفيدرالية- السلطات السيادية كالدفاع والامن القومي وسياسة النقد وصك العملة والعلاقات الخارجية .ويتم الاتفاق في الدستور على ملامح التسوية المالية بين الاقاليم وحكومة الاتحاد (الحكومة الاتحادية) بشان حصص التشاركية وادارة الموارد..والخيار الثاني –خيار الاقليمين- يتم من خلاله طرح بناء دولة فيدرالية من اقليمين بالعودة الى حدود 1990م على اساس من الحفاض على جغرافية الدولتين السابقتين وبوصف وحدة الجنوب كما هي وحدة الشمال(حق تاريخي وسياسي) يجب الحفاظ عليه ومن ناحية سياسية فأن هذا الخيار-وفق رؤية من يتمسك به- هو الخيار الاكثر قبولاً في الشارع الجنوبي على الاقل؟ ويمثل اعادة اعتبار للجنوب بعد اقصاء ابنائه من السلطة خلال حقبة مابعد 1994م.والخيار الثالث يقوم على مناقشة فيدرالية (الولايات) بحيث يناقش اعطاء المحافظات القائمة صلاحيات حكومات اقليمية لمرحلة تأسيسية محددة ثم يترك الخيار لكل ولاية على حدة فيما اذا كانت ترغب بالانضام الى جاراتها في اقليم اكبر وجغرافيا اوسع ويحدد هذه الاختيار والمصير –مصير الولاية- ابناؤها…و مع احترامنا لكل الرؤى المقدمة ولمقدميها بحسبهم غيورين على مستقبل امن مستقر لايظلم فيه احد وكذا ارتضاؤهم للحوار وسيلة وحيدة لتحديد مستقبل اليمن وتحديد خيارات ابنائه كل ابنائه ..فاننا –اعضاء مؤتمر الحوار الوطني-من المحافظات الشرقية –من كل المكونات المشاركة في الحوار- قد وضعنا رؤية مقاربة للخيار الاول-الدولة الاتحادية من عدة اقاليم- آخذين في الاعتبار كل المعايير الفنية التي اسلفنا شرحها –سكانية وتاريخية واجتماعية…- بالاضافة الى مالمسناه من رغبة مشتركة لدى قطاعات لاباس بها من ابناء هذه المحافظات في الحفاظ على مصالح ابناءها التي اهدرت خلال مراحل سابقة من الصراع في عدن وصنعاء ..كما وجدنا ان أي حل قادم لايعير انتباها لتطلعات ابناء محافظاتنا المحرومة لن يكتب له الدوام كونه سيكون معبرا عن اطراف الصراع التاريخي المختلفة حول طريقة اخضاعنا مرة اخرى لقواعد اللعبة التي تجيدها هي من دورات العنف والعنف المضاد وثقافة الاقصاء والتهميش ودولة الصوت الواحد المتغلب.وكنا قد اتينا لمؤتمر الحوار الوطني تاركين الشعارات السياسية البعيدة عن مصالح الاغلبية العظمى من شعبنا اصحاب المصلحة الحقيية في الامن والاستقرار وبناء الدولة الحديثة هذه الشعارات التي تخيرنا بين الوحده او الموت وتارة الانفصال او الموت..وكنا نقول ان الوحدة السياسية هي مصلحة قبل ان تكون حق تاريخي لهذا الطرف او ذاك كما انه لايمكن المضي قدما في اياً من الخيارات غير المحسوبة النتائج بشأن تقرير النخب السياسية لمصير الشعب دون الرجوع اليه.لكل هذا فاننا ومن وجهة نظر واقعية نرى ضرورة حفظ حقوقنا من خلال مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل تحت الاشراف الاممي والاقليمي بما في ذلك اي اتفاق بشان شكل الدولة القادمة بما يحفظ هويتنا الخاصة ويمكنا من ادارة الاقليم بارادة ابنائه -من خلال انتخاب حكومتهم وبرلمانهم- وتنمية ثرواتهم وادارتها في ظل مشاركة حقيقية في صنع القرار على المستوى الوطني والقومي.ونحذر من اي حلول مجتزاة تتكي على الاغلبية العددية او القوة والنفوذ للقوى المتصارعة…او ادعاءات تاريخية او سياسية بتقرير مصير حضرموت بعيدا عن قرار ابنائها.