شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    كان طفلا يرعى الغنم فانفجر به لغم حوثي.. شاهد البطل الذي رفع العلم وصور الرئيس العليمي بيديه المبتورتين يروي قصته    لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم.. رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    وزير الشباب والرياضة يبحث مع المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) تعزيز العلاقة بين الجانبين    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    34 ألف شهيد في غزة منذ بداية الحرب والمجازر متواصلة    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    الريال ينتظر هدية جيرونا لحسم لقب الدوري الإسباني أمام قادش    الرواية الحوثية بشأن وفاة وإصابة 8 مغتربين في حادث انقلاب سيارة من منحدر على طريق صنعاء الحديدة    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    الخطوط الجوية اليمنية توضح تفاصيل أسعار التذاكر وتكشف عن خطط جديدة    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    احتجاجات "كهربائية" تُشعل نار الغضب في خورمكسر عدن: أهالي الحي يقطعون الطريق أمام المطار    العليمي: رجل المرحلة الاستثنائية .. حنكة سياسية وأمنية تُعوّل عليها لاستعادة الدولة    غارسيا يتحدث عن مستقبله    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    الرئيس الزُبيدي يعزي رئيس الإمارات بوفاة عمه    رئاسة الانتقالي تستعرض مستجدات الأوضاع المتصلة بالعملية السياسية والتصعيد المتواصل من قبل مليشيا الحوثي    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطيب سيئون : يجب ان نكون يداَ واحدة ضدًّ الظلم والظالمين ضدَّ الفساد والفاسدين ضدَّ النهب والناهبين أينما كانوا ومن أي مكان أو بلدِ كانوا
نشر في نجم المكلا يوم 26 - 10 - 2012

أدى المصلون بمدينة سيئون صباح اليوم الجمعة العاشر من شهر شوال 1433ه الموافق 26/10/2012م صلاة عيد الأضحى بمصلى العيد حيث ألقى خطبتي العيد الأستاذ / سالم عبود خندور الذي تطرق فيهما إلى إن الحج ليعلو بنا وبعقولنا لننظر في آفاق واسعة ويعلو بأفكارنا لنرى رحاباَ فسيحة ، إننا ننشد الوحدة الإسلامية والرابطة الإيمانية التي جاء الإسلام ليقيمها ويعمّقها ويؤكدها بين المسلمين على اختلاف مكوناتهم .
وأشار إلى أن إن معنى الأخوة والمحبة والائتلاف والاجتماع يتكرر معنا كل يوم في الصلوات الخمس ، ويتكرر معنا كل أسبوع في الاجتماع للجمعة ، ويتكرر كل سنة في رمضان وفي العيدين وفي الحج ، مما يؤكد علينا أن نتعاون وأن نتعالى على كل نزعة أنانية أو وسوسة شيطانية أو عصبية جاهلية أو دعوة مناطقية .
وقال خندور : شعيرة الحج وما أدراكم ما الحج ؟ هذه الشعيرة الربانية وهذه العبادة العظيمة التي تتكرر معنا كل عام وتعاودنا كل سنة ، وتذكّرنا كلما نسينا ، وتُنِبهُنا كلما غفلنا وتوقظ في أنفسنا معاني ربما فترت ، وأحاسيس ربما بردت ، ومفاهيم ربما نُسيت أو أُنسيت في غمرة الأحداث ، وفي مسيرة الأيام ، وفي دوَّامة الحياة المتقلَّبة والمتغيّرة.
تمر علينا هذا الشعيرة وواقع المسلمين كما ترون وواقعنا كما تعلمون وحالنا كما تعرفون.
ونوه الاستاذ / سالم خندور إنه من المؤسف جداَ ومن المخزي حقّاَ ونحن نعيش هذه المشاعر الإسلامية التي عشناها في رمضان ، وعشناها في عيد الفطر المبارك ونعيشها الآن في موسم الحج وعيد الأضحى ، أن نكون اليوم بهذا التفرق وهذا التمزق الذي يشهده واقعنا ونعيشه ونلمسه على مستوى الوطن والقرية والحي فليس ذلك من أخلاق الإسلام ولا من تعاليمه فكل مشكلة ولها حل وكل قضية ولها حل واذا أردنا حلا لجميع قضايانا فعلينا أن نقبل بعضنا بعضا ونصبر على بعضنا البعض على ما بيننا من اختلافات فنحن على ظهر سفينة واحدة فكيف نبحر بها إلى بر الأمان ونكون يداَ واحدة وكلمة واحدة وصوتاَ واحداَ ضدًّ الظلم والظالمين ضدَّ الفساد والفاسدين ضدَّ النهب والناهبين أينما كانوا ومن أي مكان أو بلدِ كانوا .
وعن مايعانيه اخواننا في سوريا قال خندور : ونحن في يوم العيد علينا إن نتذكر إخوة لنا في سوريا يمر عليهم العيد وهم يعيشون في وضع أقصى ما يمكن وصفه بأنه مرعب تحت قصف الدبابات وازيز الطائرات يستشهد منهم كل يوم العشرات ، وتغتصب النساء العفيفات الطاهرات ، وربنا يطمئننا على حالهم فيقول: ( إن مع العسر يسرا ) وان واجبنا إن ننصرهم وندعو الله لهم إن يثبت أقدامهم وينصرهم على عدوهم ، وان ندعمهم بالمال لإيواء المشردين وكفالة الأيتام من أبناء الشهداء وعلاج المرضى
واختتم خطيب مصلى العيد بسيئون بقوله : حريُّ بنا أن نعود إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجميلٌ أن نقف معاً ونتأمل سويَّاَ ونتدبَّر جمعياَ بعض معاني الحج ، هذه المعاني التي ينبغي أن نستحضرها في يومنا هذا ، وفي كل يوم ، هذه المقاصد التي شرع الله من أجلها هذه الشعيرة وفرض علينا هذا الركن العظيم من أركان الإسلام .
النص الكامل للخطبة :
إن الحمد لله ..
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. ولله الحمد ..
الله أكبر عدد ما وقف الحجاج في عرفات، الله أكبر عدد ما رفعوا من الدعوات، الله أكبر عدد ما سكبوا من العبرات، الله أكبر عدد ما رموا من الجمرات، الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله أكبر ولله الحمد ..
الله أكبر .. كم من داع بالأمس قد استجيب ؟ والله أكبر .. كم من واقف بعرفات قد قبل، الله أكبر .. كم من حاج خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، الله أكبر .. كم يراق في هذا اليوم العظيم من الدماء تقرباً إلى الله تعالى، فلله الحمد على ما هدى، ولله الحمد على ما أعطى .. ونسأله سبحانه القبول والرضا ..
الله أكبر .. الله أكبر .. لا إله إلا الله .. الله أكبر .. ولله الحمد ..
أيها المسلمون :
هذا اليوم العظيم هو يوم الحج الأكبر، وهو أفضل أيام السنة، وهو أكبر العيدين وأفضلهما، وهو خاتمة أفضل عشرة أيام في العام، وهو وسط بين أيام العشر وأيام التشريق، وكلها أيام ذكر وتكبير (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) هي أيام العشر (واذكروا الله في أيام معدودات) هي أيام التشريق، وهي أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى كما جاء في الحديث، فما أعظم فضل الله علينا، وما أشد رحمته بنا، إذ هدانا إلى ما يقربنا إليه، فله الحمد دائماً وأبداً ..
اليوم عباد الله يوم الذكر والشكر، يوم الذبح والنحر، (فصل لربك وانحر)، وأكثر أعمال الحجاج تكون فيه، فيرمون الجمرات، ويتقربون بهديهم، ويحلقون رؤوسهم، ويحلون من إحرامهم، وفيه ركنا الحج الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة (ثم ليفضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) ..
أيها المسلمون :
ليكن حديثنا معكم ، ولتكن انطلاقتنا بكم هذا اليوم من هذه الشعيرة العظيمة ، وهذا الركن المكين (الحج) نتأمل في معانيه ونقف عند مقاصده ، ونتدبر فيه العبر ونأخذ منه العظات.
يقول الله عز وجل في سورة الحج : (وإذ بوّأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ، وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ، ليشهدوا منافع لهم ويذكروا أسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ، ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوَّفوا بالبيت العتيق ، ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربَّه وأحُلَّت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم واجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ، حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خرَّ من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريحُ في مكان سحيق ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) .
شعيرة الحج وما أدراكم ما الحج ؟
هذه الشعيرة الربانية وهذه العبادة العظيمة التي تتكرر معنا كل عام وتعاودنا كل سنة ، وتذكّرنا كلما نسينا ، وتُنِبهُنا كلما غفلنا وتوقظ في أنفسنا معاني ربما فترت ، وأحاسيس ربما بردت ، ومفاهيم ربما نُسيت أو أُنسيت في غمرة الأحداث ، وفي مسيرة الأيام ، وفي دوَّامة الحياة المتقلَّبة والمتغيّرة.
تمر علينا هذا الشعيرة وواقع المسلمين كما ترون وواقعنا كما تعلمون وحالنا كما تعرفون.
أيها المسلمون :
حريُّ بنا أن نعود إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجميلٌ أن نقف معاً ونتأمل سويَّاَ ونتدبَّر جمعياَ بعض معاني الحج ، هذه المعاني التي ينبغي أن نستحضرها في يومنا هذا ، وفي كل يوم ، هذه المقاصد التي شرع الله من أجلها هذه الشعيرة وفرض علينا هذا الركن العظيم من أركان الإسلام .
إن معاني الحج ومقاصده تقوم أمامنا كل عام وتمر علينا كل سنة حتى نتذكَّرها ونقيس أنفسنا وأحوالنا عليها وننظر مدى قربنا منها ومدى بعدنا عنها ، مدى التزامنا بها وفي أي اتجاه نحن منها.
أولا : القيام بواجب العبودية لله والطاعة له والاستجابة لأوامره والاحتكام إليه سبحانه : ففي خروج الناس من أوطانهم لأداء هذه الفريضة وسفرهم من بلدانهم واتجاههم إلى بلد الله الحرام وبيته العتيق ، متحملين في سبيل ذلك المشاق والمتاعب ، مستسهلين المعوقات والمصاعب قد أنفقوا من أموالهم وبذلوا مما يملكون استجابة لأمر الله وتلبية لندائه ، وابتغاء لمرضاته ، وتضحية في سبيله ، إن هذا كلُّه ليعلّمنا درساً عظيماَ ويضعنا أمام معنى مهم ألا وهو كمال العبودية والخضوع والاستجابة والطاعة لله وبذل المال والنفس والجهد لذلك .
أيها المسلمون :
إننا نحن المسلمون عباداً مأمورين ينبغي لنا أن نكون ، مستسلمين لأوامر الله وأحكامه نقدّم طاعته على أهوائنا ، نقدّم رضاه على شهواتنا ، نقدّم دينه عل نزعات أنفسنا ورغباتها.
فلننظر يا عباد الله في حالنا مع أوامر الله ، ونحاسب أنفسنا في القيام بواجباتنا الدينية من أمور العبادات والمعاملات في تعاملنا مع الله وفي تعاملنا مع عباد الله.
أيها المسلمون : ومن دروس الحج ومعانيه :
ثانياً : الإخاء والاجتماع والمحبة والائتلاف :
إن هذا المعنى المهم ، وهذا المقصد العظيم قد أكّدته كثير من الشعائر الإسلامية والفرائض الدينية ، فالصلاة يجتمع المسلمون فيها في اليوم خمس مرات على اختلاف طبقاتهم ، وأجناسهم ، وقبائلهم ، وانتماءاتهم ، الجميعُ يقف صفاً واحداً بين يدي الله ، بجانبه أخوه المسلم ، الذي قد يختلف معه في أشياء كثيرة ، لكن يتفق معه في الانتماء والانتساب إلى هذا الدين العظيم ، يصلّي معه إلى قبلة واحدة في صفِ واحد إلى ربِّ واحد مع إمام واحدِ.
كذلك الزكاة وهي الشعيرة ذات الطابع الاجتماعي والإقتصادي التي تجعل من المُسلم يٌخرج من ماله وينفق مما تعب واجتهد في تحصيله وجمعه خلال عام كامل أو أكثر يُخرج منه لأخيه المسلم زكاةَ تكون عوناَ له على أمور الحياة وصعوبات المعيشة ، فلا استئثار ولا أنانية بل محبة وإخاء وبذل وعطاء وتآلف ورحمة.
ثم يأتي الصيام الذي يؤكد هذه الرابطة ويعمق هذا الإحساس ويوثق هذه العلاقة ويزيدها رسوخاً في قلب المؤمن وعقله ونفسه وضميره ،.يصوم المسلمون في جميع أنحاء العالم شهراً كاملاَ في عبادة موحّدة ، رغم تباعد الديار ، ووجود الفوارق المكانية والجغرافية والزمانية كذلك ، إلا أن كل مسلم في الشرق أو في الغرب في الجنوب أو في الشمال عربي أو أعجمي جمعيهم كلهم في أوطانهم وبلدانهم وبيوتهم يعيشون هذا الشعور القوي الموحّد ، ويحسون بهذا الإحساس العميق المؤكّد.
ثم تأتي فريضة الحج : هذه الشعيرة التي تجمع المسلمين بقلوبهم وهم في أوطانهم ممن لم يحج إلى مكة ، وتجمع المسلمين بأجسادهم وأبدانهم وأجسامهم ممن جاء إلى مكة للحج فيجتمع الكل اجتماعاَ حقيقياَ واقعياَ في ذلك المكان الطاهر وفي تلك البقاع المقدسة يؤدون عبادات وشعائر موحّدة يؤدّيها الرئيس والمرؤوس ، الكبير والصغير ، الغني والفقير ، الأسود والأبيض ، العربي والأعجمي ، الشرقي والغربي ، أجتمع الجميع لهدف واحد ، ومقصد واحد ألا وهو إرضاء الله الواحد الأحد الفرد الصمد.
أيها المسلمون :
إن معنى الأخوة والمحبة والائتلاف والاجتماع يتكرر معنا كل يوم في الصلوات الخمس ، ويتكرر معنا كل أسبوع في الاجتماع للجمعة ، ويتكرر كل سنة في رمضان وفي العيدين وفي الحج ، مما يؤكد علينا أن نتعاون وأن نتعالى على كل نزعة أنانية أو وسوسة شيطانية أو عصبية جاهلية أو دعوة مناطقية .
أيها المسلمون :
إن الحج ليعلو بنا وبعقولنا لننظر في آفاق واسعة ويعلو بأفكارنا لنرى رحاباَ فسيحة ، إننا ننشد الوحدة الإسلامية والرابطة الإيمانية التي جاء الإسلام ليقيمها ويعمّقها ويؤكدها بين المسلمين على اختلاف مكوناتهم .
عباد الله :
إنه من المؤسف جداَ ومن المخزي حقّاَ ونحن نعيش هذه المشاعر الإسلامية التي عشناها في رمضان ، وعشناها في عيد الفطر المبارك ونعيشها الآن في موسم الحج وعيد الأضحى ، أن نكون اليوم بهذا التفرق وهذا التمزق الذي يشهده واقعنا ونعيشه ونلمسه على مستوى الوطن والقرية والحي فليس ذلك من أخلاق الاسلام ولا من تعاليمه فكل مشكلة ولها حل وكل قضية ولها حل واذا أردنا حلا لجميع قضايانا فعلينا أن نقبل بعضنا بعضا ونصبر على بعضنا البعض على ما بيننا من اختلافات فنحن على ظهر سفينة واحدة فكيف نبحر بها إلى بر الأمان ونكون يداَ واحدة وكلمة واحدة وصوتاَ واحداَ ضدًّ الظلم والظالمين ضدَّ الفساد والفاسدين ضدَّ النهب والناهبين أينما كانوا ومن أي مكان أو بلدِ كانوا .
الخطبة الثانية :
أيها المسلمون :
ونحن في هذه اليوم المبارك لا يفوتنا أن نتذكر ذلك البيان الشامل وذلك البلاغ المبين وتلك الخطبة البليغة التي خطبها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يودع الدنيا ويوصي أمته بوصاياه الأخيرة حيث وقف في يوم عرفة في وادي عرفة في حجة الوداع وفي خطبة الوداع يُخاطب المسلمين في كل زمان ومكان ، في كل عصر ومصر فقال : ( يا أيها الناس اسمعوا قولي هذا فإني لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا ، بهذا الموقف أبدأ : إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، الا كل شي من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث ، وربا الجاهلية موضوع ، وأول رباَ أضع من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله :
فاتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدُ تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباَ غير مبرحَ ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله … الخ)
هذه الخطبة الجامعة وهذه الكلمات النيّرة وهذه العبارات المضيئة التي وضعت لنا أسساَ ورسمت معالم وأقامت أركانا للمجتمع الإسلامي كما يراه الإسلام وكما رسمها محمد صلى الله عليه وسلم الذي جاء رسولاَ للعالمين ورحمة للناس أجمعينَ.
ولنقف على بعض هذه المعالم بإيجاز :
اولا : الالتزام بالمنهج الرباني الإسلامي بديلاَ عن مناهج الجاهلية إنه مجتمع ينطلق من الإسلام ويحتكم للقرآن ويهتدي بهدي النبي العدنان ينطلق من أقواله وأعماله وشريعته وسنته.
( ألا إن كل شي من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع)
ثانيا : احترام الآخر ومراعاة حرمته وعدم الاعتداء على حقوقه من مال أو عرض أو دم .
(إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا )
إن الدماء في شريعة الإسلام محفوظة والأرواح مصونة والنفوس مكرمة لا يحل دم مسلم ولا ماله ولا عرضه إلا بحق الإسلام وبحكم القضاء والقانون.
وما نسمع عنه في الآونة الأخيرة من اغتيالات وتفجيرات واعتداءات على النفوس المحرّمة والأرواح المعصومة يتنافى مع سمات المجتمع الإسلامي التي رسمها القرآن ووضع أسسها النبي صلى الله عليه وسلم وأكدها في خطبة الوداع.
ثالثا : إن من المعالم والسمات التي أكد عليها النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع سمة مهمة لا قيام لمجتمع ولا هدوء ولا سكينة ولا أمن ولا أمان إلا بوجوده ألا وهو الكفاية في الاقتصاد والكرامة في العيش لذا أكد النبي في خطبته على حفظ الأموال وعدم الاعتداء عليها ، وذكر وأكّد على تحريم الربا الذي هو من أكبر أسباب تدهور الاقتصاد واستغلال حاجة المسكين والمحتاج ، إن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يؤكد على ذلك يعلّم المسلمين إنه لا بد لأفراد المجتمع جميعهم وكلهم ان يعيشوا عيشاَ محترماَ ويحيوا حياة كريمة متوفر لديهم حاجاتهم الضرورية التي تكف وجوههم وأيديهم عن المسألة وتكفف الغير.
لقد آل حال كثير في مجتمعنا على صور من الكسب المحرم يندى لها الجبين كالرشوة والتسوّل والسطو واللصوصية والنهب والاحتيال ، فهذه الوسائل تُعدّ اليوم وسائل معتمدة للحصول على المال لدى بعض الناس وإن من أسباب ذلك ضعف الوازع الديني وعدم استشعار عظمة الإثم وحرمة هذه الدماء والأموال ، وعلى الدولة سرعة معالجة هذه الظواهر الخطيرة التي تنخر في جسد الأمة وتوشك على تفكيكه وانهياره وذلك بتوفير الحياة الكريمة ليعيش الناس بكرامة ويحيون بشرف.
رابعاَ : من معالم المجتمع الإسلامي التي وضع معالمها الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع انه مجتمع متكامل يستفيد من كل طاقة ولا يحتقر أي جهد ولا يهمش أي شخص ولا يقصي ولا يُبعد أي فرد فيه.
الجميع فيه يتحمل واجباته و يأخذ حقوقه و يلاقي الاحترام و التقدير من الجميع .
فلا إقصاء للمرأة و لا تهميش للأنثى و لا ظلم لأحد .
إننا ومن هذا المعلم نؤكد على مسؤوليتنا المشتركة في بناء هذا الوطن و تغيير هذا الواقع و أن لا طريق لذلك التغيير و لا سبيل لتلك التنمية و النماء إلا أن يقوم كل واحد منا بمسؤلياته وواجباته و يؤدي الذي عليه و يبتغي الله في موضعه و مكانه و يعين الآخرين على ذلك .
أيها الإخوة الكرام :
ونحن في يوم العيد علينا إن نتذكر إخوة لنا في سوريا يمر عليهم العيد وهم يعيشون في وضع أقصى ما يمكن وصفه بأنه مرعب تحت قصف الدبابات وازيز الطائرات يستشهد منهم كل يوم العشرات ، وتغتصب النساء العفيفات الطاهرات ، وربنا يطمئننا على حالهم فيقول: ( إن مع العسر يسرا ) وان واجبنا إن ننصرهم وندعو الله لهم إن يثبت أقدامهم وينصرهم على عدوهم ، وان ندعمهم بالمال لإيواء المشردين وكفالة الأيتام من أبناء الشهداء وعلاج المرضى ، فساهموا في نصرة اخوانكم في سوريا وان الصناديق على مداخل المصلى تنتظر صدقاتكم في هذا اليوم العظيم …..
وصلوا وسلموا ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.