تابعتُ ولا زلتُ أتابع تفاعلات الحادث المشؤومِ للسفينة الكارثة (تشامبيون)، التي لم تحمل من معاني اسمها (البطولي) شيئاً، بل هي مجرمةٌ مع سبقِ وإصرارِ وترصّدِ مالكها ومن تعاون معه وباعَ ضميرَه لشيطانِ المادّة والمكسب القريب أو تهاونَ في واجبٍ ومسؤوليةٍ تجاه الوطنِ والمواطنين. وخلال متابعتي تلك – التي كانت للأسف عن بُعد فقد صادفَ أن تفاعلت كلُّ تلك الأحداث وأنا خارج أرض الوطن في مهمةِ عمل – لاحظتُ كيف أن حادثاً بهذا الحجم الكارثي كان من الممكن أن يكون على مرارته سبباً في تجميعِ كلمتنا كحضارم بعد أن تشتت وتشرذمت وتبعثرت في أودية السياسة السحيقة، وكانت مناسبةً للالتفاف حول الهمّ الواحد الذي يؤرقنا جميعاً ويصيبنا جميعاً بل ويقتلنا جميعاً دون أن يفرّق بين انتماءاتنا وتوجهاتنا، بل وكانت فرصةً سانحة من لحظات التلاقِ للمصير المشترك كان من الممكن أن يمتدّ أثرُها ليبلغَ قضايا أخطرَ وأعمقَ من تلويثات تشامبيون وأصحابها تصل الى عمق الخطر الاستراتيجي المحدّق بنا في ظل سيناريوهات المجهول القادمة على أجنحة الحوار أو على متن الدبابات أو الطائرات بدون طيار، وسيناريوهات الاستنزاف في البشر والشجر والحجر.
لقد تلوث البحرُ لدينا، وكلنا اليوم نصرخُ بأعلى الصوت لوقف الكارثة والتقليل من آثارها ومحاسبة المتسببين، وهو واجبٌ وطنيٌ على كلّ من يحملُ انتماءاً لهذه الارض الطيبة، ولكن في تقديري لا ينبغي أن يقفَ الأمرُ عند هذا الحد، أو يقتصرَ على السفينة تشامبيون، بل هي الفرصة المواتية لخلقِ اصطفافٍ حضرميٍ متين نعتلي به ظهرَ سفينتنا نحن، السفينة الحضرمية التي نحن جميعاً على متنها وهي ملكنا وحقنا، السفينة التي تسرّبت وتتسرّبُ منها يومياً وعلى مرّ عقودٍ من الزمان أطنانُ الاطنانِ من الثروة والمقدّرات بشريةٍ وماديةٍ ومعنويةٍ قِيَمِيَّة، السفينة التي تركناها تواجه أمواجَ الحزّبيةِ وتياراتِ الاصطفاف والاستقطاب السياسي شمالاً وجنوباً شرقاً وغربا، حتى كادت أن تُغرقها، السفينة التي إن نجت نجونا جميعاً، وإن هلكت هلكنا جميعاً، فكلُّنا في ذات السفينة ولا مناص لنا ولا خيار غير أن نحرصَ على ترميمها وصيانتها، ونتعاون ونتكامل في ذلك ونشدّ على أيدي بعضنا عسى أن نكونَ جميعاً ومعاً من الناجين.
لذا كم أتمنى من اللجنة الشعبية المشكّلةِ لقضية التلوث وكلهم أساتذةٌ وإخوةٌ أفاضل من خِيرة أبناء حضرموت أن تضعَ نصبَ عينيها أننا نعوّل عليهم الكثير وكل حضرموت تنتظر منهم وفقاً لطاقتهم وامكانياتهم أن يجعلوا من جهدهم الطيب المبارك بارقةَ أملٍ في جهدٍ حضرميٍ شعبيٍ مهنيٍ عقلانيٍ مشترك يُعيد لنا الثقةَ في أنفسنا أننا لا زلنا قادرين على العمل معاً والمضيّ معاً في سفينةٍ واحدة تحفظ أبناءها وكرامتهم وقيمهم ومقدراتهم وثرواتهم، وإنّي على ثقةٍ بإذن الله أنهم قادرون.