قالت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية في تقريرٍ مشترك، أنه يوجد في سجون الولاياتالمتحدة ما لا يقل عن 2225 من مرتكبي الجرائم الأطفال ممن يمضون أحكاماً بالحبس المؤبد دون إمكانية إخلاء السبيل المشروط، وذلك بسبب جرائم ارتكبت قبل أن بلوغهم الثامنة عشرة. ورغم أن كثيراً من هؤلاء قد صاروا بالغين الآن، فإن 16% منهم كانوا بين 13 و15 عاماً من العمر وقت ارتكابهم تلك الجرائم. ويقدّر أن 59% قد حوكموا بالحبس المؤبد دون إمكانية إخلاء السبيل المشروط منذ إدانتهم الجرمية الأولي. وتوجد الآن في اثنتين وأربعين ولاية قوانين تسمح بأن ينال الأطفال حكماً بالمؤبد دون الإخلاء المشروط. ويعتبر تقرير السجن مدي الحياة: أحكام مؤبد دون إخلاء سبيل مشروط للمجرمين الأطفال في الولاياتالمتحدة« والواقع في 157 صفحة، أول دراسةٍ عبر الولاياتالمتحدة تتناول نظام محاكمة الأطفال كبالغين والحكم عليهم بالمؤبد في سجون البالغين دون إمكانية إخلاء السبيل المشروط. ويستند التقرير إلي أبحاث استمرت علي مدار سنتين وإلي تحليلٍ بياناتٍ تأديبية، فيدرالية وعلي مستوي الولايات، لم تجمع من قبل. وقد مكّنت هذه البيانات المنظمتين من تتبع اتجاهات الولايات كل علي حدة والاتجاهات الفيدرالية فيما يخص الحكم بالمؤبد دون الإخلاء المشروط وصولاً إلي أواسط عام ،2004 بالإضافة الي من تحليل جرائم المجرمين الأطفال وتاريخهم وأعراقهم. وتقول أليسون باركر، وهي باحثة رئيسية في هيومن رايتس ووتش، والتي وضعت التقرير لكلٍّ من المنظمتين: لا يجوز أن يُفلت الأطفال الذين يرتكبون الجرائم من العقاب. لكن، إذا كانوا أصغر من أن يصوّتوا أو أن يشتروا السجائر، فهم كذلك أصغر من أن يمضوا بقية حياتهم خلف القضبان«. وتصدر منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش هذا التقرير في توقيتٍ شديد الأهمية. إذ رغم تناقص عدد اليافعين الذين يرتكبون جرائم خطيرة كالقتل مثلاً، يتزايد في الولاياتالأمريكية إصدار أحكام الحبس المؤبد دون إخلاء السبيل المشروط بحقه هؤلاء اليافعين. ففي عام 1990 مثلاً، أدين 2234 طفلاً بجرم القتل، وحكم علي 9,2% منهم بالمؤبد دون إخلاءٍ مشروط. وفي عام ،2000 انخفضت نسبة الإدانة قرابة 55% (1006 حالات)، لكن نسبة الأطفال الذين أصدرت بحقهم مثل هذه الأحكام ارتفعت بمعدل 216% (أي إلي 9%). وقال د. ويليام ف. شولتز، المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية في الولاياتالمتحدة: يتوجب إطلاق أيدي القضاة والمدّعين العامين في الولايات وعلي المستوي الفيدرالي، ومنحهم خياراً آخر غير إجبارهم علي تحويل المحاكم إلي مصانع تصدر أحكام المؤبد علي الأطفال بالجملة، بحيث تتجاهل إمكانية التغيير الكبيرة عند هؤلاء الأطفال وتسلبهم كل أملٍ بالخلاص«. ويعتبر إصدار حكم المؤبد دون إمكانية إخلاء السبيل المشروط أمراً ملزماً في 26 ولاية، وذلك بحق كل من يعتبر مذنباً بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولي بغض النظر عن العمر. وطبقاً للتقرير، فإن 93% من الجناة اليافعين الذين يمضون أحكاماً بالمؤبد دون إخلاءٍ مشروط قد أدينوا بجرم القتل. لكن منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وجدتا أن حوالي 26% منهم قد أدينوا بالقتل الجنائي«، وهو ما يعني أن أي شخص متورط في ارتكاب جريمة خطيرة تم خلالها قتل شخص ما يكون مذنباً بجرم القتل أيضاً، حتي وإن لم يتسبب بالموت شخصياً أو علي نحوٍ مباشر. وعلي المستوي القومي، يقدّر معدل تعرض اليافعين السود إلي أحكام السجن المؤبد دون إخلاءٍ مشروط بعشرة أضعاف ما يتعرض له اليافعون البيض (6,6 مقابل 6,0). وتزداد هذه النسبة كثيراً في بعض الولايات: ففي كاليفورنيا مثلاً، تبلغ نسبة أحكام السجن المؤبد دون إخلاء علي اليافعين السود 5,22 مرة أكثر مما هي عليه بين اليافعين البيض. وفي بنسلفانيا، يفوق احتمال تعرض اليافعين من أصولٍ أسبانية لذلك الحكم احتمال تعرض البيض له بعشر مرات (2,13 مقابل 3,1). والولاياتالمتحدة هي من بين قلّة من بلدان العالم التي تسمح بالحكم علي الأطفال بالحبس المؤبد دون إخلاء السبيل المشروط. وتحرم الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والتي صادقت عليها جميع بلدان العالم ما عدا الولاياتالمتحدة والصومال، هذه الممارسة. كما أن 132 بلداً علي الأقل قد نبذت ذلك الحكم جملةً. وفي حين يملك ثلاثة عشر بلداً قوانين تسمح بالحكم علي الأطفال بالحبس المؤبد دون إخلاءٍ مشروط، فإن عدد المجرمين اليافعين، خارج الولاياتالمتحدة، الذين ينفذون هذه الأحكام حالياً دون أية إمكانية لإخلاء السبيل المشروط هو حوالي 12 يافعاً فقط. وقد اعترضت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش علي الحجة القائلة بأن المجرمين اليافعين غير قابلين للإصلاح، وهو ما تنص عليه الأحكام التي ينالونها.