لكي ينمو الاقتصاد الوطني ويتطور يتطلب من الدولة الاهتمام بموارده الخمسة الرئيسية وهي: 1 - قطاع النفط والغاز 2 - قطاع المغتربين 3- قطاع السياحة 4- قطاع الزراعة والصيد 5- قطاع الصناعة فإذا نظرنا إلى الدول الذي تملك اقتصاد قوي سوف نجد أنها تولي اهتماماً كبيراً بكل تلك القطاعات، أما نحن فتجد أن الدولة تقوم بالتركيز والاهتمام بشكل كبير في قطاع واحد- وهو قطاع النفط والغاز. والمتابع لاهتمامات الدولة خلال السبعة عشر عاماً الماضية من عمر الوحدة سوف يجد أن جميع الحكومات المتعاقبة كان النفط يمثل الركيزة الأساسية في أولوياتها لما يمثله ذلك الرافد من أهمية في دعم الاقتصاد الوطني. لذلك نجد إن الدولة تقوم بتوفير كل الاحتياجات المطلوبة لزيادة الكمية المنتجة كما أن الدولة تسخ كل إمكانياتها الأمنية لحماية خطوط نقل النفط والغاز وحماية الآبار ومحطات التكرير وابتعاث وتدريب الكوادر اليمنية. إن الاهتمام بتطوير ذلك القطاع أمر في غاية الأهمية وكلنا ندرك ذلك جيداً، ولكن يجب أن لا تهمل القطاعات الأربعة الأخرى والذي لو دققنا فيما تقدم الدولة لتلك القطاعات لوجدنا الإهمال الكامل لبعضها مثل المغتربين والزراعة، أو اهتمام لا يكاد يذكر لقطاع الصناعة وصيد الأسماك، رغم أن إيرادات تلك الروافد دائمة، أما النفط فأنة سينضب في يوم من الأيام . إذا كان المسئولون في الدولة ينظرون إلى الروافد الأربعة الأخيرة على إنها لاتصب مباشرة في خزينة الدولة، ولا تظهر في الموازنة العامة، وبالتالي لا تعطى الاهتمام الواجب فان ذلك ربما يكون السبب الأساسي في تدهور تلك القطاعات ويرجع ذلك إلى قلة الكوادر المتخصصة في تنمية الاقتصاد الوطني تشارك في صنع السياسات الاقتصادية للدولة. فإذا ما أجرينا مقارنة بسيطة بين دخل اليمن من إيرادات النفط والغاز وإيرادات المغتربين سوف نجد أن إيرادات النفط والغاز حسب تقرير البنك المركزي اليمني 1,246 مليار ومائتين وستة وأربعون مليون دولار للنصف الأول من العام 2007 بينما نجد أن حوالات المغتربين تفوق ذلك الرقم بكثير، حيث يوجد أكثر من ثلاثة مليون مغترب على فرض أن متوسط تحويلاتهم السنوية إلفين دولار فيكون المبلغ التقديري السنوي المحول منهم ستة مليار دولار.
إن إيرادات النفط والغاز تغطي تكاليف الإنفاق على الجيش والأمن والصحة والتعليم وشق الطرق ونظافة المدن وغير ذلك مما تقدمة الدولة من خدمات، في المقابل نجد أن المبالغ المحولة من المغتربين من العملات الصعبة تغطي تكاليف الجزء الأكبر مما يتم استيراده من المواد الغذائية ومواد البناء والسيارات والمعدات وقطع الغيار بالإضافة إلى النهضة العمرانية الذي يشهدها الوطن كل ذلك يدل على أن المغتربين هم المساهم الأول في تنمية الاقتصاد الوطني. والدليل الأخر على ذلك هو اهتمام فخامة الأخ القائد بذلك الرافد والتزامه في برنامجه الانتخابي بتقديم كل الرعاية والاهتمام للمغتربين. إذن دعونا ننظر ماذا قدمت أو استثمرت الدولة في هذا القطاع واقصد قطاع المغتربين وما المطلوب منها تجاههم..! لا توجد أي استثمارات تذكر في هذا الجانب؛ اللهم استحداث وزارة مغتربين مخصصاتها لا تكفي مصاريف تنقل للأخ الوزير إذا ما أراد السفر لمتابعة أحوال المغتربين في شتى المعمورة وحل مشاكلهم الكثيرة، ناهيك عن ما يعانوه من المشاكل بالداخل. إن المطلوب من الدولة إعطاء هذا القطاع اهتماما اكبر يتلخص في الأتي: أولا : إعطاء المغترب الأولوية في كل مجالات الاستثمار المتاحة بالوطن. ثانيا : حماية ممتلكاته من السطو عليها من قبل المتنفذين في الدولة. ثالثا : سرعة وتسهيل الإجراءات اللازمة لأنها معاملاتهم في إدارة الهجرة والجوازات. رابعا : توجيه السفارات والقنصليات بالخارج بتسهيل ومتابعة مشاكل المغتربين ومحاسبة المقصرين. خامسا : تحسين شكل وأداء جميع المنافذ الجوية والبرية والبحرية، فالانطباع الجيد أو السيئ يبدأ منها. أما القطاعات الثلاثة الأخرى: الزراعة وصيد الأسماك والصناعة، فالحديث عنها ذو شجون ويحتاج إلى وقفة أخرى إذا شأ الله.