ماليزيا العالم من حولنا يتغير ومن هذه التغيرات تبني الجميع فكرة الإدارة اللامركزية والتي كانت مخرج طبيعي لمبررات اقتصادية وسياسية واجتماعية رافقت تلك التغيرات. اغلب بلدان العالم الثالث تحاول تبني مفهوم اللامركزية الإدارية أو تطبيق مفهوم الإدارة المحلية لتخفيف حدة المركزية وتبعاتها من بيروقراطية إدارية وما يصاحبها من تكاليف مالية باهضة وبطئ شديد في إحداث تنمية شاملة لأي مجتمع. لذا تلجأ الأنظمة إلى إعطاء الصلاحيات وتفويض السلطات لإدارات المحافظات والأقاليم التابعة للدولة وذلك للتسريع في إيجاد حلول اقتصادية وسياسية وإدارية تساهم في رفد وتنمية المجتمع المدني المحلي الحديث بما يحقق رفاه المجتمع بأكمله. كنت أتحدث مع مجموعة من المهتمين بموضوع الإدارة المحلية واللامركزية الإدارية في اليمن، وكنا نتوقع أن تسير الأمور في موضوع الإدارة المحلية بتدرج، حيث إن المجالس المحلية الموجودة قد تفضي إلى إدارة لامركزية ومنها إلى سلطة محلية وأخيرا إلى حكم محلي أو حكم ذاتي مع الحفاظ على الأمور السيادية للدولة. ومراعاة لعدم اعتياد الناس على ذلك في اغلب بلاد العالم الثالث وخاصة اليمن وعدم معرفتهم بها إلى جانب القصور في تطبيق هذا المفهوم الراقي من إدارة أقاليم ومحافظات الدولة كنا نتوقع أن يتم ذلك على مراحل متدرجة- فقط- لكي يضمن نجاح الترجمة الصحيحة له في واقع الناس. قرار إنشاء وزارة الإدارة المحلية بداية كان موفق لأنه ترجم فهم تلك المتغيرات الحاصلة في العالم سياسيا واقتصاديا لكي يتم التعامل مع كل تلك المتغيرات المتلاحقة بشي من السلاسة والمرونة والاستفادة بما تفرزه من ايجابيات في هذا الصدد، فكان قرار إنشاء وزارة الإدارة المحلية. مبادرة الحكم المحلي من الأخ الرئيس كانت خطوة جريئة بكل ما تعني الكلمة من معنى لأنها اختصرت زمنا كان يجب التدرج فيه لكي نصل إلى نقطة الحكم المحلي. قرار المبادرة يتضمن بكل إيجابياته المتوقعة حلولا لكثير من مشاكل اليمن الاقتصادية والإدارية والسياسية والاجتماعية إن تم توظيفه بالشكل المناسب وقام عليه ناس مخلصون. فأغلب الناس يتوقعون على اثر ذلك حدوث قفزات ايجابية على المدى المتوسط والبعيد خاصة في المجال الإداري والاقتصادي مما يعكس نفسه أيضا على الجوانب السياسية. الحكم المحلي وأثره في المجال الاقتصادي الحكم المحلي في بلد كاليمن قد يساعد بايجابية كبيرة في رفد اقتصاد كل محافظة على حدة – لتنوع الموارد والامكانات- بما يحقق تنمية في كل الاقتصاد اليمني إذا تم فعلا العمل به بشكل سلس وبمرونة متناهية وتم تفعيل ادوار كل شركاء التنمية في كل محافظة من مكاتب الوزارات، مكاتب الإدارة المحلية، السلطة المحلية، القطاع الخاص، مؤسسات المجتمع المدني، إضافة إلى ذلك إشراك المواطن المحلي في التخطيط لتنمية محافظته كونه محرك العملية وإنجاحها. كان الاقتصاد اليمني في أيام التشطير يكاد يكون اقتصاد مخطط شمولي في نظام الاقتصاد في الجنوب اليمني إذ يميل إلى تبني المفهوم الاشتراكي في إدارة عجلة التنمية من خلال مؤسسات الدولة ومرافقها المختلفة واعتاد الناس آنذاك أن تلبي متطلباتهم المعيشية من خلال مؤسسات الدولة. بينما الشمال اليمني يكاد نظامه الاقتصادي يكون مختلط والاعتماد غالبا على تحويلات المغتربين إلى جانب موارد الدولة الأخرى. وبعد الوحدة المباركة بقي الاقتصاد اليمني مختلط إلا أن الحكومة حاولت إعطاء دور بارز للقطاع الخاص في المساهمة في المشاركة الايجابية في التنمية وذلك بفتح باب الاستثمار في مجالات عديدة منها قطاع التعليم والصحة والسياحة.. وذلك في إشارة منها إلى تبني نظام الاقتصاد الحر. الحكم المحلي هو ترجمة متقدمة لتبني فكرة الاقتصاد الحر، ويكمن فيه حلا لمشاكل الاقتصاد اليمني إن تم تفعيل كل ايجابيات المجتمع اليمني وشركاء التنمية كما أسلفنا القطاع الخاص والحكومي، السلطات المحلية والمواطنين إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني. اغلب أبناء اليمن يعانوا من عدم وجود وظائف، هل يستطيع الحكم المحلي بما أعطي من مرونة من توظيف كل متاحاته ومدخلاته الايجابية من إيجاد وظائف للعاطلين أو يحد من هذه المشكلة؟ اغلب أبناء اليمن يهاجروا طلبا للرزق، واغلب أماني المغتربين هو بناء بيوت متواضعة تسترهم مع عوائلهم – لان ثقافة اغلب أهل اليمن هو عدم الخروج من بيت الأب أو الجد حفاظا على تماسك الأسرة- هل سوف تساهم السلطات المحلية في تبني مشاريع إسكانية طويلة الأجل لذوي الدخل المحدود بداية في كل محافظة على حدة للتخفيف من معاناة الناس.. وهذه المشاريع سوف تخلق فرص عمل لأغلب أبناء اليمن العاطلين وسوف تكون فرص غير محدودة وسوف تحرك جوانب الاقتصاد اليمني الساكنة وتنشطه وتفعله من جديد. هناك قطاع خاص يمني مؤهل قادر أن يتبنى - في ظل الحكم المحلي- أفكار استثمارية ناجحة إذا تم إشراكه في عملية التخطيط للتنمية المحلية مع الأخذ في الحسبان إشراك المواطنين في صنع تلك الخطط كونها تمسهم في المقام الأول وتلامس احتياجاتهم. ربما الحكم المحلي هو الأرضية المناسبة للارتقاء بالاقتصاد اليمني كونه تخلص من بيروقراطية الإدارة المركزية وأصبح أكثر مرونة وتناغم مع هموم المجتمع المحلي بما ينعكس في توظيف كل إمكانات المجتمع المحلي نحو نمو الاقتصادي محلي يصب في إحداث تنمية مستقبلية شاملة. النتائج المؤملة والمتوقعة من الحكم المحلي في بلد كاليمن كثيرة وكبيرة- من قبل كل شرائح المجتمع اليمني- من كل الأطراف وعلى رأسهم السلطات المحلية، ووزارة الإدارة المحلية في خلق جو من التناغم بين كل أطراف شركاء التنمية المحلية كانوا مواطنين، قطاع خاص، مغتربين أو حتى مؤسسات مانحة أو داعمة دولياً، وذلك للتخفيف من معاناة الشعب اليمني. (( عيد سعيد للجميع ))