المجتمعات المنتجة هي المجتمعات التي تتظافر فيها جهود كل ابناؤها للمساهمة بصورة ايجابية في عملية التنمية وذلك من خلال ايجاد فر ص عمل لابنائه. بل قادرة على خلق افكار تتبلور الى اعمال ومشاريع حية وذلك باستغلال موارد المجتمع المحلية المتوفرة. المجتمعات التي تمر بازمات اقتصادية او نكبات نتيجة ظواهر طبيعية غالبا ما تعود الى ما تمتلكه من رصيد موارد طبيعية حباها الله تعالى فيتم استثمار ذلك الى جانب توظيف كل امكانات المجتمع البشري للخروج من الازمة. في تلك المجتمعات ربما تكون تلك الازمات عامل ايجابي ونقطة تحول مهمة في حياة كل المجتمع اقتصاديا وسياسيا وثقافيا. توجد في بلادنا العربية كثير من الموارد المتاحة وهي كافية لانعاش اقتصاديات تلك الدول لو تم استثمارها بصورة فاعلة او يتم الاهتمام بها مثل الاهتمام بمورد البترول. لذا نرى ان اغلب الدول العربية او كلها تعتمد اعتماد كلي على مورد واحد او موردين وفي الغالب المورد الوحيد المستثمر هو مورد البترول. يبقى مورد البترول يغطي كثير من الاختلالات الاقتصادية في الدول العربية لكن اذا حصل اي اهتزز في اسعار سوق هذه المورد لاي سبب كان فان كثير من الدول العربية سوف تدخل في ازمات اقتصادية وسياسية. بعض الدول العربية تمتلك نسبة قليلة من مورد البترول الا انها تمتلك موارد اخرى كثيرة. ولا تقل اهمية عن ذلك المورد الا انها لا تستثمر. ومع ذلك فهي تعاني من معوقات اقتصادية كثيرة. اليمن واحدة من تلك الدول فهي تمتلك نصيب من هذا المورد الا انها تعاني من مشاكل اقتصادية لاسباب كثيرة. ولكي نخرج من دائرة المسائلة المغلقة عن كيفية استثمار موارد المجتمع اليمني (وهي بالطبع كثيرة ). وهل مسؤلية استثمار ذلك تقع على الحكومة او المجتمع ام الاثنين معا كلا فيما يخصه. وللاستفادة من الوقت وعدم اضاعته في لوم هذا الطرف او ذاك والغوص في سلبيات كل طرف. المجتمع اليمني كله (حكومة وشعب) ربما شارك في التقصير كلا في جانبه. لكن ليعلم جميع الاطراف ان عليهم واجب مواجهة ذلك وايضا كلا فيما يتعلق به. وخوفا من نتائج تلك المرحلة وما يصاحبها من انتشار حالة الفقر والعوز بين الناس وتدنى مستوى الدخول وظهور وتفشي البطالة والجريمة بشتى انواعها. وكمخرج من تلك الحالة فالأفضل للمجتمع و بكل شرائحه تبني فكرة المجتمع المنتج وهو ان الجهود الرسمية والشعبية تتحد لايجاد وعي انتاجي يبدأ من مستوى الاسرة والحارة والقرية والمديرية. وبداية ممكن تبني ذلك من خلال مرجعيات المجتمع الثقافية والاقتصادية والسياسية لتساعد في نشر هذا الوعي وغرسه في الناس. بل ان المدارس والجامعات مكان خصب لنشر مثل تلك القيم بين الناشئة والطلاب. ولا ننسى ايضا ان الصحافة لها تأثير قوي في حياة وافهام الناس الان وحت تستغل بالشكل الايجابي فيمكن لها ان تسهم بدور في تحفيز كل فعاليات المجتمع اليمني قطاع عام وخاص وحكومة وافراد ومبقفين ومرجعيات سياسية ووووووو. وعلى الحكومة ان تدعم ذلك او تسهم في الدفع به الى الامام بل وتساعد في ايجاد مؤسسات خاصة ومتخصصة في ذلك تنشر هذا الوعي وتساهم في تبصير الناس وتحفيزهم للذلك المجتمع اليمني فاعل عبر التاريخ الانساني . ربما يكون المجتمع اليمني نسي او تناسى دوره التاريخي في بنائه وتشييده لحضارات ساهمت في رفد البشرية في كل مراحل التاريخ الانساني بكل مفيد ونفيس وكان في يوم من الايام مفخرة في الانجاز والعطاء وربما قد لا يذكر الشعب اليمني انه ساهم وما يزال يسهم في نهضة كثير من الدول العربية والافريقيا في أمسنا القريب وحاضرنا. وفي عصرنا الحاضر لا يعتبر المجتمع اليمني فقير. ففي كل قرية ربما توجد موارد وقس على هذا في كل مديرية ومدينة وفي كل مكان يوجد به تكتل سكاني توجد موارد. فقط ربما قلة حيلة الناس انستهم تدبير امورهم وابتعدوا عن دورهم الحقيقي كصانعي حياة لهم ولغيرهم. كثير من اقتصاديات دول غربية قامت بهذه المعاني (العمل التعاوني والمجتمع المنتج) وخاصة بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية او تأثرها المباشر او غير المباشر بها. وهو نفس الدور الذي كان يقوم به اهل اليمن قديما من توزيع الادوار فيما بينهم واستغلال ما لديهم من موارد في بناء تنمية مجتمعية تفيد المجتمع. هذا المفهوم اذا ساد حياة الناس في اليمن في وقتنا الحاضر لن ييبقى الناس حبيسي البيوت ينتظرون متى تفتح شركة لكي يتنافس عليها كل ابناء الجميع. فليت ان الناس في اليمن يبدؤن بمشاريع صغيرة (ولن يعدموا الحيلة في ايجاد افكار متى ما صفت النوايا وظهرت فعلا الحاجة لذلك) مهما كان صغر هذه الاعمال المهم ان المجتمع محتاج لها. فليت ذلك يحدث على مستوى الاسرة الصغيرة الواحدة وكذلك الحارة التي فيها مجموعة اسر والمديرية والقرية وايضا المدينة فتصور اخي القارئ اذا تم تنظيم انتاج هذه الاسر من خلال جميعات يشرف عليها ابناء الحي او القرية او المدينة بانفسهم فيضعون فيها انتاج وغلة ما تقوم به الاسر . فكم من الافكار سوف تخرج وتتبلور الى حيز الوجود وكم هو المخرج النهائي الذي سوف يعود بالفائدة على المجتمع نفسه والحكومة ومن ثم الاقتصاد الوطني وكم في المقام الاول الايدي العاملة التي سوف تستوعب في مشاريع لا حصر لها يخلقها ويوجدها المجتمع ذاته ومن موارده يغذيها. لا نقول هي فكرة بعيدة المنال او انها تحتاج الى بيئة اخرى غير اليمن لتطبق. والله ان من طبقها بشر في اوروبا وفي اغلب دول اسيا وجنوب شرق اسيا ومن تلك الافكار الصغيرة اكتفت الاسر بداية ومن ثم المجتمع في مستوى المدينة والقرية واخيرا الدولة ومنها تحول الامر الى التصدير كفائض انتاجي. وربما تحولت الاسر المنتجة الصغيرة الى شركات والجمعيات الى شركات ضخمة مساهمة. هذا ما حدث فعلا في الدانمارك وكثير من دول اوروبا وجنوب شرق اسيا وربما العودة لقرأة ذلك عن تلك المجتمعات المنتجة. مقالات سابقة للكاتب الاختلاف بين العقل والعاطفة في البلاد العربية الإدارة في نظرهم ونظرنا