تحتل الإدارة المحلية بمفهومها الحديث موقعاً هاماً في نظام الحكم ، وتقوم بدور فعال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية .. كما تتميز بأنها إدارة قريبة من حياة المواطنين وأقدر على إدراك حقيقة الظروف والاحتياجات المحلية ، فضلاً عن قدرتها على حشد الطاقات وتعبئة فرص النجاح في تنفيذ السياسات وتجسيد الطموحات والتطلعات والتسريع بعملية النمو على المستوى الوطني. العالم يتغير وكما هو معروف أن العالم من حولنا يتغير ومن هذه التغييرات أغلب بلدان العالم الثالث تحاول تبني مفهوم اللامركزية الإدارية أو تطبيق مفهوم الإدارة المحلية لتحفيف حدة اللامركزية وتبعاتها من بيروقراطية إدارية وما يصاحبها من تكاليف مالية باهظة وبطء شديد في إحداث تنمية شاملة لأي مجتمع. لذا تلجأ الأنظمة إلى اعطاء الصلاحيات وتفويض السلطات لإدارات المحافظات والأقاليم التابعة للدولة وذلك للتسريع في ايجاد حلول اقتصادية وسياسية وإدارية تساهم في رفد وتنمية المجتمع المدني المحلي الحديث بما يحقق رفاه المجتمع بأكمله. مفهوم الإدارة المحلية الدكتور/ ميثاق أحمد العامري «باحث اقتصادي» أكد ذلك بقوله : - كنت أتحدث مع مجموعة من المهتمين بموضوع الإدارة المحلية واللامركزية الإدارية في اليمن وكنا نتوقع أن تسير الأمور في موضوع الإدارة المحلية بتدرج. حيث أن المجالس المحلية الموجودة قد تفضي إلى إدارة لامركزية ومنها إلى سلطة محلية وأخيراً إلى حكم محلي مع الحفاظ على الأمور السيادية للدولة ومراعاة لعدم اعتياد الناس على ذلك في أغلب بلاد العالم الثالث ، وخاصة اليمن وعدم معرفتهم بها إلى جانب القصور في تطبيق هذا المفهوم الراقي من إدارة اقاليم ومحافظات الدولة كنا نتوقع أن يتم ذلك على مراحل متدرجة فقط لكي يضمن نجاح الترجمة الصحيحة له في واقع الناس. مبادرة جريئة ويرى العامري أن مبادرة الحكم المحلي من الأخ الرئيس كانت خطوة جريئة بكل ما تعني الكلمة من معنى لأنها اختصرت زمنا كان يجب التدرج فيه لكي نصل إلى نقطة الحكم المحلي..وقال: المبادرة تتضمن حلولاً لكثير من مشاكل اليمن الاقتصادية والإدارية والسياسية والاجتماعية .. إن تم توظيفها بالشكل المناسب وقام عليها ناس مخلصون ،، فأغلب الناس يتوقعون على إثر ذلك حدوث قفزات ايجابية على المدى المتوسط والبعيد خاصة في المجال الإداري والاقتصادي مما يعكس نفسه أيضاً على الجوانب السياسية. سلسة ومرنة وحول الحكم المحلي وأثره في المجال الاقتصادي قال الدكتور العامري : - الحكم المحلي في بلد كاليمن قد يساعد بايجابية كبيرة في رفد الواقع الاقتصادي والمعيشي في كل محافظة على حدة لتنوع الموارد والامكانات بما يحقق في نهاية المطاف تنمية في كل الاقتصاد اليمني إذا تم فعلاً العمل به بشكل سلس وبمرونة متناهية وتم تفعيل أدوار كل شركاء التنمية في كل محافظة في التخطيط للتنمية من مكاتب الوزارات ، ومكاتب الإدارة المحلية ، والسلطة المحلية ، والقطاع الخاص ، ومؤسسات المجتمع المدني ، إضافة إلى ذلك اشراك المواطن في التخطيط لتنمية محافظته كونه محرك العملية. شمولي ومختلط وبالرجوع إلى الماضي إلى الاقتصاد اليمني في أيام التشطير قبل إعادة تحقيق الوحدة الوطنية قال عنه العامري : - كان الاقتصاد اليمني في أيام التشطير يكاد يكون اقتصاداً مخططاً شمولياً في نظام اقتصادي في الجنوب تبنى المفهوم الاشتراكي في إدارة عجلة التنمية من خلال مؤسسات الدولة ومرافقها المختلفة. وفي الشمال كان يعرف بالشمال اليمني النظام الاقتصادي مختلط والاعتماد كان غالباً على تحويلات المغتربين إلى جانب موارد الدولة الأخرى ، بعد الوحدة المباركة بقي الاقتصاد اليمني مختلطاً وقلت عائدات المغتربين وحصلت حرب الانفصال 1994م.. مما زاد معاناة الاقتصاد اليمني ، إلا أن الحكومة حاولت اعطاء دور بارز للقطاع الخاص في المساهمة الايجابية في التنمية وذلك بفتح باب الاستثمار في مجالات عديدة منها قطاع التعليم والصحة والسياحة و...الخ. كله يخفف من معاناة الناس ويخلق فرص عمل أيضاً كان في ذلك اشارة منها إلى تبني نظام الاقتصاد الحر. ترجمة متقدمة وقال الدكتور/ ميثاق العامري : الحكم المحلي اليوم في اليمن هو ترجمة متقدمة لتبني فكرة الاقتصاد الحر ويكمن فيه حل بل وحلول كثيرة لمشاكل الاقتصاد اليمني ان تم تفعيل كل ايجابيات المجتمع اليمني وشركاء التنمية المحلية كما اسلفنا مثل القطاع الخاص والحكومي ، السلطات المحلية والمواطنين إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني فالجميع يخطط لتنمية المجتمع المحلي. وكما هو معروف أن هناك الكثيرين بحاجة إلى عمل وظيفة ، لهذا يتساءل العامري ، هل يستطيع الحكم المحلي بما أعطي من مرونة من توظيف كل مناخاته ومدخلاته الايجابية من ايجاد وظائف للعاطلين أو يحد من هذه المشكلة ؟ أغلب ابناء اليمن يهاجرون طلباً للرزق وأغلب طموحات المغتربين اليمنيين هو بناءبيوت متواضعة تسترهم مع عوائلهم لأن ثقافة أغلب اليمنيين هو عدم الخروج من بيت الأب أو الجد حفاظاً على تماسك الأسرة. فهل سوف تساهم السلطات المحلية في تبني مشاريع شكلية طويلة الأجل لذوي الدخل المحدود بداية من كل محافظة على حدة للتخفيف من معاناة الناس وهذه المشاريع سوف تخلق الكثير من فرص العمل ، وسوف تحرك جوانب الاقتصاد اليمني الساكنة وتنشطه من جديد. هناك قطاع خاص يمني مؤهل قادر أن يتبنى في ظل الحكم المحلي افكاراً استثمارية ناجحة اذا تم اشراكه في عملية التخطيط للتنمية المحلية مع الأخذ في الحسبان اشراك المواطنين في صنع تلك الخطط كونها تمسهم في المقام الأول وتلامس احتياجاتهم. ارضية مناسبة وأضاف العامري قائلاً : ربما الحكم المحلي هو الارضية للارتقاء بالاقتصاد الوطني كونه تخلص من بيروقراطية الإدارة المركزية وبطئها فأصبح أكثر مرونة واستعداداً للتناغم مع هموم المجتمع المحلي وبلورتها إلى واقع ملموس في شكل مشاريع اسكانية ووظائف متاحة ولو بصورة متدرجة وذلك من خلال توظيف كل امكانات المجتمع المحلي نحو نمو اقتصاد محلي يصب في احداث تنمية مستقبلية شاملة لكل اليمن. نتائج مؤملة كثيرة واختتم حديثه بالقول: النتائج المؤملة والمتوقعة من الحكم المحلي في بلد كاليمن كثيرة وكبيرة من قبل كل شرائح المجتمع اليمني لأن مفهوم الحكم المحلي يعني العمل الجماعي بين كل اطراف شركاء التنمية المحلية على رأسهم السلطات المحلية ووزارة الإدارة المحلية في خلق جو من الألفة بين كل أطراف شركاء التنمية المحلية كانوا مواطنين ، قطاعاً خاصاً ، مستثمرين أو حتى مؤسسات مانحة أو داعمة دولياً. عدالة التوزيع يؤيده بالرأي الأخ/ أحمد الشرعبي رئيس لجنة الخدمات بالمجلس المحلي بمحافظة تعز والذي قال : أعتقد أن الحكم المحلي أساس في التنمية وجزء أساسي ورئيسي في التنمية الشاملة ، فالمجالس المحلية من ميزاتها عدالة وتوزيع المشاريع ، رغم محدودية الامكانات ، إلا أن عدالة التوزيع جعلت التنمية تكون شاملة في كثير من المناطق ، فمثلاً عند بداية المجالس المحلية كانت خارطة الخدمات في المديريات مكدسة في بعض المديريات بل إنها كانت تتكدس في إطار المديرية في عزلة أو عزلتين مناطق معينة .. كانت المشاريع توزع حسب الناس المراجعين والطالبين بمشاريع ، لذا جاءت المجالس المحلية لتحقيق عدالة توزيع المشاريع في جميع مناطق اليمن. فرق كبير وأكد رئيس لجنة الخدمات بمحلي تعز أنه لا يمكن المقارنة بين الوضع الاقتصادي قبل وجود المجالس المحلية وبعد وجودها لأن الفرق كبير ولايمكن المقارنة ، فقبل وجود المجالس المحلية كانت درجة الطقس تلعب دوراً هاماً ، حيث كانت التنمية تتم مركزياً ، عبر العاصمة وكان حينها من يتابع ويحضر للمطالبة بمشاريع كان يحصل وهكذا ، بينما بعد وجود المجالس المحلية الوضع مختلف في ظل وجود المجالس المحلية ، صحيح أن الميزانية قليلة ولا تكفي لكنها في حدود الموجود توزيعها عادل وجيد. وقال الشرعبي : في الوقت الحالي يمكن القول أن الحكم المحلي هو الحكم الأمثل والجيد في الوقت الحالي فهو الأفضل والمناسب. نأمل التفاعل مع مبادرة الرئيس وبالنسبة لمبادرة فخامة الأخ الرئيس الأخيرة قال : إن مبادرة فخامة الأخ الرئيس تعطي زخماً قوياً للحراك السياسي داخل البلاد وتعمل على تطوير الحركة والوضع السياسي ومن ثم ينعكس على الوضع الاقتصادي. لذا نتمنى تفاعل الجميع مع هذه المبادرة ، كون الهدف تحقيق المصلحة العليا للوطن بما يكفل ويحفظ وحدتنا الوطنية والعمل على تنمية الوطن بشكل عام. رغبة يمنية مبكرة الأخ عبدالعزيز الجنيد عضو مجلس النواب من جانبه قال : المجالس المحلية كانت رغبة يمنية مبكرة منذ قيام الوحدة اليمنية ، لهذا تحتل المجالس المحلية موقعاً هاماً في نظام الحكم ، ودورها هام وفعال في النهوض بالاقتصاد الوطني وفي مختلف المجالات ، وقد حققت نجاحاً جيداً في كثير من المحافظات ، إلا أن هناك مجالس لم تحدث شيئاً بالإضافة إلى أن هناك مجالس كان انجازها ضعيفاً وأخرى متوسطاً ، نستطيع القول أن الانجازات متفاوتة ومع ذلك كانت تجربة المجالس المحلية ناجحة وجيدة. تطور كبير ويتوقع النائب الجنيد أن الفترة القادمة ستشهد المجالس المحلية تطوراً كبيراً وستمنح المزيد من الصلاحيات ، وكما هو معروف أن المؤتمر الخامس للمجالس المحلية سينعقد نهاية الشهر الجاري بمدينة عدن واتوقع أن يخرج المؤتمر الخامس بقرارات هامة. والشيء الجيد والذي يبعث التفاؤل أن القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس / علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية مهتم اهتماماً كبيراً بالمجالس المحلية ويؤكد دائماً على أهمية دور المجالس المحلية في مختلف المجالات. لهذا يجب أن يعرف الجميع أن مستقبل اليمن هو بالحكم المحلي وهو الحكم الأمثل والجيد في الوقت الحالي وهو أساس الانطلاق الاقتصادي ، فلو تم مقارنة الوضع قبل وبعد انشاء المجالس المحلية سنجد فرقاً كبيراً جداً وهناك متغيرات كثيرة وهذا يدل أن المجالس المحلية هو في مصلحة اليمن وتقدمه وتطوره. مراقبة السياسات العامة المطلوب من المجالس المحلية تكثيف دورها وبذل المزيد من الجهد في مراقبة تطبيق السياسات العامة والقوانين والأنظمة النافذة في كافة المجالات واتخاذ الاجراءات الكفيلة بمعالجة أوجه الاختلالات والمخالفات إن وجدت ، وهذا يعتبر من صميم مهامها وعملها والتي حددها القانون ولائحته التنفيذية والذي نص أيضاً أن من مهام واختصاص المجالس المحلية أيضاً التوجيه والاشراف والرقابة على أعمال الاجهزة التنفيذية للوحدة الادارية وتقييم مستوى تنفيذها للخطط والبرامج ومساءلة رؤسائها ومحاسبتهم وسحب الثقة منهم عند الاخلال بواجباتهم وفقاً لأحكام القانون وفي الأخير اتمنى للمجاليس المحلية التوفيق والنجاح وأن تركز دائماً وخصوصاً خلال الفترة القادمة على النهوض بالمستوى الاقتصادي والتنموي فهو أساس الانطلاق الاقتصادي والتنموي.