مآذن صنعاء.. جمال، وعظمة، وتاريخ.. كل مأذنة منها تبرز أصالة اليمن، وعراقة حضارته- أرضاُ وأنساناُ، وروعة الفن النادر البديع الذي أدهش كل شعوب العالم، وهو ذات الدهشة التي أثارتها في الأوساط الأمريكية صورة المأذنة التي حملها غلاف المجلة التي أصدرتها الجمعية اليمنيةالأمريكية في ولاية ميتشغان! لم أستغرب حين سألني أحد أصدقائي الأمريكيين: "من أولئك الذين شيدوا كل تلك المباني العظيمة في اليمن"!؟ فقد كان يحدق بالصورة التي حملتها من أرض الوطن "صنعاء"، ولسان حاله يقول مندهشاُ: يا للروعة والجمال! ما أجمل تلك المناظر والمباني في بلد ناطحات السحاب الأولى "اليمن السعيد"!! أهديته الصورة ليحتفظ بها حتى يتسنى له زيارة اليمن ليشاهد أقدم الحضارات المتناثرة في باقي المدن والقرى في كل أرجاء الوطن.. ولم أكن أعلم أنها ستتحول إلى موضع انبهار أمريكيين آخرين كان يريهم إياها أينما ذهب! حدث ذلك معي، عندما كنت أحمل مجلة سنوية تصدر عن الجمعية اليمنيةالأمريكية في ولاية ميتشغان، والتي اختارت "مآذن صنعاء" واجهة لها في الصفحة الرئيسية للمجلة. وبدا واضحاً أن الجمعيات اليمنيةالأمريكية آخذة في طبع بصمات مؤثرة في المجتمع الأمريكي، لتنقل صوراً بانورامية مختلفة من ملامح الوطن اليمني، تنطق بنبض الواقع وبملامح العراقة والجمال التي حملتها اليمن على مرّ العصور. لا شك إن للجمعيات والمؤسسات اليمنيةالأمريكية أنشطة كثيرة ومختلفة، فهناك من ينشط في مجال السياسة، وآخر في الثقاف، وآخر في الرياضة وجوانب أخرى أساسية، مثل التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية المتعدد.. ومن تلك الجمعيات في ولاية ميتشغان: "الجمعية اليمنيةالأمريكية" التي تعتبر من أقدم الجمعيات اليمنيةالأمريكية، ولها تاريخ كبير في خدمة الجالية والمغتربين. وقد أسهمت الجمعية اليمنية أسهاماُ إيجابياُ في خدمة المهاجرين اليمنيين إلى أمريكا منذ أول يوم تأسست فيه. وباقي الجمعيات الأخرى لها أيضاُ تاريخها وكل جمعية معروفة عند أبناء الجالية وهم يعرفون كثيراً دور كل جهة من كل القضايا التي تعترض حياة المغترب. ولعل الجهود التي تبذلها الجمعيات والمؤسسات وكل قيادات الجالية من أجل مستقبل الجالية يعود بالنفع لكل أبنائها ويكون لها انعكاس ايجابي في حياة المغتربين حاضراُ ومستقبلاُ. ومن أهم ما جعل الجمعية اليمنيةالأمريكية تبرز خلال العشر السنوات الأخيرة مشروع "المنح الدراسية"، حيث تحرص الجمعية في كل عام على تقديم أكبر عدد ممكن من المنح الدراسية للطلبة اليمنيين المتفوقين والذي بلغ إجمالي المنح الدراسية خلال العشر السنوات الماضية بحوالي (200) منحة دراسية قدمتها الجمعية وتبذل الجمعية جهوداُ متفانية في هذا المجال التعليمي الرائد، وفي عدة مجالات أخرى تصب في مصلحة الجالية ويربط الجمعية بالجمعيات اليمنية الأخرى جسر متين من الإخاء والمحبة والعمل الجماعي وتبادل الخبرات والآراء. وتوالت على قيادة الجمعية عدد من أبرز شخصيات الجالية وقياداتها الأوفياء منهم الأستاذ ضيف الله الصوفي الذي عمل رئيساُ للجمعية اليمنيةالأمريكية خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب الأستاذ محمد سعيد عبد الله أحد أبرز شخصيات الجالية والمؤسسين الأوائل للجمعية، ويرأس الجمعية حالياُ الأستاذ أنور صالح، والأستاذ مسعد الدبيشي مسئولاُ مالياُ للجمعية. ومع استطلاع "نبأ نيوز" لنبذة قصيرة من مراحل تاريخ الجمعية اليمنيةالأمريكية الذي يطل مقرها على منطقة "ديكس" وبجوارها مبنى القنصلية اليمنية، كان هناك لقاء خاص مع الأستاذ محمد سعيد عبد الله- سكرتير الجمعية، وأحد أبرز شخصيات الجالية اليمنية في الولاياتالمتحدة والذي تحدث لموقع "نبأ نيوز" قائلاُ :- لقد تأسست الجمعية اليمنيةالأمريكية عام 2003 وهي امتداداُ لما كان يعرف باسم "اتحاد عام المغتربين اليمنيين" الذي تأسس في السبعينات من القرن الماضي وفي عام 2003 تم الإجماع على اختيار اسم "الجمعية اليمنيةالأمريكية " كمؤسسة بديلة عن الاتحاد السابق، ونتيجة لذلك تمت المشاركة بصورة فعالة في أداء أنشتطها المختلفة والذي يعتبر مشروع ( المنح الدراسية ) من أهم مشاريع الجمعية. وقد بدأت الجمعية بتأسيس حفل المنح الدراسية عام 1997 م، وفي هذه المدة الماضية منذ التأسيس وإلى اليوم استطاعت الجمعية أن تقدم المساعدة لأكثر من 160 طالباُ وطالبه، وسهلت لهم أمر الالتحاق بالجامعات الأمريكية. وأضاف الأستاذ محمد سعيد: وما يميز نشاطها بأنها جمعت بين الأصالة، والتحديث فهي في الوقت الذي تعمل على المحافظة على خدمة الجالية والمغتربين جميعاُ عبر نشاطها الدؤوب فأنها استطاعت أيضاُ أن تشكل همزة وصل بينها وبين الجاليات الأخرى. فلقد كانت السباقة إلى بناء عضوية مشاركة في إطار مؤسسي، وكانت ضمن الجمعيات التي فتحت مدارس لتعليم اللغة العربية، ومن أول المؤسسات التي تصدرت إنشاء مجلات وصحف، وكانت أول المؤسسات المساهمة في إنشاء الفرق الرياضية.. والجمعية هكذا ظلت تأخذ دورها، ولكن لا نخفي أن ازدياد حجم الهجرة قد فرضت ظروفاُ جديدة أهمها تعدد المؤسسات التي أخذت تقدم خدمات تكاد تكون متساوية، مما وضعها في متنافس شريف.. وهذا يكون قد أضاع عامل التوحيد وسط الجالية! وتابع الأخ سكرتير الجمعية: ولعل دور وزارة المغتربين عند زيارة الأخ الدكتور احمد البشاري، قد استطاع بحكمته تجميع المنظمات اليمنية وأسس المجلس الأعلى للمنظمات والجمعيات اليمنيةالأمريكية، والغاية والهدف هو توحيد الجالية وأملنا كبير في أسهام الوزارة الجديدة ووزير المغتربين الأخ الدكتور صالح سميع الذي نحن في انتظار زيارته للولايات المتحدة أسوة بزياراته لبقية الجاليات، مثل جاليات في المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة. فالجالية اليمنية تشهد تطوراُ كبيراُ وملموس وأصبح لها صوت ايجابي ومؤثر وتحظى المؤسسات اليمنية بعلاقة متميزة مع بعضها وثقة متبادلة. ولكن تنتظر الإرادة لتطبيق ذالك على ظهر الواقع مع إن هناك تباين معروف بين الجيل القديم الذي أسهم في التأسيس، وبين الجيل الجديد الذي أملنا فيه كبير في المشاركة من أجل خدمة الجالية كي لا يضعف الدور كما غياب دور المرأة اليمنية الرئيسي كلياُ وهذا يشكل عائقاُ، ومن المعروف أنها التحقت وجوه جديدة بالهجرة ومعظم المهاجرين قيادات لها دور وأكثرها لديها الخبرة والقدرة ولكنها تعزل نفسها حتى تلك التي لها انتماء سياسي ونشاط ملموس في الداخل. وعدم مشاركتها يضيع الفرصة أمام الجميع وأكرر دعوتي لفتح المجال أكثر للمشاركة لما فيه وحدة الجالية ومستقبل أبنائها وفتح المجال أمام القادمين الجدد والعمل على شكل عمل مؤسسي وإن كان هذا يحتاج إلى وقت ولكنه أفضل من غيابه إلى جانب ذالك نراهن على دور وزارة المغتربين ومطالبتها بلعب دور في توجيه المنظمات اليمنية والضغط عليها في هذا الاتجاه لما فيه مصلحه عامه للجميع.