(تباً للفايكنغ).. عبارة تبادرت إلى ذهني عندما أعاد الدانماركيون نشر الرسوم المسيئة لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، نعم، هم مجرد (فايكنغ) بدائيين في تفكيرهم على الرغم من (مكياج) التحضر الذين يزينون به وجوههم، ليس التحضر الذي يتشدقون به ليلاً نهاراً سوى قشرة رقيقة تخفي تحتها بشاعة الجهل الشديد. تتكلم مع أي غربي فيبدو لك متمسكاً ب(حقه) في التعبير، ومدافعاً عن (حرية الرأي)، ولكي يثبت لك بالدليل القاطع أنه (متحضر) فهو يقول لك بكل فخر: (نحن لا نمنع من يريد شتم وسب نبينا!!)، ألم أقل لكم أنهم (فايكنغ)! كيف يستطيع إنسان أن (يفتخر) بحريته في شتم نبيه بهذا الشكل؟! هل أعمت (حرية الرأي) بصرهم وبصيرتهم في آن واحد؟ وإذا كان هؤلاء (الفايكنغ) لا يمانعون في شتم نبيهم، فنحن نمانع، لا أقصد هنا أننا نمانع شتم نبينا وحسب، بل وشتم نبيهم أيضاً، فنحن لا نقبل ولا نرضى بشتم الأنبياء والأديان، ونحن نحترم كل الأديان السماوية الأخرى لأننا بالطبع أكثر (حضارة) منهم، أما هم فلا يفعلون، ألم أقل لكم أنهم (فايكنغ)! ترددت اليوم أنباء عن دعوة وزير الداخلية الألماني كل صحف أوروبا إلى إعادة نشر الرسوم المسيئة في صفحاتها دفاعاً عن حرية التعبير. وعلى الرغم من نفي الألمان لذلك لاحقاً إلا أن الأمر جد خطير، فإن له أسباباً خطيرة وتستدعي منا جملة من الردود، أما أسبابها فهي: 1- إستكمال المخطط الخبيث (لن أقول الصهيوني حتى لا أتهم بالبارانويا) الذي بدأه الدانماركيون بغباء وجهل، ألم أقل لكم أنهم فايكنغ؟ 2- ضعف رد الفعل العربي والإسلامي تجاه إعادة نشر الرسوم، خاصة وأن الدانماركيين استخدموا الإسلوب (الصهيوني) في (التطبيع)، وسأوضح لكم الموضوع بالتفصيل، فالإسرائيليون لديهم مبدأ يعتمدون عليه كثيراً في التعامل مع العرب وذلك ناتج عن معرفتهم العميقة بطبائعنا بعكسنا نحن، إن هذا المبدأ الصهيوني يعتمد على أن العرب شديدو الملل، فهم يقومون باستفزاز مشاعر المسلمين إلى أقصى حد (زيارة شارون للأقصى، قتل زعامات كبيرة منهم العجوز المقعد الشيخ أحمد يس، ومؤخراً قطع الكهرباء عن غزة)، وبعد أن (يفرّغ) المسلمون شحنتهم العاطفية في الاحتجاج والتظاهر والتنديد والبكاء والغناء و(كتابة المقالات!!) يقوم الإسرائيليون بالتراجع عما فعلوه أو يقومون بتخفيف آثاره، وما أن يهدأ الوضع قليلاً حتى يعودوا إلى ما فعلوه أول مرة، وعندها يكون رد الفعل الإسلامي ضعيفاً لا أثر له، وهذا ما فعله الدانماركيون، فالجميع يلاحظ معي أن رد الفعل هذه المرة أضعف بكثير من رد الفعل الأول!! ولن أقول أن المؤامرة صهيونية حتى لا أتهم بالبارانويا! 3- ضعف اللوبيات العربية والإسلامية في أوروبا تجعل من الأحزاب السياسية تتبارى في ما بينها من أكثر إساءة للمسلمين ليكسب بالتالي أصوات اللوبي الصهيوني وغيره من اللوبيات المعادية للعرب والمسلمين! ولكم في ذلك مثل من حماس أحد زعماء المعارضة في هولندا لدعم إنتاج وبث فيلم هولندي يسيء للإسلام! 4- إذا صحت الأنباء أن وزير الداخلية الألماني قد صرح بتلك التفاهات المذكورة سابقاً، فإن ذلك يعني أن (شيئاً) كبيراً يتم الإعداد له في المنطقة ويريد الغرب بهذا أن يلهينا عنه، وهنا أتذكر قصة مضحكة مبكية تحمل في ثناياها معانٍ عميقة جداً، حيث يحكى أن بلير وبوش قد اجتمعا اجتماعاً مغلقاً من اجتماعاتهم الشيطانية التي يصيب العرب والمسلمين بعدها الكوارث والمصائب، وعند انتهاء الاجتماع خرج الزعيمان ليعقدا مؤتمراً صحفياً صرحا فيه أنهما قررا أن يعدموا مليون مسلماً وصحفياً واحداً، فسأله بعض الصحفيين: ولماذا الصحفي الواحد؟! فابتسم بلير ونظر إلى بوش قائلاً: ألم أقل لك أنهم لن يسألوا عن المليون مسلماً؟!! فليحمنا الله مما وراء هذه الهجمة الإعلامية، فهي تخفي في ثناياها ما هو أكبر. أما الردود فهي حقاً صعبة، ويجب تقسيمها إلى قسمين، القسم الأول يتعلق بالدانمارك، أما الثاني فيتعلق بأوروبا إذا ما قررت إعادة نشر الرسوم، ففي القسم الأول علينا أن نقوم بما يلي: 1- مقاطعة كل المنتجات الدانماركية مقاطعة كاملة لا رجعة عنها، فالمقاطعة الأولى رغم تأثيرها في الدانماركيين فهي مقاطعة باهتة سخيفة لا معنى لها، وحتى تكون المقاطعة الحالية مجدية علينا أن نراعي ما يلي: a. أن تكون المقاطعة كاملة، وأن لا نسمح لأنفسنا أبداً أن نشتري أي منتج دانماركي تحت أي مبرر، فلكل شيء بديل. b. قامت بعض الشركات الدانماركية بتصدير منتجاتها إلى العالمين العربي والإسلامي بعد المقاطعة الأولى وقد كتب عليها اسم فرع من فروع الشركة في بلد آخر وعليه، يجب وضع قائمة باسم الشركات الدانماركية المشهورة والتي لديها فروع في دول أخرى حتى يتم مقاطعة منتجاتها. c. يجب أن تكون هناك جهة مرجعية واحدة تعنى بإصدار قائمة بالشركات والبضائع التي يجب مقاطعتها حتى لا تدخل أمور المنافسة التجارية في تشويه سمعة بعض الشركات غير الدانماركية كما حصل في المقاطعة الأولى. d. الضغط على وكلاء الشركات الدانماركية ليقوموا بدورهم بالضغط على الشركات التي يمثلونها حتى تضغط بدورها على الحكومة الدانماركية أن تمنع مثل هذه التصرفات الصبيانية اللامسئولة. 2- المقاطعة الدبلوماسية: وعلى الرغم من (تهويل) البعض لهذه الخطوة، وصعوبة تنفيذها من وجهة نظرهم إلا أنني أراها خطوة بسيطة وفعالة، فتخيلوا معي أيها السادة لو (قطعت كل الدول العربية والإسلامية) علاقاتها بالدانمارك دفعة واحدة، أليس لهذا وقع مؤثر في نفوس الدانماركيين، لا أقول هذا لأن الدانماركيين لن يستطيعوا أن يعيشوا بدوننا، فهم لا يحتاجون إلى مثل هذه العلاقات الدبلوماسية بل قد نكون نحن الأكثر حاجة لها، لكنها طريقة لا مثيل لها، كي نقول لهم بوضوح (أننا غاضبون). 3- المقاطعة الشخصية، فعلى كل عربي أو مسلم ممن له معارف دانماركيون أن يشعرهم بأنه غاضب ومستاء من هذا الفعل الشائن الذي قاموا به. أما في حال فعلها الأوروبيون وقاموا بإعادة نشر الرسوم المسيئة فيجب علينا جميعاً أن لا ننساق وراء ما يريدون بذلك ألا وهو تشتيت جهودنا، وإنهاكنا، بل علينا والحال كذلك أن نقوم بما يلي: 1- التركيز كل التركيز على مقاطعة المنتجات الدانماركية أولاً وأخيراً فهي من بدأت بنشر الرسوم، وما إعادة نشر الدول الثانية لها إلا من باب (تفريق الدم بين القبائل). 2- مقاطعة المنتجات الأوروبية الأخرى (قدر الإمكان)، أي أن نقوم بها بشكل طوعي وحسب الحاجة، فإذا كان بالإمكان الاستغناء عن أي منتج أوروبي مقابل منتج صيني أو باكستاني أو هندي أو روسي، فلنفعل ذلك بدون تردد. على أن لا تكون هذه المقاطعة موجهة بحملات ودعايات حتى لا تفشل فنمل فنوقف المقاطعة. أما الرد الإعلامي فهو مشكلة في حد ذاته، فكيف يمكنك الرد إعلامياً واستفزاز قوم لا كرامة لهم (ألم أقل لكم أنهم فايكنغ)، هم لن يغضبوا إذا ما شتمنا نبيهم –بل سنفعل نحن- ولن يهتموا إذا أسأنا لرئيسهم أو حتى لبلدهم، فكيف العمل؟! إن مثل هؤلاء (الفايكنغ) ينطبق عليهم المثل المصري (دول ناس تخاف ما تختشيش)، وبما أنهم (ما يختشوش) فكيف بإمكاننا (تخويفهم)، إن رعب الدانمارك وأوروبا بل وأمريكا هو (إسرائيل)، وإن أكثر ما يزعج إسرائيل هو إنكار المحرقة التي (يجرمها) القانون في الدانمارك وألمانيا ومعظم أوروبا، تخيلوا معي أن هؤلاء القوم يمنعون نشر كل ما له علاقة بإنكار المحرقة (الهولوكوست) ويسمحون بنشر ما له علاقة بإنكار الله سبحانه وتعالى!! ألم أقل لكم أنهم (فايكنغ)! إذن، فأنا أرى أن تقوم جميع صحفنا بالاتفاق على شعار يرمز إلى إنكار المحرقة (الهولوكوست) ووضعها في مكان بارز في الصفحة الأولى في كل طبعة من طبعاتها، وهذا الأمر من المفترض ألا يزعج أحداً سواء في الداخل أو في الخارج، فبالنسبة لنا فنحن مقتنعون فعلاً أن المحرقة ليست إلا كذبة كبيرة يبتز اليهود بها العالم، وأما في الخارج فليس من المنطقي أن ينزعج أحد، فهذه ليست إلا (حرية التعبير) التي سندافع عنها بكل قوتنا! ................................................................................... * الفايكينج.. مصطلح يطلق بالغالب على ملاحي السفن والتجار والمحاربين الذين نشأوا في المناطق الإسكندنافية الذين هاجموا السواحل البريطانية والفرنسية وأجزاء أخرى من أوروبا في أواخر القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر (793م-1066م)وتسمى بحقبة الفايكينج، كما يستعمل على نحو أقل للإشارة إلى سكان المناطق الإسكندنافية عموما ً. وتشمل الدول الاسكندنافية كلا من السويد والدنمارك والنرويج وايسلندا. وعلى الرغم مِنْ سمعة الفايكينج السيِّئة وطبيعنهم الوثنية الوحشيةِ، تحول الفايكينج خلال قرن أَو إثنين من الزمان إلى المسيحيةِ وإستقرّوا في الأراضي التي هاجموها مسبقاً، وفي نفس الوقت بنى الفايكنغ مستوطنات جديدةَ في آيسلندا، جرينلند، أمريكا الشمالية، والأطلسي الشمالي، إضافة إلى تَأسيس ممالكِ في شبه الحزيرة الإسكندنافية على طول الحدود مع الممالكِ الأوروبيةِ في الجنوبِ. ونتيجة لاندماجهم في أراضيهم الجديدةِ أصبح منهم المزارعين والتُجّارَ إضافة إلى الحُكَّامِ والمحاربين. أشتهر الفايكيج ببراعة ملاحتهم وسفنهم الطويلة، وإستطاعوا في بضعة مئات من السنين السيطرة وإستعمار سواحل أوروبا وأنهارها وجزرها، حيث احرقوا وقتلوا ونهبوا مستحقين بذلك اسمهم الفايكنج الذي يعني القرصان في اللغات الاسكندنافية القديمة. يعتبر إنتهاء الفايكينج مع إنتهاء معركة جسر ستامفورد عام 1066م.