"شاي أحمر ياليد" (يا ولد).. "شاي أحمر ياليد".. أصوات تتعالي بشكل لافت، وطلبات تتزايد لمشروب الشاي الأحمر في مقاهي وبوفيات مدينة تعز، كما لو كان الجميع لسان حالهم يقول.. (مكره أخاك لابطل). (15) ريال سعره في بعض المقاهي، فيما ظل في بعضها الأخر ثابتاً عند العشرة ريالات.. أما زميله (الأبيض)- شاي بالحليب- فقد قفز سعره إلى مرتبة متقدمة جداً حيث راوح عند الثلاثين ريالاً، مسجلاً رقماً قياسياً، ومتجاوزاً (الأحمر) بقفزات هائلة لم تسجل من قبل، خاصة إذا ما شاهدنا ن ما بين الأحمر والأبيض فروقاً بسيطة بمقياس اللون لا تعطي (الأبيض) كل تلك القفزات السعرية، السريعة. فما بين سعره في العام 2007م (10) ريالات، وسعره في بداية العام الجديد 2008م (30) ريالا مسافات كبيرة. "شاي أحمر ياليد".. سمعتها غير مرة، مما يدل على أن زبائن الأحمر في زدياد مضطرد يوما بعد يوم فيما الشواهد تدل على ان زبائن الأبيض في تناقص مستمر، والخوف أن يأتي شبح الغلاء على مشروب المساكين (الاحمر) ليصبحوا على موعد مع مشروب لا لون، ولا طعم، ولا رائحة له، وربما هذا الأخير أصبح هو الأخر أعز وأندر مشروب في مدينة تعز وأعني به مشروب (الماء). مقاهي مدينة تعز كثيرة وتنتشر في أرجاء المدينة، منها ما تعود الناس منها تقديم مشروب "الأحمر" فقط لتميزها مثل "مقهى الشعبي" الكائن في حي المظفر، والذي يأتي إليه زواره من كل حدب وصوب في المدينة، ومنها الجدد الذين درجوا في الفترة الأخيرة على تقديم الأحمر فقط لزبائنه بعد تزايد الطلب عليه بسبب ارتفاع سعر الأبيض. اللون الأحمر سجل في المدينة حضوراً لافتا في الفترة الأخيرة، فإلى جانب الشاي (الأحمر) الذي يلاقي إقبالا كبيرا من الجمهور بعد ارتفاع الأبيض كان الأحمر(الورد) قد زاد انتشاره بشكل لافت هو الاخر بين أوساط الشباب والشابات بمناسبة عيد الحب الذي لاقى ردود أفعال مستنكرة من قبل خطباء المساجد في المدينة. وبعد السيطرة الواضحة للأحمر على الأبيض، وتزايد شعبية الأحمر سارع أصحاب المحلات والمقاهي الى تجويد المشروب والمعروض منه كمادة جافة في المحلات، وبدأت المحلات تنافس بعضها بعضاً لتقديم الأحمر في أحسن حالاته بعد أن كاد يلاقي انحسارا قبل 15 عاما. تجولت في مقاهي عديدة في مدينة تعز فوجدت أن من بين خمسة شباب هناك شابا واحد يحتسي الأبيض، الأمر الذي ترك في نفس صاحب المقهى غصة وضيقاً وهو يسمع: "شاي أحمر ياليد".. قال لهم: (كله أحمر، كله أحمر.. مافيش واحد أبيض؟ مالكم ايش حصل لكم ياناس!؟). إقبال اليمنيين على وجبات خفيفة صحية مثل (العصيد والوزف)، والخضروات مثل (الكراث والبصل والبسباس) ليس دليل وعي صحي وثقافي، فربما هُم الشعب الوحيد الذي لا تعرف السمنة الى أجسادهم طريقا، غير قليل من ذوى الكروش المنتفخة المتحكمين بمقدرات البلد وثرواته. كذلك فان إقبال الناس على الشاي الأحمر في الأيام الأخيرة ليس دليل وعي صحي أو لأنهم علموا بأن دراسة تنصح بمشروب الشاي الأحمر لتفادي مرض السرطان بل لان ذلك مرده القدرة الشرائية الضعيفة للناس التي تأتي في المرتبة الأخيرة عالميا حسب تقارير التنمية البشرية الدولية. هو حُب بالإكراه إذاً..! هي علاقة غير حميمية تسود بين الأحمر والأبيض فالتنافس شديد بين الاثنين، واعتقد ان الأحمر قد كسبها بالضربة القاضية.