أربعة أجيال مضت، وأبناء وأحفاد لحقوا بها، وبقي حقها مسلوباً طوال أكثر من 100 عام، لا لشيء إلا لكونها إمرأة، والعرف الاجتماعي في مديرية شرعب الرونة- كما هو في مناطق كثيرة من اليمن- لا يحتكم الى "سورة النساء". رشا إسماعيل- توفيت عن عمر ناهز ال 70 عاماً، أنجبت خلاله إبناً واحداً فقط أسمته "سعيد سيف الربوعي"، توفي هو الآخر عن عمر ناهز ال 60 عاماً، فيما لحق بهذا الأخير أبناؤه بعد عقدين من وفاته. أهالي عزلة الرعينة- شرعب بمحافظة تعز يتندرون دائما أن أهالي قريتهم لا يؤمنون بأحكام (سورة النساء) التي تعطي للمرأة نصيباً مما ترك الوالدان، لكن عبده منصور سيف- 60 عاماً- وهو من أهالي "الرعينة" نفسها، أبى إلا أن يقبل الرهان ويخوض سباق ماراثوني قاصداً هدفاً واحداً هو إسترجاع حق جدته (رشا) المسلوب منذ 100 سنة.. هذا السباق الطويل إستغرق منه (18) عاماً، ومالاً يفوق قيمة نصيب جدته من أرض والدها، حيث بلغت جلسات المحكمة في هذه القضية (800) جلسة، تعاقب على رئاستها (5) قضاة، وكادت القضية تموت لولا أن حركتها "نبأ نيوز" بإخراجها إلى ساحة الرأي العام، وإيصالها إلى مسامع أهل الحل والعقد! أما مَن يحق لهم ورث (رشأ) فكان قد أصابهم الإحباط واليأس من استرجاع حق مضى عليه دهراً طويلاً، لكن إصرر هذا الرجل الستيني الذي أوكلوه لاسترداد حق جدتهم كان ثمرته بلوغ مرتبة النجاح، وجسد مقولة (ما ضاع حق و وراؤه مطالب). قال الربوعي ل"نبأ نيوز"- التي كانت أول من كشف الأرقام القياسية التي سجلتها في جلسات المحاكم: "رشا سُلب حقها من نصيبها في تركة والدها، كما إخوانها الذكور الذين نالوا نصيبهم من تركة والدهم، وذلك جرياً وراء عادة اتبعها الأهالي أن المرأة لا ترث، فهي إن إمتلكت شيئاً يباع بثمن بخس، وإن إقتنت جزءً من شيء اعتبر كما لو قد بيع كله"! وأكد: "من المستحيل أن تجد في قريتنا إسماً مؤنثاً يمتلك عقاراً أو أرضاً بجوار إسم مذكر.. فلغة العيب والعار ما تزال تسيطر على أذهان الناس حتى اليوم". واعتبر الربوعي أن (رشا) هي "أول إمرأة يحق لها إمتلاك أرضاً بإسمها مساحتها 300 قصبة، حيث يتم حاليا تقسيم الأرض موضع النزاع بعد حكم المحكمة، وإلزام قاضي محكمة شرعب الرونة عصام عباس غرمائها بذلك والذين رفضوا طيلة 18 سنة الاعتراف بحقها الذي حدده الدين والشرع والقانون. وشكر الربوعي قاضي محكمة شرعب الرونة لتجاوبه مع الصحافة التي تابعت قضية (رشا)- بعد أن روجتها "نبأ نيوز"- مؤكداً أنها قضية كل إمرأة في اليمن. اليوم إسم (رشا) لم يعد "عورة" في ميزان العرف الاجتماعي ل"شرعب الرونة" أو غيرها، بعد أن إنتصر لها القضاء والشرع والدين والصحافة المسئولة، لينتهي زمن الاستسلام للغة الخنوع والمساومة على حق إمرأة كاد أن يضيع في مهب الريح كما هو حال ملايين النساء في اليمن اللواتي تغتصب حقوقهن، ويُصادر إرثهن، لا لشيء إلا لكونهن يحملن "تأء التأنيث". وإلى أن يتم إستكمال تقسيم بقية نصيب (رشا) الذي يجري حاليا بإشراف محكمة شرعب الرونة، يقف إسم (رشا) وحده مفتاح أمل لكل إمرأة مسلوبة الحقوق- ليس في شرعب وحدها بل في كل أرجاء اليمن- لتستعيد حقها، ولو بعد حين! إقرأ خلفيات القضية على نبأ نيوز: محكمة شرعب الرونة توجه بالتنفيذ لحسم أطول قضية بتاريخ القضاء بعد (800) جلسة و(18) سنة محاكمة مواطن يطلب البت بقضيته