حين يخيل للبعض أن الديمقراطية يمكن أن تحيا بلا حماية، فإن شوارع مدينة الضالع في الانتظار، لتقص عليه يوميات الشغب والتخريب، وأولئك اللاهثون في الطرقات بالهراوات والحجارة.. يشيعون الفزع في الأزقة، والأسواق، وعلى بوابات المدارس، ويهشمون كل ما يصادفهم، ويحيلون حياة الناس إلى كوابيس لا تفرق بين صغير وكبير.. رجل وإمرأة.. غني وفقير.. تاجر وبائع متجول.. في الضالع، لم تعد الحقيقة مبهمة، بل أصبح المواطن البسيط يستنكر، والمسئول يستنكر، وربة البيت تستنكر، والكل يعيش حالة ترقب قيام مظاهرة، وخروج أولئك المسعورون لنهش جسد الوطن.. فالبائع يترقب، والسائق يترقب، والطالب يترقب، والمسافر يترقب، والكل في أقصى درجات الحذر.. والكل يتساءل أيضاً: إلى متى سنواصل اللعب كما القطة والفأر؟ الشارع الذي "حركته" بعض القوى السياسية منذ عام ونصف، لم يفض إلى رغيف خبز إضافي، ولا إلى أياً مما يرجوه المواطن، ولم يزحزح الفقر قيد أنمله بل زاد الناس بؤساً وقنوطاً... فاليوم هناك عشرات المحلات تُغلق، وهناك أرزاق تقطع ، وهناك مدارس بلغت نسبة الغياب فيها إلى نحو (30%) تقريباً، وفي بعض الأيام لا تجد الأبواب من يفتحها جراء ما يدور في الشارع!! لا نستطيع القول أن الدولة أعلنت أو ستعلن الطواريء من أجل حفنة من المخربين المرتزقة، إلاّ أننا في الوقت نفسه لا نستطيع إنكار أن الكثير من المواطنين قد وصلت حالة الطواريء لديهم الى اللون البرتقالي- وهو بالتأكيد ليس لون بيارق جمعيات المتقاعدين الذين يسعون لإحالة الوطن إلى التقاعد.. وذلكم هو حلم إبليس بالجنة! "نبأ نيوز" كانت لها جولة في المدينة، لتفقد اوضاع المواطنين، بعد عام ونصف من "تحريك الشارع" الذي صال وجال بشتى صنوف البشر، والشعارات واللافتات، وحتى الشتائم.. فكان أن إلتقى فريق "نبأ نيوز" بعدد من الباعة والعمال والطلاب والمعلمين وغيرهم.. أوس احمد صالح- طالب في الصف السابع- قال: أن عدد أيام الغياب التي غابها خلال النصف الثاني تزيد على عشرين يوماص، وأن الكثير من زملائه وصل غيابهم إلى مدد اكبر بكثير منه، بسبب أحداث الشغب والتخريب، وخوف أسرته عليه من أن يلحق به مكروه، علاوة على غياب المعلمين وإنشغالهم بالحداث الدائرة عن متابعة الطلاب.. وبحسب مصادر تربوية فإن مدينة الضالع تضم سبع مدارس حكومية للبنين والبنات، ومعهد عالي لتدريب المعلمين، وكلية تربية، ومعهد صحي- وهذه جميعها تحتوي على آلاف الطلاب والطالبات ممن يتعطلون عن الدوام من حين لآخر بسبب أعمال الشغب والتخريب! أما صادق فارع هزاع- تاجر أقمشة بمدينة الضالع- قالك نحن نعاني من تدهور في مستوى الدخل بسبب التعطل عن العمل، وإغلاق المحل كلما شاهدنا جماعة من الناس قادمين باتجاهنا، حتى وإن كانوا متسوقين وجمعتهم الصدفة.. ويتابع: نحن نخاف من أعمال التخريب أن تطال مصادر رزقناورزق أهالينا وأطفالنا.. ونحن نفضل العطلة على العمل، واحتمالات ضياع رأس المال على أيدي المشاغبين والمخربين.. المحامي على أحمد الرفاعي، تحدث عن هموم أطفاله من البنين والبنات ممن يدرسون في مدرستي صالح قاسم والجريزي بمدينة الضالع.. ويقول: أنهم في معظم الاوقات لا يتمكنوا من الوصول إلى مدارسهم خوفاً عليهم من الأعمال التخريبية والشغب الذي لا يفرق بين طفل وكبير!! أما محمود مبخوت الزبيدي- تاجر خضار- فقد شكى أن الخضار تلف عليه عدة مرات ، وقال أن مصدر رزقه تأثر كثيراً بسبب أحداث الشغب والتخريب. فيما محمد صالح الجحافي وأحمد محمد سعيد- سائقي باصين للنقل الداخلي بالمدينة- قالا أنهم يعطلون عن العمل من حين لآخر خوفا من قيام المخربين بتكسير باصاتهم لكونها هي مصدر رزقهم الوحيد ورزق بيوتهم... الكثير من الباعة والعمال ما أن رأوا فريق "نبأ نيوز" حتى أقبلوا شاكين بشتى ألوان الشكاوى، إلاّ أنهم يؤكدون أن رجال الأمن أصبحوا يهرعون في الحال بمجرد حدوث أي أعمال شغب، إلاّ أن حالة الخوفأصبحت تسيطر عليهم كثيراً، خاصة وأن "غرمائهم" ليسوا من أبناء مدينتهم.. وقالواك أنهم لا يدرون من أين تأتي هذه العصابات وأكثرها مسلحة.. الأمر نفسه أكده الشيخ قاسم جباري- أحد مشائخ مدينة الضالع- حيث قال: إن مثيروا الشغب هم من خارج مدينة الضالع، ويتسببون بمشاكل للمدينة وسكانها.. وأشار إلى أن بعض الذين يريدون إسعاف مرضاهمسواء من المدينة أو خارجها يجدون صعوبة في ذلك في حال وجود مثيروا الشغبفي الشوارع.. وطالب السلطات بردع ومنع أي مظاهرات غير مرخصة، وقال: إن مشائخ مدينة الضالع بصدد تشكيل لجنة شعبية لمتابعة مثل هذه الاموروتقديم العون للسلطات، مؤكداً أن استقرار وأمن المدينة مسئولية الجميع.. "نبأ نيوز" تجولت في أماكن كثيرة من مدينة الضالع، وكان الجميع يشكو ويتذمر من هذه العصابات التخريبية الحاقدة على الوطن وأبنائه.. فالضرر لحق بالجميع بشكل أو بآخر.. لكن ما هو مؤسف حقاً هو أن إعلام السلطة والحزب الحاكم لا يكترثون إطلاقاً لنقل هذه الحقائق للرأي العام، ليكون على بينة أن من يقوم بالشغب والتخريب هم ليسوا أبناء الضالع وإنما ثلة من المارقين ليس إلاّ.. أما إعلام المعارضة فحرائقه غنية عن الذكر، ولا يمر بالضالع إلاّ وقلب عاليها سافلها!! ومن هنا توجه "نبأ نيوز" هذا النداء إلى الجهات الرسمية أولاً للوقوف وقفة جادة لضمان الأمن والسلم الاجتماعي، والضرب بيد من حديد في فرض القانون فوق الجميع.. وثانياً نوجه النداء إلى كافة خطباء المساجد، ووسائل الاعلام، ومنابر الفكر والثقافة، وندعوهم ليكونوا عوناً في تهدئة النفوس، وغرس روح المحبة، والتكافل، والتعاون، فتلك هي الرسالة النبيلة التي يجب أن يحملوها للانسانية.. فليس هناك ما هو أعظم من المحبة والسلام!