بين مستثمر عاد من المهجر وجد نفسه في أروقة المحاكم، وأهالي ما يزال يعشعش عليهم ثالوث رهيب من الجهل والفقر والمرض، ووجدوا أنفسهم تحت رحمة قذيفة (رشاش)، تبقى منطقة الربيعي ألنموذج الأكثر ايلاما لصراع الأراضي في محافظة تعز، وربما على مستوى اليمن بشكل عام.. فحين يتغيب القانون، ويشعر الناس بغياب العدالة والمساواة تتسيد لغة شريعة الغاب ومنطق البقاء للأقوى..! هكذا يمكن وصف ما تشهده المنطقة- التي تبعد عن مدينة تعز غربا بنحو 20 كم- من احتجاجات غاضبة قلّ أن تجد لها مثيلا في المناطق الريفية الأخرى.. فقد عبر عدد من أهالي المنطقة التي لا يتجاوز عدد سكانها عشرة ألاف نسمة، عن تنديدهم بقوات الأمن المتاخمة لقراهم التي حضرت للفصل في مشهد مألوف في اليمن هو الفصل في نزاع الأراضي بين طرفين أو أطراف متعددة! وطالب الأهالي المحتجين بسرعة رفع العسكر من منطقتهم، والاحتكام إلى القضاء الذي حملوه مسئولية نشوب الصراع الأخير على ارض مساحتها (700) قصبة، حكم بها لصالح احد المستثمرين بعد نزاع طويل بين الأخير ومجموعة الشيباني، استمر 14 عاما، في حين ينص الحكم على تبسيط المستثمر أرض مساحتها (1528) قصبة، وهو ما اعتبره الأهالي مساحة إضافية ليست من حق المستثمر، وان الحكم كان جائرا ومتحيزا لصالح المستثمر الاغبري. طلال على صالح، بليغ عبده احمد، احمد صالح قائد، حاتم سعيد من آل منطقة الربيعي المتضررين أكدوا ل"نبأ نيوز" تعرض أملاكهم لاعتداءات من قبل من وصفوهم ب"نافذين يستقوون بالسلطة والأمن"، مناشدين كلاً من وزيري الداخلية والعدل، وأعضاء مجلس النواب والمنظمات الإنسانية، بالتدخل لرفع معاناتهم، واستعادة حقوقهم المنهوبة- على حد تعبيرهم- والإفراج عن سجناء من قريتهم زج بهم في سجن مديرية الأمن على خلفية الأحداث الأخيرة. من جانبه المستثمر احمد محمد حسن الاغبري– أخبر "نبأ نيوز" انه اشترى من بائعين في المنطقة أرضاً مساحتها 1528 قصبة بموجب بصيرة معمدة، وفرز، ثم قام بتشبيكها في نفس الوقت ودخل في جزء منها في نزاع مع مجموعة الشيباني لمدة 14 عاما، صدرت خلالها أحكام ابتدائية واستئنافية لصالحه، وهو اليوم موجود لتنفيذ ما حكمت به المحكمة العليا عبر المحكمة التجارية المختصة. وفيما كان عدد من الاهالي- نساء ورجال- يهتفون منددين بالامن والسلطات القضائية، كان يجري في الوقت نفسه اعمال تسوير الارض المتنازع عليها بين الأهالي والمستثمر الاغبري بقوة السلاح الذي سمع في أرجاء المنطقة عدة مرات واثار رعبا وسط النساء والأطفال، ودفعني- كصحفي- للانبطاح على الأرض احتماءً من مكروه غير مرة..!! وكان قاضي المحكمة التجارية منصور القباطي حاضراً في موقع الأرض المتنازع عليها ، وتحدث ل"نبأ نيوز" مؤكداً انه قدم الى هذا المكان لمتابعة تنفيذ حكم المحكمة العليا الصادر لصالح المستثمر الاغبري، مشيرا إنها المرة الثانية التي يجري فيها محاولة تنفيذ الحكم نفسه ويتم إيقافه تنفيذه من قبل الأهالي الذين يدعون ادعاءات لا أساس لها من الصحة- على حد قوله- منوهاً إلى أن هؤلاء يسعون إلى تحقيق مكاسب معينة ليس إلا! وقال القباطي: نحن توقفنا عن التنفيذ وفصلنا في الاستشكالات المقدمة التي لم تكن مقبولة كوننا ننفذ حكم محكمة عليا، وهذا يشكل عرقلة لتنفيذ الاحكام التي هي عنوان الحقيقة، مطالبا الجهات الأمنية بالدفع بمزيد من التعزيزات الأمنية لتمكين القضاء من بسط وتنفيذ احكامه خاصة إن الارض تتعلق بمستثمر، والجميع في الدولة والحكومة يشجعون الاستثمار. وأشار القباطي إلى أن كلاً من المحكمة الابتدائية والاستئنافية أنزلتا مهندسين إلى موقع الأرضية فحصروها في تقريرهما بمساحة تقدر ب(1500) قصبة، كما نزلت الهيئة القضائية بنفسها إلى موقع الارضية، ونحن الان ننفذ حكم المحكمة العليا الذي نص على المساحة كلها وليس على 700 قصبة. وطالب الأطراف الأخرى المدعية باللجوء الى القضاء كما فعل المستثمر، واذا انتصر القضاء لهم سنكون جاهزين للتنفيذ لصالحهم كما نفعل اليوم مع الاغبري. وكان مدير أمن محافظة تعز/ يحيى الهيصمي أحال شكوى اهالي منطقة الربيعي المحتجين إلى محكمة استئناف محافظة تعز للاطلاع على الشكوى وعمل الإجراءات اللازمة. يشار إلى أن منطقة الربيعي شهدت نزاعات عديدة سابقة بغية السيطرة على أرض في المنطقة حتى أصبح مألوفا مشاهدة الأطقم الأمنية رابضة في المنطقة بشكل مستمر. وتعود حمى النزاعات على أراضي في منطقة الربيعي لاسباب كثيرة أهمها وجود منشآت صناعية، وتوسعة، وسفلتة الطريق الذي يربط بين الحديدةوتعز..