رغم أن أهلها مسالمون وملتزمون بواجباتهم نحو الدولة، إلاّ أنها ظلت قبلة المتنفذين والفاسدين الذين يقصدونها لنهب أراضي مواطنيها العزل بقوة السلاح.. فالمساحات الشاسعة لمنطقة "وطن" بمديرية ذباب من محافظة تعز باتت تسيل لعاب الفاسدين المتنفذين لاقامة مشاريع زراعية وسياحية عليها.. غير أن المفارقة الأكبر، هي أن محصول "البصل" كان هو القشة التي قصمت ظهر أبناء المنطقة، حيث أنه أصبح مؤخراً يدرّ أرباحاً كبيرة على المزارعين إثر دخوله أسواق التهريب إلى المملكة العربية السعودية، مما لفت الأنظار إلى المنطقة.. أما الأمر الثاني فهو شق الطريق الساحلي - عدن – المخاء، حيث أصبحت الأراضي المطلة عليه أراض مفتوحة ومغرية ومباحة للبسط والتي تجاوزت مساحة بعض الاراضي المنهوبة أكثر من (15) كيلومتر..! * وطن.. في مهب الريح العديد من أهالي قريتي "وطن" و"الحوطة" بمديرية "ذباب" ناشدوا كلاً من رئيس مجلس القضاء الاعلى- فضيلة القاضي عصام السماوي، وكذا منظمات حقوق الإنسان العاملة في اليمن، التدخل لوقف ما أسموه تعسفات وانتهاكات إنسانية يتعرضون لها وما يزالون منذ فترة من قبل بعض الشخصيات النافذة في المديرية. وأكدوا- في تصريحاتهم ل"نبأ نيوز"- إلى قيام أطقم عسكرية وأمنية بمداهمة مناطقهم في محاولة منها لإجبارهم على التخلي عن أراضيهم التي يقطنون فيها منذ عشرات السنين ومصادرتها لصالح متنفذين في المنطقة. وعبر الأهالي عن أسفهم جراء ما اعتبروه "مماطلة وتسويفا وظلما" طال قضيتهم التي تنظر فيها محكمة "موزع" منذ فترة، ولم تبت فيها حتى اليوم. واستنكروا تدخل الوحدات العسكرية في المنطقة في مهام هي من اختصاص جهات مدنية وأمنية وقضائية, مطالبين بلجان تفتيش قضائي وحقوفي تزور منطقتهم للتعرف عن قرب على واقع المنطقة.. وقالوا: ان بعد المنطقة عن أعين السلطات العليا شجع وطمع فيها النافذين والمهربين والفاسدين على ممارسة غير مشروعة وانتهاكات إنسانية مختلفة. * أطقم ومداهمات يقول عوض جابر- 70 عاما- يعمل راعيا للأغنام: أن أطقما عسكرية وأمنية داهمت قريته غير مرة في محاولة لإجباره على التوقيع على صلح أو حكم عرفي معمد من قبل المحكمة.. وأضاف انه تم سحبه إلى سجن أمن "ذباب" واحتجازه هناك لمدة خمسة أيام، ليتم إحالته بعدها للنيابة والمحكمة, ثم الإفراج عنه بعد ذلك بواسطة أحد وجهاء المنطقة.. متهما بعض المتنفذين باستغلال ضعف الأهالي وفقرهم لتمرير اطماحهم غير المشروعة بالاستيلاء على أراضيهم التي قال أنهم سيدافعون عنها مهما كان الثمن. * مَنْ يرفع الظلم..!؟ أما أحمد زيد- 40 عاماً، يعمل في مهنة الصيد- قال: أن أطقما عسكرية داهمت قريتهم بهدف تنفيذ حكم عرفي لصالح متنفذين في قريتهم، وان هذه الشخصيات المتنفذة مدعومة من قبل ثلاث قبائل في المديرية, مطالبا الجهات المعنية رفع الظلم عنهم وتحقيق العدالة لهم كونهم قراء ولا حول لهم ولا قوة.. فيما يشير محمد سالم جابر- 50 عاما، يعمل هو الأخر في مهنة الصيد- إلى تعرضه للحجز في سجن المديرية لمدة ثمانية أيام, مستعرضا قصصا مرعبة عن وضع السجن في كل من ذباب ومديرية مقبنة التي تم نقله مع رفاقه إليها على خلفية ذات القضية.. * سرعة البت في الاحكام وكانت محكمة استئناف تعز قد وجهت بإعادة القضية إلى محكمة موزع بعد الطعن في الصلح من قبل الأهالي الذين نفوا قيامهم بالتوقيع على الصلح الذي من شأنه تمكين أحد المتنفذين من البسط على أرضية تصل مساحتها إلى ما يزيد عن خمسة كيلومترات.. ويطالب الأهالي محكمة موزع سرعة البت في الحكم، حتى يتسنى لهم مواصلة قضيتهم حسب القانون. * وثائق.. نستعرض فيما يلي بعض الوثائق التي تكشف بعضا من تلك الممارسات الخارجة عن القانون، والتي وجدت لها مناخا ملائما، منها ما هو جغرافي لبعد المنطقة عن أعين السلطات الرسمية، ومنها ما هو ناتج عن الوضع الاجتماعي والمعيشي لمواطني المنطقة الذين غالبيتهم- ان لم يكن جلهم- فقراء ويمتهنون مهنة الصيد التي لم تعد تدر عليهم دخلا بعد سرقة الثروة السمكية من قبل قوارب الصيد الارتيرية والمصرية والصومالية.. علاوة على توطؤ القضاء في هذا الجانب وتغليبه مصلحة المتنفذين على حساب سكان المنطقة الفقراء، الامر الذي أدى الى نشوب العديد من النزاعات كان فيها الاهالي هم الحلقة الاضعف بسبب قوة ونفوذ المهربين والمتنفذين سواء كانوا من ابناء المنطقة او من الوافدين لها.. • في 3 محرم 1426 ه عمّدت المحكمة صلحاً تم توقيعه من قبل طرف واحد من المتنازعين على الأرض التي صارت مطمع للمهربين والمتنفذين وقد وقع باسمهم على الصلح شخص يدعى (ص – م – س – ع)، مع أن الأهالي كانوا قد فوضوه للمنازعة أمام القضاء في المحاولات التي يريد خصومهم من ورائها استيلاء على أراضيهم.. • في 25/6/1429ه رئيس محكمة موزع والوازعية السابق يطلب من مدير أمن باب المندب توفير العدد الكافي من الجنود لمساندة الشيخ/ عبده صالح جمدو، والأمين / عبد اللطيف احمد عبده الاهدل، بالخروج إلى الأرض موضع التنفيذ لمحرر الصلح المؤرخ 3/ 2/2005م.. • في 15 / 3/ 2009م نفس القاضي يطلب من قائد اللواء السابع عشر مشاة، بناء على قرار المحكمة بإحضار عشرة مواطنين هم: (عوض جابر جويبر– أحمد عوض جابر– علي عوض جابر– عبده عوض جابر– محمد سالم جابر– عبد الله محمد جابر– محمد عوض عنبرى– سالم محمد عوض عنبرى– احمد عوش عنبرى– عوض محمد جابر جويبر) لاستكمال إجراءات التنفيذ فيما بينهم وبين طالبي التنفيذ "الميطي".. • في 22/3/2009 تم ترحيل خمسة مواطنين إلى المنطقة الأمنية بالبرح لحبسهم هناك بناء على طلب رئيس المحكمة الذي هو نفسه وجه بتاريخ 28/3/2009م بالإفراج عنهم، بعد أن عمل الشيخ أمين حسن عبد الجليل ضمانة بإحضارهم إلى المحكمة حسب الطلب. • ولما كان المواطنون لا يعرفون أن هناك صلح موقعين عليه، فقد طلب المواطنون في 29 مارس من المحكمة تمكينهم من نسخة من الصلح الذي لم يوقعوا عليه.. وفي نفس التاريخ رئيس المحكمة يصدر مذكرة إلى الشيخ قائد محمد زيد، والشيخ/ أمين حسن عبد الجليل بتكليفهما بإصلاح الشأن بين الطرفين "الميطي" و"الجوابرة".. • في 12/4/2009م الشيخ أمين حسن عبد الجليل المنتدب من المحكمة لإصلاح الشأن يقدم لرئيس المحكمة ما توصل إليه وما اعترضت طريق الصلح من معوقات، فطلب من القاضي بقاء الحال على ما هو عليه قبل قيام النزاع المذكور بين الطرفين، وطلب إرسال ملف القضية إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها، كون هناك محرراً عرفياً ينكر الطرف الثاني علمه أو موافقته.. • وفي حين قدم المواطنون شكواهم لرئيس الاستئناف, تفبد مذكرة اخرى بتاريخ 7/4/2009م موجهة من رئيس محكمة موزع والوازعية السابق لرئيس استئناف تعز أن القضية منظورة أمام المحكمة.. • وفي 24/5/2009 قبلت دعوى ببطلان المحرر الصادر في 3/2/2005م حيث تقدموا عبر محاميهم بطلبات: التماس سرعة التوجيه من المحكمة الى كافة الجهات الصادرة لها توجيهات بالتنفيذ بوقف جميع الإجراءات التنفيذية لمزعوم المحرر المطلوب إبطاله– والحكم بقبول دعوى البطلان شكلاً وفي الموضوع بإلغاء المحرر المطلوب إبطاله واعتباره كان لم يكن لمخالفته صريح القانون– الحكم لهم بجميع الاغرام والمخاسير والتعويض عن ما أصابهم جراء الحبس والتعسف, و في 25 /5/ 2009 المحكمة توجه إعلان للمدعى عليهم بالحضور إلى المحكمة.. * مطلوب.. على الفور..! "نبأ نيوز" تجولت في المديرية، واطلعت على أوضاعها، واستمعت لشكاوى كثير من الناس، فخرجت بانطباع يؤكد بأن الوضع في مديرية "ذباب" عموماً، وقرية "الوطن" بشكل خاص، يتطلب تدخلا جراحياً عاجلا من قبل أجهزة الدولة المختلفة، ليس فقط في مجال تقديم الخدمات الأساسية، ولكن أيضا في جميع المجالات الأخرى، لأن المسافات التي أبعدتها عن عاصمة المحافظة، أبعدتها أيضاً عن رؤوس صناع القرار، وطوتها في عالم النسيان.. فالمديرية وحتى هذا اليوم تفتقر الى نيابة عامة ومحكمة.... فهل يعقل هذا..!؟ أخيراً.. فإن قرية "وطن"، التي غادرناها وعلم الوحدة المبارك يرفرف عزيزاً فوق أسطح أكواخها، ستظل رمزاً لكل وطن يستغيث من الفساد والظلم وقهر المتنفذين.. فهل ستصحو الضمائر؟ إنا لمنتظرون...!!