احترت وأنا أقف أمام كشك الصحف والمجلات.. صحف من هنا وصحف من هناك.. صحف تقول أنها "مستقلة"، وصحف تنطق بلسان الأحزاب.. وحتى الأحزاب احترت فيمن اصدق ومن اكذب؟ فمَنْ منهم صالح، ومنْ منهم طالح؟ وقد فكرت مع نفسي عن اتجاهات الأحزاب والمتحزبين، ولم استطع أن اقنع نفسي أن كل ذلك العدد من الأحزاب هو شكل صحي في عهد الديمقراطية الذي نعيشه وتعيشه كثير من الدول، وكثير من الشعوب في هذه الأيام بمستويات ودرجات متعددة من الصدق والكذب والمبالغة. ولكن حاولت أن افهم اتجاهات تلك لأحزاب ومن ضمنها الحزب الحاكم فقررت أن اقسمها طبقا لاتجاهات سياساتها فوجدت أن عددها اكبر من تقسيمه المنطق يمين ويسار، وحتى أكثر من الاتجاهات الجغرافية التي درسناها..! فإما إلى أقصى اليمين، وأما إلى أقصى اليسار، وهذان حزبان.. وأما إلى أقصى يسار اليمين وأما إلى أقصى يمين اليمين وهذان حزبان..! وأما إلى يمين اليسار وأما إلى يسار اليمين وهذان حزبان.. وأما إلى أعلى اليمين وأما إلى أعلى اليسار وهذان حزبان..! وأما إلى أسفل اليمين وأما إلى أسفل اليسار وهذان حزبان.. وأما إلى خلف اليمين وأما إلى خلف اليسار وهذان حزبان.. وأما وسط اليمين وأما وسط اليسار وهذان حزبان.. وأما فوق قمة اليمين وأما فوق قمة اليسار وهذان حزبان...! أظنني قد عبأت كل الاتجاهات وأصبحت حصيلة الأحزاب ستة عشر حزبا ولكن لدينا في اليمن أكثر من كل ذلك، فمن أين هم أتوا؟ والى أين هم ذاهبون بنا وبالوطن؟ والمشكلة أن كل حزب يناطح الآخر ويدعي انه على صواب.. والمشكلة في هذا العدد الهائل من الأحزاب أنها تقتات وتعيش على حساب المواطن العادي والذي يبدو انه كره التحزب وتاه ولم يعرف أية اتجاه يسلك؟ فكل الاتجاهات الجغرافية سيجد فيها حزب يناديه ويقول له: أنا الصادق، أنا المحق، أنا المخلص لمستقبل الوطن والآخرون كاذبون فاسدون. مسكين المواطن في اليمن، فجأة من حزب واحد فقط في جزء من الوطن، و لا حزب قط في جزء آخر من الوطن.. ومن حزب يسار إلى حزب يمين وبدأت الأحزاب تتوالد كالقطط.. وفي النهاية ستأكل بعضها أو أكبرها سيأكل أصغرها..! وفي الحقيقة سيعجز مؤسسو الأحزاب الجدد في إيجاد تسميه لأحزابهم الجديدة، ولكنهم ربما يذهبون إلى أن تكون أحزابهم تتوافق مع الألوان، كحزب الخضر، والحمر، والسود، والبيض، أو ربما نتجه إلى تسمية الأحزاب بأسماء المناطق كحزب عدن، وحزب البيضاء، وحزب سيئون.. وهكذا. وقد يظهر مخترع في اليمن ويقول بعد "التخزينة": لم لا نسمي الأحزاب بأسماء الشهداء والمناضلين! فالقائمة طويلة وتكفي للجيل القادم. أحزاب كثيرة، وعلى كثرها لا ندري أين موقعها، ليس من الأعراب لكن في العاصمة والمدن الأخرى!؟ يحتار المرء لمَ كل ذلك العبث في مال المواطن من اجل أن نقول أن لدينا ديمقراطيه!؟ ونحن في أمس الحاجة للمبلغ الذي يصرف لهذا الحزب أو ذاك. توهونا صانعي ومفرخي تلك الأحزاب ولم نر حزبا يقوم بأية عمل اجتماعي أو إنساني مجرد من الفبركة السياسية والأهداف الحزبية الخفية. يتهمون الحزب الحاكم بأنه منبع للفساد وكأنهم وحزبهم منزهين، أو هم براء من كل ذلك، وهم أوكار للفساد والرشوة، يختبئون خلف ساتر ديني أو اشتراكي أو قومي وغير ذلك من مسميات السياسة.. أضعتم أموالنا، وشتتم أفكارنا، ولم نعد نعرف مَنْ منكم يصدق ومن منكم يكذب..!! اشتريت صحيفة تمجد باجتماع الفضيلة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأخرى تتهم أولئك بالمتخلفين والمتخفين خلف الدين. وأخرى تفاخر ببعض انجازات الحزب الحاكم، والتي لازالت على الورق، ورابعة تتهمه بالفساد والرشوة وتدعي أنها هي صوت الحق والحقيقة. طيب إذا كان مثلى المتابع والقارئ والمطلع والذي بلغ من العمر ما بلغ لم يستطع فهم واستيعاب كل ذلك، فكيف هو الحال عند شبابنا!؟ لا ادري هل تجاوزنا حدودنا؟ وأعطينا أنفسنا أكثر مما تستحق؟ أم أننا لم نبلغ بعد عند مستوى هذا الانفتاح الذي ليس له حدود!!؟ أجد نفسي ومعي الكثير يسأل: هل نستحق فعلا هذه الحرية والديمقراطية؟ وهل نستعملها مثلما يجب، ومثلما يستعملها الآخرون!؟ [email protected]