رئيس مجلس القيادة يغادر عدن ومعه اثنين من الأعضاء    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    وصول شحنة وقود لكهرباء عدن.. وتقليص ساعات الانطفاء    الرئيس الزُبيدي يقرر إعادة تشكيل تنفيذية انتقالي شبوة    الدور الخبيث والحقير الذي يقوم به رشاد العليمي ضد الجنوب    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    "جريمة إلكترونية تهزّ صنعاء:"الحوثيون يسرقون هوية صحفي يمني بمساعدة شركة اتصالات!"    "الحوثيون يزرعون الجوع في اليمن: اتهامات من الوية العمالقة "    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    البريمييرليغ: السيتي يستعيد الصدارة من ارسنال    زلزال كروي: مبابي يعتزم الانتقال للدوري السعودي!    الوكيل مفتاح يتفقد نقطة الفلج ويؤكد أن كل الطرق من جانب مارب مفتوحة    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    مانشستر يونايتد الإنجليزي يعلن رحيل لاعبه الفرنسي رافاييل فاران    ارتفاع طفيف لمعدل البطالة في بريطانيا خلال الربع الأول من العام الجاري    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    المنامة تحتضن قمة عربية    أمين عام الإصلاح يبحث مع سفير الصين جهود إحلال السلام ودعم الحكومة    كريستيانو رونالدو يسعى لتمديد عقده مع النصر السعودي    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    بريطانيا تؤكد دخول مئات السفن إلى موانئ الحوثيين دون تفتيش أممي خلال الأشهر الماضية مميز    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    مجازر دموية لا تتوقف وحصيلة شهداء قطاع غزة تتجاوز ال35 ألفا    الولايات المتحدة: هناك أدلة كثيرة على أن إيران توفر أسلحة متقدمة للمليشيات الحوثية    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    ما معنى الانفصال:    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعارضة ووجودها تاريخياً عبر الأزمان
نشر في نبأ نيوز يوم 09 - 09 - 2008

إن انقسام الدول الإسلامية ظاهرة قديمة ولكن حكام الدول الإسلامية كانوا يشعرون كما يشعر المسلمون جميعا يومئذ أنهم يقتسمون أرضا واحدة ومجتمعا واحدا، وكان الفرد المسلم لا يشعر بالانفصال عن المسلمين الذين هم تحت حكم حاكم آخر، فالشعور بوحدة المسلمين أو المجتمع كان واضحا وقويا حتى أن الانتقال من دولة إلى دولة كان أمرا عاديا وميسورا وكذلك تغيير محل الإقامة من دولة إلى دولة، وكان المسلم ينتقل إلى بلد آخر وإلى سلطة حاكم آخر دون أن ينتقص أي حق من حقوقه، فيمكن أن يتولى فيها أي ولاية من الولايات كالقضاء والوزارة وغيرها كما حصل لابن خلدون وابن بطوطة وعدد كبير من العلماء الذين تولوا القضاء في الشام ومصر أو في مصر والمغرب أو غيرها.
أما الانقسام الذي حصل في القرن الأخير ولاسيما في عهد الاستعمار وبعد الاستقلال فهو انقسام إلى دول تفصلها حدود حاجزة وتكون مجتمعات أخذ بعضها يتباعد عن بعض، وتكونت لها عصبيات قومية أو إقليمية انعكست آثارها في نفوس الشعوب وتجسدت في كيانات وطنية وقومية متنافسة تنافس القبائل قديما بل متصارعة ومتعادية أحيانا.
وبني على هذا الأساس المناهج الدراسية وخاصة في التاريخ والجغرافيا وغذيت هذه الروح المبنية على هذه العصبيات الإقليمية أو القومية والوطنيات المحدودة الخاصة حتى في الأدب والشعر والأناشيد (الوطنية) فلتركيا نشيد ولمصر نشيد وللعراق نشيد.. الخ، واستمر الحكام الذين حكموا بعد التحرر من الاستعمار كالحكام الذين سبقوهم أو الذين لم تستعمر أرضهم في هذا الاتجاه بسبب نشوئهم في هذه الأجواء من جهة وبسبب حرصهم على مناصبهم من جهة أخرى.
ولقد حاول أعداء الإسلام من اليهود و المشركين و الملحدين مرارا وتكرارا إضعاف الأمة الإسلامية وهدم كيانها منذ الحملات الصليبية والتتارية مرورا بالحملات والاستعمار الانجليزي والفرنسي لبلاد المسلمين ولكن لعلمهم بأنهم لا قبل لهم بمواجهة المسلمين وهم متحدون فلابد إذا من تفريقهم للسيطرة عليهم عملا بالمبدأ الاستعماري الشهير 'فرق تسد' فعمل الغرب جاهدا على تفريق المسلمين و تفتيت قواهم بأكثر من أسلوب منها:
- الغزو العسكري: عن طريق الاستعمار بالقوة العسكرية كما قلنا.
- الغزو السياسي: عن طريق حياكة المؤامرات و الخدع السياسية و المعاهدات الخبيثة التي استهدفت تفريق المسلمين
- الغزو الاقتصادي: عن طريق امتلاك ثروات الأمة الإسلامية وتحويل بلاد المسلمين إلى سوق لمنتجات الغرب وأصبحنا أمة مستهلكه وليست منتجة وتحكم الغرب في اقتصادنا تماما.
- الغزو الأخلاقي: عن طريق الجنس و المخدرات و نشر أخلاقيات الغرب المنحلة.
- الغزو الفكري و العقائدي: وهو اخطر أنواع الغزو لأنه يعبث بالعقول ويغير المفاهيم ويغير العقيدة ويقلب الحق باطلا ويقلب الباطل حقا وينشر أفكار هدامة..
وعندما نجد إن في البلدان العربية أحزاب معارضة واليمن أحد تلك الدول فهذا يدل على قلب الموازين مما كان عليه في السابق وقد جاء الإسلام الحنيف.. ونجد إنه كان لسيد قريش نبي المسلمين ومؤسس دينهم، فهو أيضاً نبي العرب، ومؤسس جامعتهم القومية، وإنه من الحمق والمكابرة أن ننكر ما لسيد قريش من بعيد الأثر في توحيد اللهجات العربية، وقتل العصبيات الفرعية في نفوس القبائل، بعد أن أنهكها القتال في قتال الصحراء، وتناحر ملوكها في الشام والعراق تناحراً أطال أمد الحماية الرومانية والفارسية في البلدين الشقيقين حتى الفتح الإسلامي، فمن الخطأ أن ننكر ما للرسول العربي الكريم، وخلفائه من يد على أن الشرق، في إثارة ..فقد كانت القبيلة هي التنظيم الاجتماعي والسياسي الذي يضم حياة الفرد في القبيلة، فكان انتماء العربي الجاهلي انتماءً قبلياً، وليس هناك أية رابطة عملية توحد القبائل وتجمعها، بل على النقيض؛ كانت القبائل متناحرة متحاربة، وإذا ما قامت أحلاف قبلية، فلِمُنَاصرة قبيلة على أخرى، وبالتحديد كانت القبيلة العربية تصنع وحدة سياسية مستقلة.
كان العرب يعيشون منذ قرون طويلة في بوادي وواحات شبه الجزيرة، يعيثون فيها فساداً، حتى أتى محمد – صلى الله عليه وسلم - ودعاهم إلى الإيمان بإله واحد، خالق بارئ، وجمعهم في كيان واحد متجانس..
وبعد هذا الاندماج الاجتماعي المتوازن بسبب ظهور الإسلام ونوره المشرق على المسلمين وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين جاء حكم الخلفاء الراشدين من بعده ومن ثم جاءت الخلافات الإسلامية وحكموا فيها عدة رجال معروفين تاريخياً ولم نسمع أو نقرأ تاريخياً بأنها كانت توجد معارضات مخالفة لولي الأمر أبدا أبدا وإنما كان المسلمون متوحدون وكان يحكمهم حاكم واحد وله ممثلين في عدة أقطار عربية وكذلك غربية وكان المسلمون مشغولون بنشر معالم الدين الإسلامي في أرجاء الأرض وكانت تدور معارك ضاربة ضد أعداء الإسلام وتم فتح عدة دول في بلاد العرب وفي بلاد الغرب ونحن نعرف هذا الكلام جميعنا وكلاً درس تاريخ هذا الشي وعرفه وكذلك عرف قياداته.
وعندما أحس أعداء الإسلام من اليهود والنصارى بأنهم عاجزين عن مواجهة المسلمين عسكرياً وإن النصر حليف المسلمين في الفتوحات الإسلامية من هنا بدأت اللعبة السياسية الخبيثة من قبل أعداء الإسلام وعكست تلك العداوات بين المسلمين أنفسهم وتم إدخال المسمى الحزبي السياسي ودعمت كل التوجهات السياسية سواء كانت دينية أو عقائدية أو اشتراكية وغيرها من السياسيات الحزبية وبهذا المنطلق نجد إن المسلمين في كل الدول العربية وقياداتها العلياء والحكومات انشغلت فيما بينها البين متناسيين الهدف الرئيسي الذي يتحتم عليهم كمسلمين تجاه دينهم الإسلامي وعملاً بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين (( بلغوا عني ولو آية )) ومن خلال ذلك لم نجد أن الدكتور استفاد من علمه ولا الطالب الجامعي استفاد من علمه وكذلك المهندس وكذلك أصحاب المهن وذلك بسبب انعكاس المبادئ التي كانت تترتب على المسلمين القيام بها تجاه دينهم الحنيف والعمل على نشره على أرجاء الأرض..
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له)) ومن خلال ذلك نجد العالم الديني متحزب والطالب متحزب والدكتور متحزب والمهندس متحزب ولم يستفيدوا من علمهم الذي تعلموه وإنما نراهم جاهدين يعملون من أجل تلك الأحزاب التي غزة البلاد والعباد بها الأفكار الغربية التي دمرتنا عقلياً وفكرياً وأخلاقياً وذاتياً ومتناسين حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )).. والإنسان المتعلم يجب عليه ان يستفيد من علمه وان يبلغه الآخرين من أجل ان يكون له حسنة جارية بدل الضياع والانجرار وراء الأحزاب التي جرت الكبير والصغير وفرقت حتى بين الأسرة الواحدة..
وقد ظهر محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة...' إلى أن قال: 'إن الفكرة الدينية الإسلامية، أحدثت رقياً كبيراً جداً في العالم، وخلّصت العقل الإنساني من قيوده الثقيلة التي كانت تأسره حول الهياكل بين يدي الكهان، ولقد توصل محمد بمحوه كل صورة في المعابد وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق إلى تخليص الفكر الإنساني من عقيدة التجسيد الغليظة' وهكذا، ارتقى العرب وغير العرب ارتقاءً حضارياً ضخماً من عصور الجاهلية والظلام إلى عصور التحضر، بفضل دعوة النبي محمد- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم..
وأصبحت المعارضة موجودة في داخل البلدان العربية ومن ضمنها اليمن ونجد إن المعارض إنسان مسلم ومعارضته ضد أخيه المسلم ومهما كان ذلك الحزب وبما نسميه متجاهلين قول الله عز وجل في محكم كتابه العزيز بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ? فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ? ذَ?لِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) )) سورة النساء ..وسبب نزول تلك الآية الكريمة.. قال ابن عباس: نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية، فلما خرجوا وجد عليهم في شيء ، قال: فقال لهم: أليس قد أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: فاجمعوا لي حطباً، ثم دعا بنار فأضرمها فيه، ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها، قال: فقال لهم شاب منهم: إنما فررتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها، قال: فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقال لهم: {لو دخلتموها ما خرجتم منها أبداً، إنما الطاعة في المعروف} رواه الشيبابأن ..
أطيعوا الله: أي اتبعوا كتابه وأطيعوا الرسول: أي خذوا بسنته وأولي الأمر منكم: أي فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصية الله؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال ابن عباس: يعني أهل الفقه والدين، وقال أبو العالية: العلماء، قال ابن كثير: والظاهر والله أعلم أنها عامة في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء كما تقدم قال تعالى ((لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت)) وقال تعالى ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) وفي الحديث الصحيح المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني} فهذه أوامر بطاعة العلماء والأمراء .. فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول: أي إلى الكتاب والسنة، قاله مجاهد وغير واحد من السلف، كما قال تعالى ((وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله))، فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إما بصريحهما، أو عمومهما، أو إيماء أو تنبيه أو مفهوم أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه؛ لأن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عليهما بناء الدين[2] حكي أن مسلمة بن عبد الملك بن مروان قال لأبي حازم: ألستم قد أمرتم بطاعتنا بقوله ((وأولي الأمر منكم))؟ فقال أبو حازم: أليس قد نزعت الطاعة عنكم إذا خالفتم الحق بقوله ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله أي إلى القرآن والرسول في حياته وإلى أحاديثه بعد وفاته )) ..
من فوائد الآية:
1 وجوب طاعة الله عز وجل وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم
2 طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تجب استقلالاً
3 وجوب طاعة ولاة المسلمين من حكام وأمراء
4 طاعة ولي الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة
5 وجوب رد المتنازع فيه عقيدة أو عبادة أو قضاء إلى الكتاب والسنة
6 العاقبة الحميدة والمآل الحسن في ذلك الرد..
وسوف أطرح عدة نقاط تخص المعارضة وهي كما يلي:
أ- (تظهر الإصلاح في بلادك): وهو إظهار الإصلاح العام الذي يتعلق بمجمل وضع بلاد المسلمين سواء في الجانب التربوي الأخلاقي أو السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو العمراني..
ب- سلمية بعيدة عن البطش والتخريب والعنف، بل كان يتحرك في معارضته بالمنطق والكلمة الحقة؛ ذلك لأن الكلمة الحقة أقوى من أي سلاح فهي تخاطب العقل والضمير، أما التخريب والعنف وخلق الأجواء الضاغطة فهو إرهاب من أية جهة قامت به..
ج- إن أية معارضة تلجأ إلى استخدام العنف غير المبرر والتهديد باستخدام القوة مع المنافسين لها وخلق أجواء الإكراه المعنوي أو المادي على الناس فإن مآلها إلا الفشل ..
د- المعارضة الصادقة هي التي تتسم بالأخلاق في تصرف قيادتها وأفرادها، فإذا كان مبرر المعارضة هو وجود حالة الظلم، فلا يجوز أن تمارس هي الأخرى الظلم بأي شكل من الأشكال وبحق أي فرد أو أية جهة أخرى منافسة لها، (إن الأخلاقية، هي التي تعطي للمعارضة مشروعيتها الحقيقية، وهي التي تميزها عن الأوضاع القائمة، وأي تجاهل لها يسلب المعارضة مشروعيتها، ومن ثم يبتعد الناس عنها، إن عليها أن تلتزم بالأخلاق، مهما كانت الظروف والأسباب التي قد تدعوها إلى خلاف ذلك، لكي تكون البديل الحضاري حقاً، ولا تكون معارضتها ضمن إطار الصراع على السلطة ) ..
ه - التعددية هي سنة الله في خلقه؛ فما من جنس واحد إلا وهو متعدد في أصنافه وأشكاله وصفاته، وكذلك البشر مختلفون في فكرهم وثقافاتهم ولغاتهم ونمط تفكيرهم، فليس من الصحيح أن يصطبغوا بصبغة واحدة باسم الوحدة، فهذا مفهوم خاطئ للوحدة. إنما الوحدة في الرجوع إلى القرآن وقيادة المعصومين، أما الأساليب والأشكال والتوجهات فمن المحال دمجها جميعاً في قالب واحد وتحت مظلة واحدة ..
و- من المفروض ان تكون معالم المعارضة تتسم: أولاً بالإصلاح كهدف، وثانياً بالمبدئية في المنهج، وثالثاً بالعلنية في التحرك، ورابعاً بالسلم كطريق، وخامساً بالإيجابية في التعاطي مع الحكام، وسادساً بالأخلاقية وحسن التعامل مع الأعداء والمنافسين، وسابعاً بالإيمان بالتعددية السياسية، وثامناً بالصبر الطويل لتحقيق الأهداف.
وبمثل هذه المعارضة الرسالية النقية الخالصة لوجه الله، والقائمة على العلم والمبادئ والتفكر والتضحية، والباحثة عن خلاص الناس..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.