احتضن البيت الثقافي في مدينة خور مكسر مساء الخميس الماضي أمسية ثقافية وأدبية وفنية نظمها البيت الثقافي للشباب والطلاب، وبتمويل من الصندوق الوطني للديمقراطية ( NED)، والذي استذكر من خلالها صفحاتٍ من النضال الثوري النسوي في عدن، ونصوصاً أدبية، ومقاطعاً فنية تغنت بأمجاد اليمن. الأستاذة سماح جميل– المدير التنفيذي للبيت الثقافي للشباب والطلاب- استهلت الأمسية بتحية الضيوف، وتهنئتهم بأعياد الثورة، ثم ألقت رسالة بعث بها الأستاذ سالم صالح محمد– مستشار رئيس الجمهورية- وطلب قراءتها على الحضور, بمناسبة مرور 45 عام على ثورة 14 أكتوبر الخالدة، والذي حيّا فيها هذه الذكرى الوطنية الغالية، مؤكدا على أهمية الوفاء لشهداء الثورة وأسرهم، وتقديم الرعاية والعناية بهم، باعتبار ذلك تجسيد لوفائنا لهم.. وتساءل: أين حقوقهم وحقوق أسر المناضلين والشهداء بعد 45 عاماً من قيام النظام الجمهوري؟! ولماذا لا يقر ويعمل بقانون رقم 5 لعام 93م الخاص بهده الشريحة الوطنية وننهي بها تلك المعاناة والإعانة المتمثلة بألفين ريال شهرياً التي يدعمها صندوق يتحمل الرعاية والأعباء التي تواجهها وتحتاجها هذه الأسر؟! واستعرض الجهود التي تبذل في ذلك، مشيراً إلى أن اللجنة التي كلفها فخامة الرئيس يوم 30 نوفمبر العام الماضي قد رفعت كافة التصورات، وناشدت الحكومة ومكتب الرئاسة لتنفيذ توجيهات فخامة الرئيس، ومع ذلك لم يعرها أحد أي اهتمام يذكر!! وقال: نحن هنا أمام أمثلة صغيرة وأمثلة أمامنا كبيرة تمثل المساحة الواقعة بين الخطاب والفعل، وبين التطبيق والممارسة، منوهاً- في كلمته الموجهة للمشاركين في الأمسية- إلى أنه لازال المشهد السياسي الاستعماري وبإشكال جديدة هو القائم بعد كل ما حصل وما يحصل.. ضاعت فلسطين واليوم تضيع العراق ولبنان والصومال، وستضيع الممرات والبحر الأحمر والخليج، وأحد أسبابه هو التخطيط، وضياع البوصلة العربية وانجرارها إلى الاستئساد والاستئثار الداخلي، وإتباع سياسة العنف والإرهاب تجاه بعضنا بعض.. وأضاف القول: نحتفل بهذه الذكرى وسط معاناة الناس من انقطاع للمياه، إلى انقطاع في الكهرباء وسط جحيم، إلى الارتفاع الجنوني للأسعار، إلى خلق حالة من فلتان الأمن جراء أعمال إرهابية، وتقطع للطرقات، وعجز الأجهزة عن ضبط الجناة الحقيقيين بعد أن طور الإرهاب أسلحته (الانتحارية) ليطال الأمن القومي والوطني برمته.. ثم استعرض الأزمة العالمية وتأثيراتها على البلدان الفقيرة والنامية.. وفي ختام كلمته دعا كافة المنابر والصحف والمراكز المختصة والحكومة الإسراع بعقد الندوات بدعوة رجال الأعمال والصحافة والساسة والمفكرين للحوار أمام هذه الظاهرة وأزمة الرأسمالية الحالية.. وفي أعقاب كلمة الأستاذ سالم صالح، قدم أ.د مبارك خليفة للحضور بعضاً من روائعه الإبداعية الشعرية الجميلة، واستهلها بلوحته الشعرية الجميلة التي عانق واحتضن بها معشوقته "عدن" بقصيدة بعنوان "الإبحار والمرسى " شعر في حب عدن. خليفة، وبعد أن يبحر بقصيدته عبر عدد من المراسي، يصارع الحياة والاغتراب، إلى مدينة عدن، يحادث الزمن والحزن عن الوطن، ثم ينتقل إلى احتضان مدينة عدن قائلاً: أتيت يا عدن فتحت لي بوابة الزمن والفجر كان يعقد الضباب فوق القمة الشماء غلالة بيضاء فقادني الضياء ثم ينتقل بنا الأستاذ خليفة إلى تقديم باقتين جميلتين من روائعه الشعرية، هما: "شوق وعناق"، وفيها يطوف بالحضور في حضرموت والمكلا وسيئون، فيقول في احد أبياتها: وفي سيئون عانقني نخيل ... وذكَّرني عناقاً في بلادي وهدهدني بسعفات رقاق ... فص محاجري خدر السهلد منتقلاً في قصيدته إلى حضرموت، فيقول: ألا يا حضرموت وكنت نجماً ... تألق في سما اليمن السعيد لأنت اليوم شمس من سناها ... تَشعٌّ معالم اليمن الجديد أما قصيدته الثالثة فكانت عن تجارب السبعين، وفيها تسجيل للحظات عاشها عن الوطن والنضال والحب والشباب.. وفي الفقرة الثانية من الأمسية، استعرضت الأستاذة القديرة المناضلة خولة شرف تجربتها في العمل السياسي الوطني، حيث تناولت بداياتها الأولى أثناء مشاركتها في أول مظاهرة طلابية، ثم التحاقها بالقطاع الطلابي والقطاع النسائي في الجبهة القومية.. وقدمت صورة حول الدور الكبير الذي لعبته الفتيات (الطالبات) والنساء في عدن في الحياة السياسية والاجتماعية قبل الاستقلال وإثناء الكفاح الوطني التحرري. وقد تناولت أسماء رموز النساء المناضلات اللائي قدمن نماذج رائعة للمرأة اليمنية في مدينة عدن في الحياة السياسية، وشاركن الرجل في تحمل أعباء النضال الوطني التحرري حتى تحقيق الاستقلال.. منوهة إلى أن الفترة التي تلت الاستقلال، رغم كل السلبيات التي يمكن تأكيدها إلا انه بالنسبة للمرأة كانت العهد الجميل، حيث استطاعت أن تحقق الكثير من المكاسب التي تحترم حقوقها في المشاركة في الحياة السياسية والعامة.. ثم قدمت الأستاذة القديرة المناضلة رضية شمشير محاضرتها، فتحدثت عن البدايات الأولى لمساهمة المرأة في عدن في الحياة الاجتماعية، وتشكيل الجمعيات النسوية، ثم في الحياة السياسية، مؤكده على دور الرعيل الأول من نساء عدن اللائي لعبن دوراً هاماً في المساهمة بمقارعة الاستعمار حتى تم تحقيق الاستقلال الوطني. وأشارت إلى أن المرأة في عدن ساهمت في العمل الوطني من خلال انخراطها في التنظيمات السياسية المختلفة التي ظهرت في نهاية خمسينات القرن الماضي وستيناته، وتواصل دورها، وإسهامها من خلال التنظيمات السياسية التي شاركت وساهمت في الكفاح السياسي حتى تحقيق الاستقلال. ثم انتقل برنامج الأمسية إلى الجانب الفني حيث أتحف الفنان المبدع أنيس البعداني الحضور بشدو أغنية للفنان الراحل أحمد بن أحمد قاسم (من كل قلبي احبك يا بلادي يا يمن)، ثم قدم عدداً من الأغاني للفنان الراحل محمد سعد عبد الله، والفنان أبو بكر سالم بلفقيه.