لا شك أن التعديل الحكومي الأخير كان مفاجأة لكل الأطراف السياسية في اليمن، بل تجاوزها إلى المستوى الشعبي، وتعدى هذا التغيير حدوده من تغيير حكومي إلى تغيير في نفسية المواطن نفسه، فبعث فيه الأمل، فأحس المواطن البسيط -بعفويته وشفافيته- بأن الغد يحمل في طياته الكثير. وبينما أنا أحلم بغدٍ واعد –كأي مواطن محب لوطنه- بادرني صديق عزيز بصراخٍ غاضب: ((هل قرأت ما قاله د. نبيل خوري نائب السفير الأمريكي في اليمن؟))، أجبته أن: ((لا، وماذا قال؟))، فشرح لي صديقي ما مفاده أن خوري قد قلل من شأن الإصلاحات في اليمن، وقلل من أهمية الخطوات التي تتخذها الحكومة في محاربة الفساد، وقرأ لي عنوان مقابلة أجرتها معه إحدى الصحف: ((لاتقدم ملموس في محاربة الحكومة للفساد، والعام المنصرم مليء بالأخطاء تجاه الصحافة)) ولا أنكر أن العنوان استفزني جداً، فخرجت عن طوري وبدأت ألعن من ألعن، وأسب من أسب، وقررت أن أكتب مقالاً أنتقد فيه ما قاله (خوري)، وإيماناً مني بالموضوعية، لم يكن من الممكن أن أرد قبل أن أقرأ وبتمعن ما قاله (خوري)، وبعد هذه القراءة المتأنية أصابني الذهول، وألجمتني الصدمة، فرحت أتعوذ بالله من الشيطان، وتذكرت الآية الكريمة: ((يا أيها الذين آمنوا، إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا، أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين))، وأعتذر بشدة للسيد (خوري) عن لعني له، وكان الأجدر باللعن الفاسق الذي أتى بالنبأ، ولا أعني هنا بالطبع صديقي، بل أعني الفاسق الذي نقل كلام السيد (خوري) إلى كل القراء في اليمن بهذا الشكل! نعم، لقد كان كلام السيد (خوري) عادلاً متوازناً، تكلم فيه كثيراً عن أهمية ما أنجزته الحكومة في مجال الديمقراطية ومحاربة الفساد، بل أنه صنف اليمن بين 3-4 دول في المنطقة ككل، تمتلك هذا المستوى من الديمقراطية، وتكلم طبعاً عن أخطاء كثيرة موجودة ولا أظن ما ذكره من أخطاء غائباً عن ذهن الحكومة، بل واستناداً إلى كلام السيد (خوري) نفسه، أن الحكومة في طريقها لحل هذه المشاكل!! لم أفهم، ولا أفهم، ولن أفهم ما حييت، كيف يسوغ البعض لنفسه أن يختار من الكلام أسوأه، ومن المقال أبغضه، ليزين بها مقالاً له أو حواراً مع شخصية، وكل ذلك ليحقق غرضاً في نفسه المريضة، هل الوطن بالنسبة لهم رخيص إلى هذا الحد، حتى يبذلوا كل هذا الجهد ليقولوا عنه ما يسيء له على لسان الناس حتى لو لم يقل الناس هذا الكلام!! وكلمة أخيرة إلى السيد (خوري)، فأنت تتحمل جزءاً من المسؤولية لسببين: الأول: أن من حقك أن تطلع على ما كُتب على لسانك، ومن واجبك أن تعترض عليه إذا لم يعجبك، وسكوتك معناه الرضى! ثانياً: حاور إذا حاورت كبيراً يسمو بك إلى مستوى راقٍ من الكلام، لا صغيراً يهبط بك إلى دركٍ أسفل. [email protected]