أتابع –كغيري- الأخبار والمواضيع التي تنشرها نبأ نيوز، وأنتهز هذه الفرصة حتى أحيي القائمين على هذا المنبر الحر، الذين قل ما حييتهم، لا لشيء إلا أن التحية وحدها لا تكفي أن نفيهم حقهم. كما قلت لكم إنني أتابع –كغيري- أخبار نبأ نيوز ومواضيعها، ولفت نظري في حديقة هذه الأخبار زهرتان إحداهما فاحت عبيراً، والأخرى امتلأت بالشوك. ولا أعني بهاتين الصفتين أصل الخبر، ولكن أعني (ردود الفعل) على الخبر من قبل الجهات المعنية، والخبران المقصودان هما: (صناديق شكاوى سياحية غير مخصصة للسياح في زمن الفضائح) و(حملة تخفيض الإنترنت في اليمن)، فأما الخبر الأول فقد تفاعلت معه وزارة السياحة مشكورة وقامت بإضافة عبارة باللغة الإنجليزية تشرح ما هو الصندوق، بل وأضافت عنوان موقع الوزارة على شبكة الإنترنت. في نفس الوقت الذي قابلت فيه وزارة الاتصالات الخبر الثاني (حملة تخفيض الإنترنت) بتجاهل يسيء لهم فقط، لأنهم وضعوا أنفسهم بين صفتين (أحلاهما الجهل)، فهي إما أن تكون (جاهلة) عن ما يدور حولها من كلام أو أنها (متجاهلة) لما يدور من مبدأ (أسأت إلي فاستوحشت مني ولو أحسنت آنسك الجميلُ). ما أصبو إليه من هذا المقال ليس مدح طرف أو ذم آخر –حاشا لله- إنما الهدف المهم من مقالتي هو (إبراز الدور الإيجابي للصحافة المحترمة)، فالصحافة الجادة ليست هي الصحافة (المؤدبة) أو الصحافة (المهاجمة على طول الخط) أو (المدافعة على طول الخط)، ولا هي الصحافة (الأليفة) أو الصحافة (المتوحشة)، وفي الوقت نفسه، ليست الصحافة المبتذلة هي الصحافة التي تتناول موضوعات (سفيهة)، أو الصحافة (المتحولة) التي ليس لها موقف ثابت –وإن كنت أميل شخصياً إلى احترام هذا النوع من الصحافة (المتقلبة) وذلك موضوع آخر سأتناوله في مقال مستقل-. إن ما يميز الصحافة الجادة عن المبتذلة هو (إمكانية التغيير)، فالصحافة مسؤولية، والصحافة الجادة تسعى إلى فضح الخطأ لا من أجل التشهير أو الابتزاز، وإنما من أجل تغيير وضع فاسد لا يقبله ذو ضمير صاحٍ. إن المثلين المذكورين في بداية المقال، يميزان بشكلٍ جلي بين نوعين من التفكير، أو يميزان بين عقليتين مختلفتين، العقلية الأولى تتجاوب مع الرأي والرأي الآخر، وتملك (عقلاً) وهبها الله لها لتميز بين الخطأ والصواب، وتعمل على مناقشة الأفكار المطروحة من قبل الصحافة –والتي لا تكون دوماً صحيحة بالضرورة- فتميز بين غثها وسمينها، وتعمل بما هو معقول منها، وتترك جانباً ما لا تراه مناسباً مع توضيح الأمر لمنتقديه حتى يفهموا السبب. أما العقلية الثانية –أجارنا الله وإياكم من شرها- فهي متحجرة، متسلطة، تعاني من بارانويا (عقدة اضطهاد) مزمنة، تجعل كل ملاحظة تبديها الصحافة تجاههم، محاولة للتشويه، وسعياً ل(تدمير) نجاحات –غير موجودة أساساً-، وتجعل من نفسها (شجرة مثمرة) ترمى بالحجارة، وتتناسى أن ثمرها فاسد متعفن. إن تجاهل موضوع (حملة تخفيض الإنترنت في اليمن) من قبل الوزارة لا يعدو عن كونه عجزاً عن الرد، فما هو المبرر الذي يمكن للوزارة أن تأتي به؟!! كم كانت الفرصة سانحة لقيادات الوزارة أن يكونوا بحجم المسؤولية، إلا أنهم اختاروا الطريق الأسهل، وهو (الدعممة)، لكنها في هذه الحالة ليست (دعممة) متكبر، وإنما (دعممة) عاجز. لقد كان المقال الذي كتبه د. أمير العتمي، مقالاً موضوعياً علمياً، دقيقاً، مفحماً، والرد عليه يجب أن يكون كذلك، ولذلك فضلت الوزارة السكوت المشبوه، وأنا أطالب د. أمير أن يستمر في فضح الوزارة سواء في كروت تسديد المكالمات التي لا تعمل، أو الإنترنت اللاسلكي، أو الحكومة الإلكترونية، وغيرها من فضائح هذه الوزارة، حتى نحصل منهم -على الأقل- على التجاوب الإيجابي سواء بالقول أو الفعل، سلباً أو إيجاباً، كما فعلت وزارة السياحة مشكورة. وختاما، أرجو أن لا يفهم أحد من مقالي أنني أشجع هذا وأنتقد ذاك، فأنا لا علاقة شخصية تربطني بهذا أو ذاك، وكل ما أريد من هذا المقال هو دعم د. أمير، وأمثاله، في فضح الفساد لا بغرض تشويه السمعة، ولكن للقيام بدور إيجابي عملاً بقول رسولنا الكريم: (من رأى منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان). [email protected]