حذر محللون سياسيون يمنيون من مخاطر إقامة مركز إقليمي لمكافحة القرصنة باليمن تشارك فيه القوات الأجنبية، باعتبار أن ذلك سيكون مدخلا للتدخل الأجنبي في شؤون اليمن، وبذرة لوجود دائم لتك القوات فوق أراضي بلادهم , في حين برز رجل الدين اليمني عبد المجيد الزنداني رئيس جامعة الايمان الدينية إلى الواجهة الإعلامية بتحذيرات شديدة اللهجة يؤكد فيها بأن هناك مخططاً استعمارياً جديداً لليمن , وقال إن من يسيطر على البحر يسيطر على البر . وحذر العديد من المحللين السياسيين من مخاطر إقامة المركز الإقليمي، واعتبروا أن الأولوية التي يفترض باليمن القيام بها هي تعزيز قدرات قواته البحرية وقوات خفر السواحل بإمكانات وأسلحة حديثة ومتطورة، وفي إطار جهود انفرادية. ورأى أحمد محمد عبد الغني، رئيس مركز دراسات اليمن والخليج في حديث للجزيرة نت أن مثل هذا المركز سيكون مدخلا لتشكيل تجمع أو تحالف يضم قوات دولية وإقليمية تستضيفها اليمن، بما يعني شرعية مستقبلية لتواجد القوات الدولية داخل الأراضي والمياه الإقليمية تحت غطاء مكافحة القرصنة. وطالب الذين يدعون لإنشاء المركز أن يكونوا على "بينة من أمرهم"، وأن يقدموا للشعب التفاصيل الكاملة عن ما يقصدونه من إنشائه، مضيفا "عليهم ألا يظنوا فقط أنهم بهذه الدعوة سيحصلون على رضا المجتمع الدولي ويستدرون المساعدات والمنح، دون تحمل تبعات وأعباء سياسية أو تقديم التنازلات السيادية، والتي ستكون أثمانها باهظة التكاليف على المستوى الوطني حاضرا ومستقبلا". وكان المحلل السياسي الدكتور سعيد عبد المؤمن أكثر وضوحا عندما قال إن الدعوات اليمنية تؤكد ضعف الحكومة اليمنية وعجزها عن حماية البلد، باعتبار أن اليمن مسؤول عن السيطرة على باب المندب وخليج عدن وجزء من بحر العرب. وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن "ضعف النظام اليمني داخليا بسبب الأزمات السياسية والاجتماعية يمثل فرصة للأميركيين للحصول على تنازلات يمنية بإقامة قاعدة لهم"، وهو ما سيهدد سيادة واستقلال بلدهم. وأوضح إلى أن القوى الغربية تطمح لوجود قاعدة عسكرية لهم باليمن على غرار القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي، مشيرا إلى أن الأميركيين يبحثون عن موطئ قدم لهم في اليمن، وإقامة قاعدة عسكرية ونقطة ارتكاز في مواجهة القرصنة وما يسمى الإرهاب. برز الشيخ عبد المجيد الزنداني إلى الواجهة الإعلامية بتحذيرات شديدة اللهجة يؤكد فيها بأن هناك مخططاً استعمارياً جديداً لليمن. لقد استند الزنداني إلى مسلمة من المسلمات العسكرية المعروفة، وهي أن "من يسيطر على البحر يسيطر على البر"، وهذه الحقيقة لا ينكرها الخبراء العسكريون، فسيطرة البارجات العسكرية الأوروبية المقاتلة على خليج عدن والقرن الأفريقي تعني سيطرتهم العسكرية بشكل أو بآخر على البر اليمني والصومالي. لم يطالب الزنداني الذي تحدث أمام حشد حضره الآلاف من أنصار التجمع اليمني للإصلاح من الدولة أن تتصدى لمن وصفها بالقوى الاستعمارية، ولكنه ذهب إلى ما هو أكثر من ذلك، فقد طالب الشباب اليمني المتطلع للجهاد إلى الدفاع عن وطنه ضد المستعمر الرابض في البحر. توقيت هذه الدعوة المباشرة للجهاد لم يكن توقيتاً اعتباطياً، فقد جاء بعد يومين فقط من بدء الحملة العسكرية الأوروبية في المنطقة، كما أن هذه الدعوة تحمل في طياتها الكثير من الدلالات، فالزنداني منذ دخوله في قائمة المطلوبين دولياً بتهمة دعم الإرهاب أخضع جميع نشاطاته وتحركاته ومواقفه السياسية والدعوية وحتى التجارية للرئيس علي عبد الله صالح الذي تبنى شخصياً الدفاع عنه وحمايته والمطالبة برفع اسمه من قائمة الإرهاب. وبناء على هذا فإن الزنداني لا يمكن أن يغامر في دعوة كهذه إلى الجهاد والتحذير من استعمار جديد لليمن دون أن يكون لديه ضوء أخضر من قبل السلطة التي ربما أرادت أن تقول من خلاله ما لم تستطع أن تقوله بشكل مباشر وإشهار مخاوفها من الاحتلال العسكري الأوروبي والأميركي المباشر. في هذه الأثناء أطلق رئيس الأركان الأميركي تحذيراته من تسلل الإرهابيين إلى اليمن والصومال، وكانت هذه المخاوف الأميركية مقدمة لطلب تقدمت به واشنطن إلى الأممالمتحدة لتفويضها بمطاردة القراصنة في الأراضي الصومالية، في مؤشر خطير إلى أن الحملة الغربية لمكافحة القرصنة لن تقتصر على البحر، فالبر أيضاً والجزر اليمنية والصومالية لن تكون بمعزل عن التدخل العسكري.