ل روح صديقتي"سعاد" "سعاد، لم أبك عليك، لأنك قلتِ لا تبكي، لكني لم أستطع منذ ذاك الوقت إلا أن ارتكب الحزن– فاجعتي- فيك مازلت تؤلمني، وحين سألتيني إن كان شعرك يتساقط، كذبت عليك وقلت بل أصبح أجمل من قبل! هل تصدقيني لو قلت لك، أن الغصة حين تأتين في ذاكرتي المريضة تبقى أياماً طويلة، فاشعر بأني أعاني نفس الأعراض التي عانيتِ منها قبل رحيلك!؟ سعاد، أنا اليوم لا أكذب.. أنتِ أجمل من عرفت" توسع حجم الجرح داخل روحي، وتوسعت أنا بتوهاني بعيداً، لا اللحظة ادركتني، ولا الوقت ادرك اللحظات, ومساحات الدائرة تلتف حولي، وهذه العنكبوت اللعينه تلاحقني! السقف الأبيض يتلون أمام عيناي الشاخصة به.. وأنا أتوغل في حزني، لا الموت يدركني، ولا أنا أدركته! من يعبث الان في ذاكرتي! من يخترق الحمى الممتلئة بي حد الفيضان! من يستغرقه التأمل في وجهي المحفور على مخدة شعرت بي أكثر منهم! الأجسام البيضاء! وعيون أخرى تنظر للوجه الضامر في شراشف الموت المؤقتة! تجلس عجوز في آخر زواية في الغرفة! تستغرق في قراءة آيات الله، وتنمهر دموعاً ساخنه تجعلها، تقفز من سطراً الى آخر! وهناك...... آخر يستعد لذبحيته يوم العيد! " لا تبكي"! أردت أن اصرخ كي تسمعني! هل تسمع؟ هل لي القدرة الأن على النطق! العنكبوت السوداء على الجدران تلاحقني! وهذا الظل المخيف حول رأسي يدور، يدور لكن يداي لاتسعفني لأقذفه بعيداً عني! "يا حارس كفني!" الدود يلاحقني! فأجتز عروقي كي أهدأ، أغرز سكاكين الرحمة على الشريان المتجمد هنا! أسعفني! لم يكن يسمعني! الضوء! ونافذة تهتز بشدة! ورياح تصفر في الخارج، تستجدي الرحمة للمفقودة في سرير أبيض لا يهتز ، لكنه يغرق بأنين وطآتها الرازحة فوقه! وذباب أزرق، قبيح المنظر، يقبع في الخارج ويزن في الممر المؤدى إلى الموت، يبحث عن "عفانة" جسد، يقتل عطشه وجوعه فيه! "ياموت"! العنكبوت الأسود، مازال يلاحقني! جاحدة هذه الأرض! وكاذبة كل قوانينها، ومأفونة أنا بهذا الحزن الميت على جسدي! في الخارج، شتاء لا يحمل إلا اللون الأسود! "صبراً يا الله" الأجساد البيضاء تفتش في جسد الميته "الحية"، العيون تبحلق بإندهاش نحو بعضها البعض، تجرى همسات، وشوشات مزمجرة، وياد تلتف بسرعة نحو أخر جهة في الصدر، تضغط، تنغرس الإبر بشراسة لا ترحم، ورجُل أراد ان يشف جوعه ينهمك بغرس فمه في فمها وبشراسة أيضا يعتقد أنه" "جبريل" سينفخ فيها "روحاً"، لكن العذراء.. لا تستيقظ ، ولا تآبه له! أنين العجوز في زواية الغرفة يصرخ! يستجدي بتوسل "يا الله، يا ألله .." "خذها إليك"! قولي يا أمي قولي!... أتراه يسمعك!؟ أقنعة، وآلات تعذيب! قالوا أنها تشفى! وصرير يخترق الأذان، وعنكبوت أسود في الجدران يدور، يدور ولا يهدأ! "واللمبة" البيضاء ترسل نوراً لا يشيء إلا بظلام دامس! ومازال الآخر في الخارج، يستعد لذبيحة العيد! وعيون صغيرة تتساءل! "أين ماما ؟" لكن لا أحد يجيب! "وحبيب القلب" مقتنع آن الجديدة، تنعم بصحة "أوفر" حظاً من الأولى! لكنه أيضاً يستعد لذبيحة العيد! ابتسامة صفراء تذكرتها ورسمتها كي يهدأ بال عجوزتها "الضريرة" وكلمة أرادت أن تخرج، تعلم أن "العجوز" سمعتها هذه المرة.. "طفلي ..لا تتركوه وحيداً" تبادلت العيون نظراتها حول الجسد العاري، آخر جائع فيهم كان يضرب صدرها بقوة غاضباً أنه لم يستطع أن يؤجل شيء أرادته هي! وأراده الله لها سقط العنكبوت على الشراشف البيضاء زاحفاً نحو "العينان" وذهبت أدراج الرياح آماني "الذباب الأزرق" فغادر ينهشه عطشه وجوعه! فلم يكن هناك إلا طاهرة لايفوح منها إلا "المسك" سبحت الروح نحو مكاناً آخر... لا يعرفه إلا هي! وحصل آخر على ذبيحة "العيد "!! ومات كل شيء......!! لكن "الله" لا يموت!