حذر روائي وبروفيسور جامعي يمني في علوم الكمبيوتر بفرنسا من "ست فجائع" وليدة الزمن الرقمي تنذر بموت وشيك للغة العربية، إن لم يتم تداركها بمشروع عربي قومي جبار يبدأ ببناءِ قاعدةٍ تحتيّة معرفية يسجل من خلالها حضوراً للغة العربية على الإنترنت، كاشفاً النقاب عن هوة سحيقة تفصل بين حضور اللغة العربية في العالم الرقمي وأي لغة أجنبية أخرى. وحدد البروفسور حبيب عبد الربّ سروري- الذي يقود مشروعاً قوميّاً فرنسيّاً يرتبط برقمنة بعض مواد الحاسوبيات اللغوية- "ست فجائع" تكشف هول الخطر المحدق باللغة العربية، أولها الغياب الكلي للقاعدة المعرفية باللغة العربية في الانترنت في الوقت الذي تقابلها ملايين الصفحات الرقمية باللغات الأخرى في مختلف الحقول الثقافية والعلمية والمعاجم والموسوعات، مؤكداً: "أن اللغة العربية تحتضرُ اليوم بهدوء جراء عدم مواكبتها الزمن الرقميّ". وحدد "الفجيعة الثانية" بأن العربية أضحت "لغة تعاني من أنيميا الترجمة"، وأن معظم أمهات الكتب الحديثة التي تشكّل نبراس الحضارة المعاصرة غير معروفة بالعربية، كاشفاً النقاب عن أن "ما ترجمته إسرائيل في السنوات العشر التي تلت تأسيسها يفوق كل ما ترجمه العرب منذ بدء القرن التاسع عشر إلى اليوم". أما "الفجيعة الثالثة" فهي أنها "لغةٌ بلا مُدوّنة"– أو بنك لغة- والتي تعطي صورةً دقيقةً كاملةً عن اللغة في مختلف أشكالها واستعمالاتها اليومية والعلمية والعمليّة والأدبية، خلال مرحلةٍ زمنية معيّنة. فيما قال أن "الفجيعة الرابعة" هي هي أنها لغة بلا «مُتعرِّفٍ ضوئيٍّ لِلأحرف» يسمح بتحويل النص المصوّر بكاميرا أو ماسح ضوئي (سكانير) إلى نصٍّ رقميّ يمكن فتحه بناشر الكتروني، الأمر الذي أصبح عائقاً كبيراً يمنع دخولها عصر الرقمنة، لأنه وحده ما يسمح بتحويل صور صفحات الكتاب إلى نصوصٍ رقميّة، في الوقت الذي ينهمك العالم بترجمة ملايين الكتب إلى اللغات الأخرى. وقال أن "الفجيعة الخامسة" تتمثل في كونها لغةٌ بدون تقنيات تصحيحٍ وموتورات بحثٍ ملائمة.. وأن ملايين الصفحات العربية الموبوءة بأعدادٍ فلكيّة من الأخطاء الإملائية مؤرشفةٌ اليوم في شبكة إنترنت شأنها شأن غيرها، تشكّلُ جميعها، دون تمييز، ترسانة النصوص العربية على الشبكة الكونية، التي قد تحل بديلاً للغة السليمة بحكم الغلبة العددية. أما "الفجيعة السادسة" فهي أنها لغةٌ لم تدخل عصر الرقمنة بعد لغياب القواعد التحتية الرقمية، مستشهداً بمشروع جوجول وبعض كبار المكتبات القوميّة التي قامت في عام 2004 برقمنة 15 مليون كتاباً، وكذلك مشروع ميكروسوفت الموازي، ومشروع المكتبة القومية الفرنسية التي قامت برقمنة 6 مليون كتاباً، في الوقت الذي لا يقابلها سوى بعض مئات الكتب العربية المترجمة التي دخلت العالم الرقمي. وكشف السروري حجم ماساة اللغة العربية بالأرقام، مبيناً أن مجمع اللغة العربية في الجزائر الذي تدعمه الجامعة العربية بميزانية خاصة منذ 1975، والمكلف بتأسيس «الذخيرة العربية»، رقمَنَ حتّى الآن بضعة مئات فقط من الكتب العربية، بسبب عدم وجود هذه البنية التحتية! وقدم السروري ثلاثة مقترحات مترابطة للمؤسسات الثقافية والتعليمية العربية، وللحكومات العربية ولِجامعة الدول العربية وهي: (1) الاستفادة من التجربةِ الصينية في الترجمة، المستندةِ على تقنيات العصر الرقمي: فتحُ مسابقات ترجمة للجميع (مترجمين تقليديين، طلاب ومتخصصين، كتّاب، معاهد وأقسام ترجمة)، وتقديمُ مكافآت تُعطَى حسب مقاييس تختارها لجانُ تحكيمٍ خبيرة، في ضوء خطّة ترجمة عربية لترجمة ما يعادل العشرة آلاف كتاباً سنويّاً!... يمكن وضع هذه الكتب المترجمة في بوّابات إنترنت لتصل للجميع، دون الحاجة إلى طباعة معظمها بالضرورة!... (2) فتح باب مسابقات للمدرّسين الجامعيين داخل العالم العربي أو خارجه، تضع مقاييسها وتختار عروضها الناجحة لجان تحكيمٍ متخصّصة، هدفُها بناء بوّابات دروسٍ رقمية عربية نموذجية على الإنترنت للطلاب العرب في مختلف المواد العلمية والتقنية، تستخدم تقنيات متعددة الوسائط حديثة!... (3) إكمال البناء التحتي للغة العربية على الإنترنت (قارئٌ ضوئيٌّ آليٌّ للأحرف، مدوّنةٌ للغة العربية، موتورات بحث وبرمجيات تصحيح ملائمة، تقنيات ترجمة آلية...) خلال 3 سنوات!... وشبه السروري واقع الحال العربي بالقول: لعلّ استعارة «السلحفاة والأرنب» لم تعد اليوم مناسبةً لمقارنةِ سرعةِ تطوُّرِ العالم العربي بالقياس إلى الغرب والشرق الأقصى اللذين صارا، بفضل مشاريع الرقمنة الكبرى، أشبه بأرنبٍ مُجنَّح! في حين أمست سلحفاتنا العربية العزيزة عرجاء، تلتهمها الفيروسات!... للاطلاع على النص الكامل لهذه الدراسة الرائعة: * اللغة العربية في الزمن الرقميّ: ستُّ فجائع، وثلاثةُ مقترحات!