شهدت الساحة اليمنية خلال اليومين الماضيين تخبطاً سياسياً غير مسبوق في أوساط أحزاب المعارضة اليمنية، فجر سخرية الشارع اليمني والمراقبين من قيادات أحزابها على خلفية تصريحات حزبية مناقضة للواقع المعاش، تم وصفها بأنها "استغفال علني" لساحة الرأي العام المحلي والدولي. ففي الوقت الذي شهدت عدة مناطق يمنية جنوبية فعاليات تطالب بالانفصال جهراً، وترفع أعلام "الجنوب العربي"، وتصريحات علنية لقادة "الحراك القاعدي" يؤكدون فيها أن حراكهم انفصالي، فوجئت الساحة اليمنية بالدكتور ياسين سعيد نعمان- الأمين العام للحزب الاشتراكي- وهو يصر بأن "الحراك ليس انفصالي"، وإنما "سلمي"- خلافاً لما يقوله قادة "الحراك" أنفسهم.. ورغم البيان الذي أصدره علي سالم البيض ودعا فيه للانفصال، وتأكيدات الشنفره، والخبجي، وباعوم، والنوبة بان حراكهم إنفصالي، نفى الدكتور نعمان، ومعه قيادات أحزاب المشترك أن يكون "الحراك" انفصالي، متهماً السلطة بإدعاء ذلك من أجل "ضرب الوحدة والاحتجاجات السلمية". وقال نعمان: "أن محاولة تصوير أن ما يجري في الجنوب بأنه عمل انفصالي هو من قبيل الاستنجاد دائماً بموضوع الوحدة من قبل السلطة لضرب أي احتجاجات سلمية، ما يجري في الجنوب ليس دعوة انفصالية كما يطرح البعض ولكنه بالأساس احتجاج عل ضرب الوحدة". كما اتهم نعمان- في حوار أجر ته "العرب" القطرية- السلطة بأنها تستخدم تعبير الانفصال من أجل تجزئة "المعارضة سواء في المشترك أو الحراك السلمي الجنوبي أو غيرها"، مؤكداً أن أن الانفصال هو عنوان "تستنجد به السلطة لتبحث عن دعم خارجي وتؤلب القلوب بأن الوحدة في خطر"- كما لو أنه لم يسبق له أن قرأ أو سمع بيانات الحراك وتصريحات قياداته.. وأشار أمين عام الاشتراكي إلى أن "طرح أن الوحدة دائماً في خطر، والترويج لذلك في مواجهة أي أصوات إلى التغيير والإصلاح وتدعو لمغادرة الأزمة هذا يضر بالوحدة أكثر من حمايتها". ولأول مرة يعترف أمين عام الحزب الاشتراكي بأنه كان على تواصل مع علي سالم البيض، وأن حزبه كان يستشيره بقراراته، قائلاً- رداً على سؤال بهذا الخصوص: "لدينا اتصالات أخوية مع كل أخوتنا الموجودين في الخارج، وقرارات الحزب وسياسته يتخذها المكتب السياسي والأمانة العامة، وهم أعضاء في اللجنة المركزية"، غير أنه لم يفصح فيما إذا كان البيان الذي قرأه "البيض" قد تم تخاذه بالتشاور مع الحزب وأعضاء لجنته المركزية أم بخرق للآليات التي ذكرها. ياسين نعمان- الذي كان أول من أطلق على الجماعات الانفصالية تسمية "المشاريع الصغيرة" وحذر من أنها تقود الى تفتيت اليمن- لم يكن وحده الذي ينفي وجود مؤامرة انفصالية، رغم أن أصحابها أنفسهم لا يخجلون من الجهر بها- بل أن الشيخ حميد الأحمر والأستاذ سلطان العتواني، رئيس المجلس الأعلى للقاء المشترك، وقيادات حزب الاصلاح أيضاً تنفوا خلال ملتقى التشاور الوطني وجود أي مؤامرات تشطيرية لليمن.. مصادر في "الحراك" ردت على سؤال "نبأ نيوز" حول تفسيرها لموقف أمين عام الحزب الاشتراكي، بأن الدكتور نعمان يحاول التشبث بأذيال الحراك لأنه فقد زمام السيطرة على حزبه، وانفض كل من كانوا حوله جراء سياسته التي جرّ بها الحزب الى التهلكة، مؤكدة "أن نعمان ضحى بالحزب مقابل البقاء في المشترك". وأشارت إلى أن قيادات الاشتراكي كانت لديها تحسس كبير من وضع الحزب داخل المشترك، وكانت تحذر نعمان من تذويب هوية الاشتراكي، وإلغاء خصوصياته الاعتبارية، غير أنه لم يستمع لأحد، وظل منساقاً وراء الإصلاح رغم أن الاصلاح وبقية أحزاب المشترك هم من كان يجني ثمار التصعيد الجنوبي.. منوهة إلى أن أغلب قيادات الاشتراكي هم اليوم داخل الحراك، ولم يعد أمام نعمان ما يستطيع قوله، مؤكداً أن الاشتراكي والمشترك عموماً يحاولون الاتكاء على الحراك وقضايا الجنوب لأنهم بدونها لن يجدوا في الشمال من يسمعهم، ولن يجدوا قضية يتحدثون عنها.. وإزاء إصرار المشترك على النفي، فإن الشارع اليمني، ومعه الشارع العربي يقفون في ريبة من أمرهم، وسط دهشة عظيمة، متسائلين: من أين أتي مراسلوا الفضائيات العربية بأفلام عن حشود يمنية ترفع أعلام "الجنوب العربي" وتهتف للانفصال، وتخرب، وتقطع الطرق..!؟ وهل ما قرأه علي سالم البيض على شاشة "الجزيرة" هو بيان انفصال أم خيّل لهم ذلك؟ وهل ما سمعونه على لسان باعوم والشنفره والخبجي هي دعوات انفصالية، أم إشاعات من قبل السلطة ل"ضرب الوحدة"- على حد تعبير الدكتور نعمانت..!؟ "نبأ نيوز" تطرح هذه التساؤلات على الرأي العام، علّه يمتلك الإجابة: لماذا يصر المشترك على تبرأة الحراك من مؤامرة الإنفصال، رغم أن "الحراك" يقسم بأغلظ الإيمان أنه انفصالي!؟