انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    الريال ينتظر هدية جيرونا لحسم لقب الدوري الإسباني أمام قادش    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    أول تعليق من رونالدو بعد التأهل لنهائي كأس الملك    جامعة صنعاء تثير السخرية بعد إعلانها إستقبال طلاب الجامعات الأمريكية مجانا (وثيقة)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    وفي هوازن قوم غير أن بهم**داء اليماني اذا لم يغدروا خانوا    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    الخطوط الجوية اليمنية توضح تفاصيل أسعار التذاكر وتكشف عن خطط جديدة    الانتقالي يتراجع عن الانقلاب على الشرعية في عدن.. ويكشف عن قرار لعيدروس الزبيدي    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    مقتل واصابة 30 في حادث سير مروع بمحافظة عمران    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    احتجاجات "كهربائية" تُشعل نار الغضب في خورمكسر عدن: أهالي الحي يقطعون الطريق أمام المطار    العليمي: رجل المرحلة الاستثنائية .. حنكة سياسية وأمنية تُعوّل عليها لاستعادة الدولة    الكشف عن قضية الصحفي صالح الحنشي عقب تعرضه للمضايقات    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    غارسيا يتحدث عن مستقبله    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    الرئيس الزُبيدي يعزي رئيس الإمارات بوفاة عمه    رئاسة الانتقالي تستعرض مستجدات الأوضاع المتصلة بالعملية السياسية والتصعيد المتواصل من قبل مليشيا الحوثي    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    مأرب ..ورشة عمل ل 20 شخصية من المؤثرين والفاعلين في ملف الطرقات المغلقة    عن حركة التاريخ وعمر الحضارات    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    بعد شهر من اختطافه.. مليشيا الحوثي تصفي مواطن وترمي جثته للشارع بالحديدة    رئيس الوزراء يؤكد الحرص على حل مشاكل العمال وإنصافهم وتخفيف معاناتهم    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    التعادل يحسم قمة البايرن ضد الريال فى دورى أبطال أوروبا    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كبسولة العرب الزمنية.. كنتم ذات يوم رواداً للحضارة الإسلامية
نشر في نبأ نيوز يوم 02 - 04 - 2010

"هل لدى أي من زعماء المسلمين آذان صاغية وعقول متفتحة لتنصت وتتعلم ما فيه خيرها، وهل لدى أي منهم قدرة على التواصل لإحداث تغيير جذري لتلبية تطلعات الأمة الإسلامية؟"
"لولا العرب كان من المحتمل جدا ألا تنشأ الحضارة الأوروبية الحديثة على الإطلاق؛ ومما لا ريب فيه أنه لولاهم، ما كانت هذه الحضارة لتأخذ هذه السمات التي مكنتها من التفوق على كل مراحل التقدم السابقة. مع أنه لا يوجد جانب واحد في التقدم الأوروبي لا يمكن تتبع التأثير القطعي للثقافة الإسلامية عليه، حيثما اتجهت فإنك ترى ذلك بوضوح بالغ في نشوء هذه الطفرة التي تمثل القوة المتميزة القصوى للعالم الحديث والمصادر العليا لتفوقها - العلوم الطبيعية والصبغة العلمية "
روبرت بريفولت Robert Briffault: "صناعة الإنسانية The Making of Humanity"
يعرض متحف العلوم في لندن الإنجازات التاريخية للعالم الإسلامي. ولكن التوقيت ليس هو القرن الواحد والعشرين، بل العصر الذهبي للحضارة الإسلامية في الأندلس "إسبانيا" من القرن الثامن إلى القرن السادس عشر الميلادي.
يصف كثير من الباحثين الغربيين مساهمات العلماء العرب في ذلك الوقت تحديدا ب " عصر القرءان"، بينما كان الأوروبيين يعيشون في بربرية العصور المظلمة، كان المسلمون يشكلون أكثر الحضارات تقدما في جنوب أوروبا.
جعلتني نشرة أخبار ال"بي بي سي" أفكر بعمق وتأمل فيما كتبته قبل عقدين من الزمن "لماذا المسلمون شعوب منقسمة؟" و"نحو الوحدة الإسلامية" والتي نشرت على نطاق واسع في النسختين الإنجليزية والعربية في العالم العربي "مجلة رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، المسلمين، والمجتمع، الكويت، والأسبوعي، من نيودلهي". كانت الفكرة المحورية في تلك المقالات إيقاظ الكثير من الهواجس، لتذكير المسلمين: من كانوا ، وأين هم الآن ، وأين هم ذاهبون؟
بوقت ما، كان العرب روادا للمعرفة ولتقدم البشرية، وكانت الحضارة الإسلامية هي الحضارة الرائدة في جميع أنحاء أوروبا لتصبح أنموذجا يحتذى به لقرون قادمة.
لثمانمائة سنة طور العرب أكثر الحضارات تقدما، في أطول فترة إزدهار معروفة لأي حضارة في تاريخ البشرية.
متحف لندن للعلوم يبسط الماضي فقط، لا يحتفي بالحاض، ولا يستحث المستقبل ليحدث. لماذا؟ ببساطة، لأن المسلمين لم تعد لهم يد في حركة التقدم والتطور في القرن الواحد والعشرين.
إنهم يبدون أقرب ما يكون لمسلمين بدون إسلام. والإنجازات التي تحققت عبرالقرون كانت محصلة للإسلام بوصفه نظاما للحياة والتفكير، ولاشيء آخر.
بعد انهيار الحضارة الأندلسية وخروج المسلمين القسري من الأندلس، أخطأوا في تقدير تحديات المستقبل وفضلوا الحياة في كبسولة للزمن من أزمنة وثروات مقترضة. ولم يزالوا مشتتين حتى الآن، يتجادلون حول الماضي بدل أن يفكروا في الحاضر أو المستقبل، وظلوا "منتثرين كالبذور" كما يصف الدكتور شو دالّال"Shaw Dallal" ببراعة في كتابه.
قبل عقدين من الزمن، كان الإهتمام الأول لجموع المسلمين منصبا على قضية فلسطين حتى يروها حلت سلميا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. أما الآن فقد امتد أفق قلقهم إلى العراق وأفغانستان وباكستان وشبه الجزيرة العربية ومستقبلها.
تتمثل استراتيجية الغرب في افتعال مشاكل جديدة بحيث يتم تغييب وتنحية المشكلة الأصلية. لا أحد على مايبدو يهتم كم من المسلمين قد فقدوا على الحدود الرئيسية لبقاء البشرية، كم من المسلمين تم تشريدهم ليغدوا لاجيئن في الملاجئ وفي أوطانهم ذاتها. تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 90 ٪ من اللاجئين في العالم هم من أصول مسلمة.
لا أحد يفكر أويسأل لماذا؟ المسلمين بلا قيادة، وهم الآن أكثر انقساما وخضوعا لسيادة الاستعمار السابق منهم في فترة الإستعمار "الإمبريالية" الفعلية.
بتحليل شؤون المسلمين بعد عقدين من الزمن، نرى أن بعض من حكام المسلمين، الذين تهيمن عليهم الأنانية والذاتية، دخلوا في في صفقات عالمية لبيع المسلمين ومصالحهم لقوى أجنبية من أجل المال والمراكز السياسية، باختلاق أسطورة "التطرف الإسلامي "و" الإرهاب ".
العديد من حكام البترودولارالحاليين يسمون أنفسهم بالمسلمين "المعتدلين" - طريقة مبتكرة -لتعطي مبررا وهدفا للكيد والغدر بقضية الإسلام ومصالح المسلمين الذين يعيشون في مختلف أنحاء العالم، بشكل لا يمكن تصوره في منظومة القيم والقوانين والمساءلة الإسلامية.
الجماهير محاصرة بالضياع، أسيرة عاجزة، غير قادرة على التفكير في ذواتها، وكل طاقاتها الخلاقة استنزفت بالتدريج، حتى لم يبق لديها إلا القلق للبقاء على قيد الحياة، لا تعرف كيف يسعها استبدال دمى الحكام القساة المفروضة عليها بدعم من القوى الاستعمارية.
إذا قارنت بين المسلمين المعاصرين ومسلمي الحقبة الأندلسية، فقد ينتهي بك المطاف لحالة مستمرة من التعذيب الذهني المؤلم والمثير للإشمئزاز.
متحف العلوم في لندن لا يعرض – ولا يمكنه أن يعرض – هذا الواقع. هذا المعرض يعرض التقدم المادي والعملي والفكري، لكنه لا يتطرق لأسباب الانهيار والاستسلام والهزيمة في قرطبة وغرناطة وبقية المناطق الأندلسية والسقوط المستمر للمسلمين إلى اليوم.
إذا كان حاضر الأمة الإسلامية متخبطا وغير محدد أو فاشلا بالكلية، فكيف يمكن أن نكون متفائلين بالمستقبل؟
خلق العرب ثقافة را ئدة في التسامح التي تجسد مختلف الأعراف، والعقائد والتقارب اللغوي مما أعطى قالبا وصياغة للمعرفة والتنمية البشرية، واخترعوا الرياضيات، والجبر، والهندسة، وعلم الفلك، واكتشفوا علوما جديدة، وتكنولوجيا متقدمة، وأنشئوا المكتبات، وكان لديهم وعي بالمجتمع المدني، برعوا في الطب وأنشأوا المستشفيات، ومراكز التعليم التي لا يباريها العالم المعاصر، وقاتلوا في سبيل الإسلام، لإقامة النظام الإلهي لنجاح البشرية.
"ما الخطأ الذي حدث؟ " يدعي برنارد لويس دوما، وهذا ما يعتقده هو، وليس ما فعله العرب أو المسلمين في الحقيقة: في بداية القرن الواحد والعشرين، بدا أن العالم قد هلك بشكل رهيب ومفرط وخارج عن الإدراك... الحقيقة -التي يدركها الغرب- لا علاقة لها بالحقيقة.
من وجهة نظر سخيفة أحادية الجانب- ينبغي للعالم أن يبدو كالتالي: العرب والمسلمين "إرهابيون"، في حين أن الإرهابيين الفعليين ينعتون ب"رجال السلام".
المسلمون المعتدلون، المتفرجون، يفضلون الغموض والصمت كلغة للجسد لتفادي المواجهة في سبيل الاسلام علنا كيلا ينتهي بهم الأمر لفقدان مناصبهم الرسمية ومعوناتهم المالية.
القادة يصنعون القادة. حين كان المسلمين قادة في الإيمان والقيم الإنسانية، صاغوا حضارة فريدة من التسامح، مع التنوع الثقافي والعرقي، ومبنية على وحدة العقيدة الإسلامية لتجسيد السلام والتطور الإنساني.
إذا عددت الاكتشافات العلمية ومآثر العلماء المسلمين، ستجد أنها لا تعد ولا تحصى. هل تعرف أي من العلماء أو الباحثين الذين كانت مآثرهم تستخدم كمراجع لستة قرون متتالية في كليات الطب الأوروبية؟
بلى، ذاك هو القانون في الطب لمحمد حسين بو علي سينا. وقد غير الأوروبيون اسمه الى "ابن سينا" بحيث أن أحدا لن يعرف أنه كان أحد علماء المسلمين. ومن الجدير بالذكر أن ابن سينا وحده اكتشف وسجل 36 تركيبة دوائية تستخدم حتى هذا اليوم.
ماري روزا مينوكال في كتابها "عهد التسامح الذهبي: حلية العالم: كيف أنشأ المسلمون واليهود والمسيحيون ثقافة التسامح في إسبانيا العصور الوسطى"، توضح أكثر:
"إن دروس التاريخ، مثل دروس الدين، تهمل أحيانا أمثلة التسامح. منذ ألف سنة في شبه الجزيرة الأيبيرية، خلقت رؤية الإسلام المستنيرة أكثر الثقافات تقدما في أوروبا.... في قرطبة ضمت المكتبة نحو أربعمائة ألف مجلد، في وقت كانت أكبر مكتبة في العالم المسيحي اللاتيني لا تتعدى ربما الأربعمائة مجلدا ".
إن لدى النخبة الحاكمة المعاصرة في الغرب الكثير من المشكلات الفنية ، إنهم لا يعرفون ماذا يعني السلام. إذا كان لديهم سلام - ولديهم وعي به - فلماذا يسعون جاهدين للحصول عليه عبر عصور التاريخ المعروف؟ ، هل تناضل من أجل الحصول على الأهداف التي ليست لديك، أم تلك التي تمتلكها بالفعل؟
دعاة السلام العرب يتكلمون لكن ليس بوسعهم الوصول إلى الغالبية من البشر المسيطر عليها بوسائل الإعلام. علماء الدين العرب لا يرون النور إلا في المساجد، بينما يعيش الناس في الظلام.
ما الخطأ الذي حدث مع أجيال المسلمين المتعاقبة ؟
قبل كل شيء ، لقد تجاهلوا الإسلام وحاولوا محاكاة عصور الجهل" الجاهلية". هل هي جريمة سوء إدارة الشؤون البشرية؟
الشعوب العربية عريقة، متسامحة وتتمتع بتاريخ حضاري له مصداقية، بينما يعتبرالأميركيون حضارة وليدة ولديهم تسرع في استخلاص الاستنتاجات، لا يفكرون إلا بعد وقوع الحوادث ثم يشعرون بالذنب لتضليل العالم من أجل خوض حروب وهمية على الارهاب في العراق وأفغانستان. الإسلام يضبط العرب ليفكروا في القادم، ليس لأنفسهم فقط، ولكن لما فيه خير البشرية جمعاء.
يتحدث عنهم القرءان بأنهم " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" "110 آل عمران" عندما تخلى العرب عن هذه الرسالة العالمية للأمر بالمعروف، خسروا وانهزموا وتوالت هزائمهم إلى يومنا هذا.
هل بوسعهم استعادة الريادة العالمية من خلال الإسلام؟ عبدالحميد أبو سليمان في كتابه "أزمة العقل المسلم" ، يؤمن بذلك: "إن أساس قوة المسلمين وبراعتهم وإبداعاتهم تنبع من الإيمان... وقد أدركت أجيالهم الأولى ذلك، ونتيجة لذلك كانوا ناجحين." وينص القرءان على أن الله " غفور رحيم".
المسلمون لديهم رسالة – مهمة ربانية لهداية البشرية إلى الخير والنجاح الحقيقي – إن إدراك أنهم تجاهلوها، تحت ستار الاقتصاد القائم على النفط والرفاهية السطحية التي يغذيها النفط، والذي هو مفهوم غربي ساذج للرفاهية، استنزف قيم الثقافة العربية، الإبداع الفكري والبديهي لأمة واحدة، شعب واحد، يربطهم دين الإسلام.
الآن، يبدو أنهم مقسمين بين جدران صلبة، ليست أكواخا مصنوعة من الطين، بل صروح مكيفة الهواء، فيلات غير صحية معدة كيميائيا، قصور مبنية من الغبار، وسيارات كبيرة ملوثة للبيئة، وأطعمة معلبة، خادمات المنازل الأجنبيات رمز للجنس والاستغلال، وبرمجة العقول عبر أطباق الفضائيات اللاقطة، مباشرة في البيوت وفي قلب أرض العرب. وبالتالي، فإن رفاهية العرب المستهلكة للنفط، مسخت إرادة الشعوب من خلال القضاء على قدرتها الفطرية على العيش والتفكير كشعوب مسلمة، على حمل رسالة الإسلام الأبدية العالمية، وهي غاية إسلامية لخير البشرية.
على الرغم من وفرتهم العددية والموارد التي لا حصر لها المتاحة لهم، فما الذي قدمه زعماء المسلمين المعاصرين من أجل مصلحة الأمة الإسلامية؟ الانتهازية هي السمة المميزة للقرن الواحد والعشرين، بوسع المسلمين المعتدلين – الأذكياء - الحصول على الخبز والزبد دون جهد يذكر.
إن بناء قصور على الرمال المتحركة لا يساهم في تقدم البشرية. الاستراتيجيين الغربيين خلقوا كبسولة مبتكرة للزمن للإيقاع بقادة الدول العربية المنتجة للنفط في فقاعة خيال شهر العسل لإنتاج وهم الازدهار الاقتصادي المرتبط بالنفط.
إن تأثيراته الثقافية على المدى القصير والبعيد صادمة وغير معروفة لدى العرب المأسورين، ليحل محل التفكير الإسلامي، والتعليم، واللغة العربية، بل وقولبة روح وجسد العرب ليغدوا كدمى العرض، كثيرمن العرب الجدد تخلو عن الحكمة والطابع الإسلامي. إنها في الأحوال تمثل بالضرورة قيما وأفكارا غير إسلامية في الثقافة العربية.
في ذروة تنبؤات نضوب النفط تقترب فقاعة الخيال من نهايتها كواقع مرئي. القوة والازدهار والفقر كلها امتحانات في حياة البشرية، وهي ظواهر مؤقتة وعارضة. فهل كان اكتشاف النفط "فتنة" للعرب لتبديل أصالتهم في التفكير ومعتقداتهم وقيمهم وإيمانهم بالإسلام كنظام ناجح لحياة البشرية؟
ما الخطأ الذي وقع مع الرواد العرب في الحضارة الإسلامية في كافة أنحاء القارة الأوروبية؟ برنارد لويس Bernard Lewis في:"أين مكمن الخطأ ؟" يتحدث عن مسارات التاريخ في لعب الدور الرئيسي: إن فقدان القيادة وتأثيرات التطورات السياسية والتكنولوجية في أوروبا قد قلصت من نمو نفوذ المسلمين.
ومع ذلك ، ومن بين المؤثرات العديدة ، فلعل بعضها فقط يكفي لتفسير الأسباب الرئيسية:
• إهمال الإسلام كنظام للحياة، وغياب القيادة الانتقالية الواعدة.
• تغير في أصالة التفكير: عدم وجود رؤية هادفة لخيرالإنسانية، والافتقارلمثال يحتذى به للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" "خير أمة" - أمة الخير"
• الانحطاط المنهجي في القيادة الفكرية والأخلاقية والسياسة.
• تفكيك مؤسسات الفكر الإسلامي، وهجر التوجه السياسي لتنمية وتطوير "أمة واحدة"، وتحدي دور التفكير والمساءلة.
• الاعتياد والتأقلم مع الفكر والسلوكيات والأعراف الاجتماعية الاستعمارية ، التي استنزفت الإبداع والتقدم والوحدة الإسلامية
• السيولة والرفاهية المؤقتة - التي أعقبت عائدات تصدير النفط.
• الأوهام المستعصية للنخبة الاستعمارية الجديدة بأن عائدات النفط ستدوم للأبد وأنها من ممتلكاتهم الحصرية.
• المادية والاستهلاكية الطاغية: إن ترويض الروح والبدن بحاجة ماسة لتوجيه الإيمان والعقل الملتزم.
عندما انتهى الاستعمار، لم تدرك حركات التحرر بوعي كاف استمرار دور القيادة الاستعمارية الجديدة في المجتمعات الإسلامية، والمحتلة في الغالب من قبل أمراء إقطاع غير متعلمين، أو زعماء عشائر قبلية ينظر لهم على أنهم جهلة، وفاسدين، وخانعين لسادة الاستعمار الجدد، ولا وجود للقادة الهادفين المأمولين لصنع المستقبل.
وإن المرء ليعجب، أكل هذا الاشمئزاز المتراكم يمكن اعتباره فشلا في القيادة العربية المعاصرة؟ وجيلا من بعد جيل، انهزم المسلمون وغرقوا في كيانات أخرى تحت سيادة الغرب. إن الديمقراطية الليبرالية المزعومة لا تدرج المسلمين باعتبارهم كائنات مناسبة للعب دور تقدمي في المجتمع الدولي.
في الغرب، انتكست البشرية من الذكاء للغباء، يقرر تشارلز داروين Charles Darwin في نظريته "أصل الأنواع Origin of the Species" ، التي تم تقديرها وتكريمها: أن الإنسان ينحدر من كل الاحتمالات الممكنة لصنع الحضارة الإنسانية.
في حين أن الإسلام يركز على الإنسان باعتباره العنصر المبدئي لإحداث التغيير والتطوير المستمر. ألكسيس كاريل Alexis Carrel "الإنسان ذلك المجهول Man the Unknown ، 1936" ، يبدو أنه يؤكد على المنظور الإسلامي لنشوء البشرية:
"بعض أشكال الحياة العصرية تؤدي مباشرة إلى الانحطاط.... لدى الفقراء، تماما كما لدى الأغنياء، انحطاط الفراغ والترفيه.
إن دور السينما والحفلات الموسيقية والراديو والسيارات وألعاب القوى، كلها ليست بديلا عن العمل الذكي.نحن بعيدون كل البعد عن حل هذه المشكلة الخطيرة من التسيب التي أنشأها الرخاء والآلات الحديثة أو البطالة. من خلال فرض أوقات الفراغ على الإنسان، الحضارة العلمية جلبت للإنسان محنا كبيرة. نحن غير قادرين على مجابهة عواقب الكسل واللامسؤولية، تماما كالسرطان والأمراض العقلية... بعد كل شيء، فإن الهدف من الحضارة ليس هو تقدم العلوم والآلات، ولكن تقدم الإنسان ".
لكن العرب وبقية المسلمين، وهم رواد لحضارة علمية تقدمية ، باتوا أسارى لأفكار أجنبية، من استغلال للحرية الإنسانية، والتي هي حبر على ورق لا أكثر، إلى ظاهرة التعالي البشري، من قصر الحمراء إلى تاج محل، وكلها تحولت الى أعداد وأرقام لتصبح علامات مرجعية في دليل سياحي، ترجمة لتاريخ مكتظ بالحضارة المادية، ولا شيء آخر.
هناك حماقة متعمدة في علوم التدريس لإخفاء وتشويه التطور الأخلاقي والروحي التدريجي للبشرية بالكامل، وتركه ليفسر بمصطلحات مشكوك فيها. بينما الجاهلية والغطرسة تحكم جميع أنحاء العالم، فإن الحكمة الإلهية والمعرفة الحقيقية تحيا منبوذة.
كيف يمكن لمسلمي اليوم إحياء وجودهم الثقافي ودورهم القيادي في ساحة السياسة العالمية؟
إن القرن الواحد والعشرين أكثر استنارة، وهو عصر ثقافة عالمية الإبداع من المعلومات والمعرفة، وريادة فعالة لتقدم البشرية.
وإنه لمن غير المنطقي أن يرث الجهال الملكية أو الأدوار القيادية ليكونوا ناجحين. الحتميات السياسية تدعو أجيالا جديدة من الأشخاص المتعلمين والواعدين والأذكياء ليكونوا في الدور الريادي للتخطيط، لتغيير وإصلاح البنىة التحتية القديمة البالية الموروثة من الحكم السياسي لتصنع نظاما جديدا من المؤسسات التنموية لبناء الأمة ولإثراء التواصل الفعال وتمثيل المصالح الإسلامية بطريقة رشيدة. الحقائق الثابتة في الحياة تبرهن عن نفسها.
ليس هناك بلد مسلم واحد يقدم زعيما ذكيا له مصداقية في المجتمع الدولي. المسلمون مغلوبون من موقف الضعف المعنوي والحرمان الفكري، وليس لافتقارهم للقوة.
لتغيير حكم السذاجة السياسية، فإن المسلمين عامة والعرب على وجه الخصوص، عليهم أن يطوروا مؤسسات عامة لمشاركة المواطنين إذ أن الإسلام يؤكد مفهوم "الشورى" – التشاور- كمبدأ هام لصنع قرارات المجتمع، وتحقيق القانون والعدالة والمساءلة.
المسلمون كأمة واحدة يمكن أن يكون لهم عملة موحدة، إنتاجية إقتصادية واحدة، ومنظمة دولية "مجلس الأمة" مسؤولة عن وضع السياسات والتعامل مع قضايا الأمن والسلام وتسوية الصراعات، لتمثيل وحدة الأمة الإسلامية وكوسيلة لتعزيز نفوذ الرؤية الإسلامية في السياسة العالمية المعقدة.
إن الدول القوية في العالم لديها قادة أقوياء وأذكياء لتمثيل مصالحها الوطنية. المسلمون معاقون، أساءوا الفهم وفشلوا في تطوير قادة مثل سيد قطب وجمال الدين الأفغاني، وأبو الأعلى المودودي، ومحمد بن عبد الوهاب، والسلطان صلاح الدين الأيوبي، والملك عبد العزيز مؤسس المملكة العربية السعودية، والدكتور سوكارنو في اندونيسيا، والدكتور العلامة محمد إقبال، ومحمد علي جناح، وأيوب خان من باكستان.
لا يمكن للمجتمعات الإسلامية الهروب من مسؤولية الفشل الجماعي في صناعة قادة أذكياء. وهذا من عواقب الحياة في ظل حكام متسلطين وسط اضطرابات سياسية تدمر طاقات المسلمين، وأفكارهم الإيجابية وقدراتهم الإبداعية.
يسعى القادة لأن يكونوا ناجحين ومؤثرين، ويجب أن يحملوا رؤية للمستقبل وأن يكونوا منفتحين للاستماع والتعلم، لا أن يكونوا متصلبين ويختبئون في قصور نائية بعيدا عن الشعب. وهم على بينة، في أغلب الأحيان بأفضل الاستراتيجيات لاستغلال مواردهم، على وعي بنقاط القوة والضعف في الناس من حولهم، ولديهم رؤية وخطة استباقية لصنع أحداث المستقبل بأفكار محددة وأمثلة من واقع الحياة البشرية، متوافقة مع النواميس الإلهية.
عندما تخلى المسلمون عن الرسالة المنوطة بهم، سقطوا ضحايا الخداع العصري مما أدى إلى انهيارهم وتشريدهم من أوطانهم ومساكنهم ومسقط رؤوسهم. هناك المزيد والمزيد من النازحين واللاجئين في بلدانهم ودول الجوار، وهي حالة غير متخيلة لكنه مخطط قوى الجاهلية للقضاء على المؤمنين. وبينما يؤكد الإسلام على تطوير مؤسسات التقدم البشري نرى أن الحكام المتسلطين قلصوا من نمو المؤسسات العامة للتعليم، والإدارة والعدالة والمساءلة.
يتميز القرن الواحد والعشرين بالصراعات المخططة وبحروب الجشع والهيمنة السياسية. وبنظرة للعالم الإسلامي، نرى أنه لا وجود لمؤسسة أو جامعة واحدة في أي دولة إسلامية للتعامل مع القضايا الهامة كالأمن الدولي والسلام وإدارة الصراع.
وإذا اقترحت على قادة دول النفط العربية الغنية ضرورة بناء مثل هذه المؤسسات التعليمية لتعزيز أواصر الحضارة الإسلامية، فإنهم سيشعرون بالضجر ولن يستجيبوا لاقتراحك. ببساطة، لأنهم غير متفتحين للإصغاء لصوت العقل، كما كان شاه ايران، جنرال مشرف، والعقيد عبد الناصر، وصدام حسين وكثيرون غيرهم، غير مدركين لمصيرهم.
إن قادة ما يسمى بالدكتاتورية العسكرية وملوك ورؤساء البلطجة السياسية المتسلطة، جنوا الملايين والبلايين من التدمير المخطط لجموع المسلمين في العراق وأفغانستان وباكستان، فقط لإثراء نمط حياتهم العبثي برعاية الغرب إلى أن يقضوا نحبهم مكللين بالعار.
كي نكون متفائلين في مواجهة التحديات القاسية للسلام العالمي وإدارة الصراعات بوجود فرص واسعة للتخطيط لتغيير مسار الشؤون الإسلامية المتردية، ولإعادة صياغة مستقبل واعد للأمة الإسلامية، فلنعلم أن كل ذلك لن يتحقق إلا بجهود مدروسة، كارلي فيورينا، Carly Fiorina، المدير التنفيذي السابق ل هيوليت باكارد Hewlett Packard في كتابها " التكنولوجيا والأعمال التجارية وطريقتنا في الحياة: ماذا بعد".
حركت روحي و أفكاري ، وشكلتني بأفكارها ورؤيتها في الآونة الأخيرة، عندما راسلتها حديثا حول ما ذكرته هي قبل سنوات:
"ذات مرة كانت هناك حضارة هي الأعظم في العالم....
وكانت هذه الحضارة مدفوعة بالاختراع أكثر من أي شيء ءاخر. صمم مهندسوها مبان تتحدى الجاذبية الارضية. ابتكر علماؤها الرياضيات والجبر والخوارزميات التي ستمكن فيما بعد من اختراع الكمبيوتر، وابتكروا التشفير. فحص أطباؤها جسم الإنسان، وتوصلوا إلى علاجات جديدة للأمراض. وأطلق علماء الفلك فيها أبصارهم نحو السماوات، فسموا النجوم، ومهدوا الطريق لرحلات استكشاف الفضاء.
كتابها أبدعوا آلاف القصص. قصص عن الشجاعة والحب والسحر. وكتب شعراؤها عن الحب، في الوقت الذي كان من قبلهم غارقون في الخوف من التفكير في مثل هذه الأمور. وبينما كانت الشعوب الأخرى تخاف من الأفكار، ازدهرت تلك الحضارة عليها، وأبقتها حية. بينما هدد الرقباء للقضاء على المعرفة في الحضارات السابقة، فإن هذه الحضارة حافظت على المعرفة، وحملتها إلى الأمم الأخرى.
في حين أن الحضارة الغربية الحديثة تشترك في العديد من هذه الصفات ، لكن الحضارة التي أتحدث عنها كانت حضارة العالم الإسلامي من العام 800 م إلى 1600 م ، والتي شملت الامبراطورية العثمانية، والبلاط في بغداد ودمشق والقاهرة، والحكام المستنيرين مثل سليمان القانوني. على الرغم من أننا كثيرا ما نجهل أننا مدينون للحضارات الأخرى، إلا أن عطاءها يمثل جزءا هائلا من تراثنا.
إن صناعة التكنولوجيا ما كانت لتقوم لها قائمة بدون مساهمات الرياضيين العرب. الشعراء والفلاسفة الصوفيون مثل جلال الدين الرومي، مثلوا تحديا لمفاهيمنا عن الذات والحقيقة. زعماء مثل سليمان عززوا لدينا مفاهيم التسامح والقيادة المدنية... هذا النوع من القيادة الرشيدة - القيادة التي تغذيها الثقافة، والتجديد المتسمر والشجاعة - أدت إلى 800 سنة من الازدهار والإبتكار"..
"هل لدى أي من زعماء المسلمين آذان صاغية وعقول متفتحة لتنصت وتتعلم ما فيه خيرها، وهل لدى أي منهم قدرة على التواصل لإحداث تغيير جذري لتلبية تطلعات الأمة الإسلامية؟"
القرءان الكريم يقرر تلك الحكمة: " إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ " - "الرعد 19"
عن: العرب أونلاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.