شهدت مدينة ذمار صباح اليوم الأربعاء مهرجاناً مهيباً نظمته جمعية كنعان لفلسطين في ذكرى الأسير الفلسطيني والأسير العربي، غاصت فيه قاعة جامعة ذمار بآلاف المشاركين والمشاركات، الذين وفدت أعداد كبيرة منهم من مختلف المحافظات اليمنية، منددين بمواصلة قوات الاحتلال الصهيوني اعتقال آلاف الأسرى ومحاصرة أكثر من مليون ونصف مواطن في قطاع غزة، مناشدين العالم أجمع لنصرة الحق الفلسطيني، ووقف القمع والظلم والصلف الاسرائيلي، ومستنفرين الأمة العربية والاسلامية للتحرك لانقاذ أبناء فلسطين. وقد شهد المهرجان حضوراً كبيراً للبعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية، وابناء الجاليات العربية في اليمن، إلى جانب النخب الحكومية، والأكاديمية، والثقافية، والمدنية.. فيما تقدمهم عميد الأسرى اليمنيين والعرب المناضل سعيد العتبه، الذي استضافته جمعية كنعان في إطار تقليدها السنوي باستضافة القيادات النضالية الفلسطينية. الاستاذ يحيى محمد عبد الله صالح– رئيس جمعية كنعان لفلسطين- افتتح المهرجان بكلمة رحب في مستهلها بالمناضل سعيد العتبه عميد الاسرى الفلسطينيين الذي وهب فلسطين اكثر من 30 عاماً من عمره في سجون الاحتلال الصهيوني، وهب وطنه أجمل سنين عمره لتحيا فلسطين حرة وكريمة، والذي ضرب أنموذجاً في الصمود أمام ظلم السجان الصهيوني وتحديه بارادة لم ولن تنكسر، ارادة فولاذية زُرعت عميقاً في تراب الوطن بأرض فلسطين الحبيبة. ووجه من أرض اليمن، أرض الاحرار، تحية الاعتزاز والاكبار لكل الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني وفي المقدمة منهم قادة الحركة الوطنية الاسيرة، الاسير البطل مروان البرغوثي، والاسير البطل احمد سعدات، وشد على اياديهم مؤكداً تضامن الشعب اليمني العميق معهم وايمانه الراسخ بان فجر الحرية آت لا محالة.. حرية الأسرى وحرية فلسطين، وطنا مستقلاً لشعبنا الفلسطيني. وانتهز يحيى صالح مناسبة يوم الاسير الفلسطيني ويوم الاسير العربي وخاطب الشعوب كافة وكل محبي الحرية والمناضلين ضد الظلم والاستعباد قائلاً لهم: "أما آن الأوان أن نقف جميعاً في وجه الصلف الصهيوني والاضطهاد العنصري لشعبنا الفلسطيني؟ أن هذا الصلف والاضطهاد لا يحتاج الى بحث وتدقيق، فكل يوم تسعى اسرائيل لاثبات تفوقها على النازيين والفاشيين. فبالامس فقط ودعنا الشهيد الاسير رائد ابو حماد لينضم الى قافلة الشهداء الابرار الذين استشهدوا في مواجهة الاحتلال الصهيوني.." وحيّا الابطال الذين يخوضون المعركة بقبضات حديدية تحديا لجلاديهم من أجل الحرية قبل كل شيء، مشيراً إلى ما يتعرضون له من انتهاكات داخل السجون، قائلاً: "إن هؤلاء الابطال محرومين حتى من رؤية اهاليهم ومن الزيارة منذ شهور طويلة". وطالب المجتمع الدولي وكل محبي الحرية والمناضلين من أجلها "بالوقوف معنا ومساندتنا في معركتنا العادلة من أجل الحربة والتحرير.."، وأكد أن على القيادة الفلسطينية ان تجعل من قضية الاسرى فعلا يوميا لها، وان تبطل المقولة الاسرائيلية الاثمة التي تصف اسرانا الابطال بان أياديهم ملوثة بدماء الاسرائيليين، لأن هذه الايادي الطاهرة متوضئة بتراب الوطن الفلسطيني وعاشقة له، ووهبت سنين من عمرها من اجل ان ترتفع رايات الاستقلال فوق ربوع وجبال شماء.." ودعا رئيس جمعية كنعان من أجل تحقيق هذا الهدف السامي الى ضرورة إعادة وحدة الصف الفلسطيني، مناشداً بالقول: "من هنا نناشدكم جميعا باسم دماء الشهداء وتضحياتهم، باسم الامم الاسرى وصمودهم، باسم عذابات شعبنا الفلسطيني، أن توحدوا الصفوف في وجه العدو الصهيوني من أجل فك أسر وحصار مليون ونصف فلسطيني مضى على حصارهم أكثر منألف يوم ابناء شعبنا في قطاع غزة، من أجل تحرير كل أسرانا في سجون الاحتلال البغيض، من اجل العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس". العميد يحيى علي العمري- محافظ ذمار- قال في كلمته أن يوم الأسير الفلسطيني والعربي تمر وآلاف الأسرى يقبعون في السجون الاسرائيلية، ويعانون من شتى أنواع التعذيب والاضطهاد، وعلى مرأى ومسمع من المنظمات الدولية التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان، التي لم تحرك ساكناً رغم ما يقاسي الشعب الفلسطيني من قمع وتجويع ومصادرة للاراضي وانتهاكات شتى. وقال أن الشعب الفلسطيني يقف امام تلك التحديات متسلحا بالعزيمة والاصرار على تحرير اراضيه من دنس الاحتلال، رغم الصمت العربي، مؤكداً أن قضية فلسطين هي قضية كل عربي ومسلم غيور وليست قضية الفلسطينيين وحدهم، وواجب على الجميع نصرتهم. وفيما اكد المحافظ العمري أن قضية فلسطين تحضى باهتمام القيادة السياسية اليمنية التي توليها كافة الاهتمام كقضية مركزية للامتين العربية والاسلامية، فإنه ناشد أيضاً المؤسسات الدولية للتدخل لمن أجل انقاذ الأسرى ، وتفعيل قضيتهم، ونقلها الى جميع المحافل باعتبارهم أسرى حرب، ويجب اطلاق سراحهم.. وقال آن الأوان للجميع لتوحيد الصفوف في مواجهة الاحتلال. وحيا المحافظ عميد الأسرى الفلسطينيين والعرب سعيد العتبه الذي أعتبره أقدم سجين في العالم.. وشكر جمعية كنعان ورئيسها الاستاذ يحيى صالح على اقامة الفعالية التضامنية.. كما رحب بتواجد مجموعة من ممثلي الطائفة اليهودية في اليمن الذين أصروا على المشاركة في إحياء هذه الفعالية تأكيدا لرفضهم الحركة الصهيونية وما تقوم به من أعمال قمعية وجرائم وحشية في حق أبناء الشعب العربي الفلسطيني.
من جانبة ألقى عميد الأسرى الفلسطينيين والعرب سعيد العتبه كلمة استهلها برفع التحايا لفارس العرب علي عبد الله صالح، وحكومة اليمن وشعيهاالعربي الاصيل على مواقفهم المناصرة بقوة للحق الفلسطيني، مشيراً إلى أن الاحتفالات بيوم الاسير هذا العام جاءت على امتداد فلسطين وخارطة الوطن العربي والعالم، وهو بمثابة تكريم واسع لحركة الاسرى الفلسطينيين ودورهم الكبير ونضالهم في الكفاح الفلسطيني. وحيا العتبه جميع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال والأسيرات الماجدات، وقال أنهم عنوان القضية الفلسطينية، وأن أبرز الأسرى الان الذي تجاوز عامة ال32 هو عميد الاسرى نائل صالح البرغوثي وابن الجولان المحتل "صدقي"، مؤكداً مدى القوة التي يمنحها تضامن ابناء الشعب العربي ومناضليه واحراره للاسرى سواء كان ذلك مادياً أم معنوياً. وأشار الى أن القدرة الفائقة على الصمود والصبر التي يمتلكها ابناء الشعب الفلسطيني هي معجزة الشعب الفلسطيني، مستعرضاً العديد من المواقف والقضايا المتصلة بمسيرة نضال وصمود الشعب الفلسطيني بوجه الاحتلال الصهيوني. وحيا المناضل العتبه مشاركة أبناء الطائفة اليهودية، وقال أننا نناضل ضد الصهيونية كحركة اجرامية قمعية، منوهاً إلى أن الطائفة السامرية التي تعيش في نابلس تشكل مثلا حياً لهذا التلاحم لكل الجسد الفلسطيني، داعياً إياهم الى رفع رايات الحرية بوجه الاحتلال الظالم. الدكتور إبراهيم الحضراني- رئيس جامعة ذمار- ألقى كلمة أعرب فيها عن بالغ شكره لجمعية كنعان بإعطائهم الشرف الكبير في احتضان فعالية يوم الأسير الفلسطيني والعربي في رحاب الجامعة، مؤكداً أن ما تقدمه الجمعية يجسد ويقوي حلم فلسطين بفلسطين المستقلة والحلم العربي، مؤكداً الدور البارز للاستاذ يحيى محمد عبد الله صالح المعروف بمواقفه الوطنية والقومية الذي كان هو الاساس لكل انجازات الجمعية. كما أعرب عن عظيم امتنانه لمن كتب تاريخ اليمن الحديث باحرف من ذهب فخامة الرئيس علي عبد الله صالح باني المقومات الحضارية لليمن، والذي كان له على الدوام موقفاً مشرفاً تجاه نصرة القضية الفلسطينية. وقال: أن القضية الفلسطينية هي محور عروبتنا ومعيار التزامنا القومي، وأن ما يحدث اليوم من انتهاكات هي وصمة عار في جبين هذا الصمت، مؤكداً في الوقت نفسه أن الشعب الفلسطيني العظيم سيستمر في تقديم التضحيات بصمود وشموخ. وتطرق الدكتور الحضراني أيضاً إلى ما حققته الجامعة من انجازات ونجاحات في مجال البنية التحتية، وما نالته من مراكز دولية، وفتحها العديد من المراكز الأكاديمية النوعية، وحرصها على تحقيق معايير الجودة العالمية. السفير الفلسطيني بصنعاء باسم الأغا، ألقى بدوره كلمة استهلها بتوجيه الشكر للاستاذ يحيى محمد عبد الله صالح، وقال: "ليس لدي ما أقوله سوى أنك حبيب ياسر عرفات، حبيب فلسطين، وابناء فلسطين بمواقفكم الشامخة دائماً تجاه فلسطين وأهل فلسطين". كما توجه بالشكر لفخامة الرئيس علي عبد الله صالح لتوجيهاته بمعاملة ابناء فلسطين معاملة ابناء اليمن الحبيب، ناقلاً تحيات الرئيس محمود عباس الى من وصفه بالرئيس فارس العرب وموحد اليمن وباني نهضتها. وأعرب عن شكره أيضاً لابناء الطائفة اليهودية في اليمن الذين حضروا المهرجان لمناصرة الاسير الفلسطيني، لافتاً الى أن الفلسطينيين كانوا في فلسطين يعيشون بوئام مع اليهود لكن الغرب فعل ما فعل بينهم. وأكد بالمناسبة العهد والوفاء للاسرى، موجهاً التحية لعدد من الأسرى الذي أورد أسمائهم، مخاطباً إياهم: "أنتم أبقيتم هاماتكم مرتفعة رغم محاولات الاعداء كسرها، لتؤكدوا أصالة شعبكم، ومسأل كيف احتملتم هذا العذاب في هذه السجون وكيف احتملتهم الظلم والقهر!؟" مؤكداً: "أن المحن والتجارب أكسبت شعبنا مناعة وصلابة لا تعرف حدود". وحيا السفير الفلسطيني بصنعاء الشهداء اليمنيين الذين خضبوا ارض فلسطين بدمائهم، أبطال عملية دلال المغربي، وكذلك أبطال كتيبة اليمن التي واجهت العدو الصهيوني في جنوبلبنان. وفي كلمة باسم منظمات المجتمع المدني بمحافظة ذمار، أكدت أسماء صلاح المصري- رئيسة الدائرة الإعلامية بفرع الاتحاد العام لنساء اليمن- أن "فلسطين هي أرض الصمود واسطورة الفداء ، وأنها تلك العاطفة الأبدية القديمة التي انبعثت قلوبنا صغاراً، وألزمتنا في كل اوان بالذود عنها وتقديم التضحيات تلو التضحيات.. وأنها علملتنا أن لا مكان عليها للضعفاء".. ودعت الى الوقوف الى جوار فلسطين ، التي بنوا عليها الجدران، وألقوا خلفها أبنائها، ومهما كانت المسافات! وأكدت أسماء المصري: "نحن اليمانيون كما عهدتنا دوماً بدمائنا، بقلوبنا، بأرواحنا، معك".، وباركت ما وصفتها ب"أيادٍ بيضاء وجهود صادقة قامت باعداد هذه الفعالية لنصرة فلسطين"، مقدمة الشكر باسم منظمات المجتمع المدني لجمعية كنعان لمساعيها الطيبة والدؤوبة، وأنها كما عودت الجميع ستظل يد ممدودة مع أشقائنا في فلسطين الذين ما كلت عزائمهم. وقالت أيضاً: "أنا لا أعد أخانا المقيد في الزنزانة أسيراً، فهو حر التعبير والارادة والموقف، أما المكبلين حقاً فهم الذين أسرهم التخاذل وخانهم الموقف.. لكننا سنظل نردد: لا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر، فالنصر قادم رغم تجاهل المتجاهلين ورغم هذا المر وذاك الأمر". كما القى الطالب عصام علي عبد الله كلمة اتحاد طلبة فلسطين فرع ذمار، مستهلاً إياها بالتذكير بسلسلة جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، في نفس الوقت الذي أشاد بصمود آلاف الاسرى القابعين في سجون الاحتلال، والذين وصلت مدة محكومية بعضهم الى أرقام تدخلهم موسوعة غينس، متمنياً أن ياتي اليوم الذي يعيش فيه ابناء الشعب الفلسطيني بسلام وأمن واستقرار، وتقوم فيه دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس. وتوجه بالشكر لفخامة الرئيس علي عبد الله صالح والحكومة اليمنية على ما يقدمونه لابناء فلسطين من رعاية.. كما شكر الاستاذ يحيى محمد عبد الله صالح رئيسجمعية كنعان على اتاحة الفرصة لهم للتعرف على المناضل سعيد العتبه عميد الأسرى الفلسطينيين والعرب. هذا وقد تخللت المهرجان عدة فقرات فنية، شارك فيها الشباب الفلسطينيواليمني، بجانب عدد من القصائد الشعرية التي أثارت حماساً جماهيرياً.. فضلاً عن تقديم عرض بروجكتر حول المعاناة الفلسطينية. وفي ختام المهرجان منحت جمعية كنعان لفلسطين درع الجمعية لعميد الأسرى الفلسطينيين والعرب سعيد العتبة تقديرا لنضاله البطولي، كما منحت محافظ ذمار يحيى علي العمري درع الجمعية تقديرا لإسهاماته في إنجاح جهود الجمعية.. فيما منحت جامعة ذمار سفير دولة فلسطين باسم الأغا وعميد الأسرى الفلسطينيين درع الجامعة. هذا وقد تخللت فعاليات ذكرى يوم الاسير قيام محافظ ذمار يحيى العمري ورئيس جمعية كنعان لفلسطين يحيى محمد عبد الله صالح وسفير دولة فلسطين بصنعاء باسم الأغا وعميد الأسرى الفلسطينيين والأسرى العرب سعيد العتبة بافتتاح معرض للصور الفوتوغرافية والمجسمات والفنون التشكيلية التي توثق جوانباً من النضال العربي الفلسطيني, كما يبرز المعرض الذي نظمه اتحاد الطلاب الفلسطينيين بجامعة ذمار والجالية الفلسطينية صورا لمعاناة الشعب العربي الفلسطيني جراء الصلف الصهيوني ومعاناة الأسرى القابعين في سجون الاحتلال.
