قطع الرئيس المصري حسني مبارك الأربعاء الطريق على معارضيه المطالبين بالتغيير، وأعلن في ثاني خطاب يوجهه إلى المصريين منذ عودته من رحلة العلاج بألمانيا، أنه يتمسك بالدستور، الذي جرى تعديله على مقاس سيناريو توريث الحكم لجمال مبارك. وتطالب المعارضة ممثلة في أحزاب ونقابات وهيئات اجتماعية بضرورة تعديل الدستور وإجراء إصلاحات تساعد البلاد على الخروج من أزماتها وتعود بها إلى ممارسة دورها الإقليمي كدولة محورية في الشرق الأوسط. وشهدت مصر في الأشهر الأخيرة تظاهرات غاضبة تخللتها حملات أمنية لاحقت مناصرين لمطالب التغيير. وقال مبارك في خطاب خلال إجتماع مع الهيئة البرلمانية للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم إن الدستور ومؤسسات الدولة هي الضمان الوحيد للاستقرار على الطريق نحو المستقبل، مؤكدا أنه لن يلتفت إلى حملات التشكيك. وقال "لدينا - كحزب للأغلبية - برنامج طموح..نمضي في تنفيذه من أجل مصر وشعبها..نتعامل مع قضايا الداخل والخارج برؤية وطنية واضحة..لا نلتفت لحملات التشكيك". وتابع لأعضاء الحزب الذين انتخبوا أوعينوا في مجلس الشورى "نعلم أننا على الطريق الصحيح .. نمضي نحو المستقبل بثقة وتفاؤل..موقنين أن دستورنا ومؤسساتنا هما ضمان الإستقرار". وكان مبارك قد أعلن في مايو- آيار الماضي رفضه مطالب المعارضة بتعديل الدستور، محذرا "المزايدين" من الانزلاق بالبلاد إلى حالة من الفوضى، قبل أشهر من انتخابات برلمانية ورئاسية مهمة. وقال في مارس- آذار الماضي ان المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة المصرية، يستطيع الترشح للانتخابات الرئاسية في مصر عام 2011، شرط أن "يحترم الدستور"، مؤكدا أن بلاده "لا تحتاج إلى بطل جديد". ويقول البرادعي إنه قد يرشح نفسه إذا تم تعديل الدستور الذي يشترط حصول المرشح المستقل على أصوات 250 من أعضاء مجلسي البرلمان والمجالس المحلية، وهي مجالس يسيطر عليها الحزب الوطني الحاكم. وشهد الدستور المصري تعديلات تاريخية شملت 34 مادة منه وتم اطلاقها في عام 2005 وتم الاستقرار عليها عام 2007، ويرى مراقبون ان هذه التعديلات كانت تهدف الى ترسيخ سلطة الحكم داخل الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم. وتشترط المادة 76 من الدستور المصري، بعد التعديل، في أي مرشح رئاسي أن يكون عضوا قياديا في حزبه لخمسة أعوام على الأقل وينال تأييد 250 عضوا في المجالس المنتخبة، وهي شروط لا تتوفر سوى في مرشح الحزب الوطني الحاكم. ومن جانب آخر، حدد الرئيس المصري القضية الفلسطينية والوضع في منطقة الخليج وأزمة مياه نهر النيل باعتبارها اهم "الازمات والتهديدات والمخاطر" التي تواجهها مصر في المرحلة الحالية، مشيرا إلى أن حكومته تقوم بدور فاعل "لمواجهة مايطرحه الوضع الأقليمي في المنطقة من أزمات وتهديدات ومخاطر، والتعامل مع تشابك وتعقيدات الموقف على الساحة الفلسطينية وفي منطقة الخليج ومواصلة الحوار مع دول حوض النيل". وأكد أنه "يتم التعامل مع كل هذه الأوضاع بما يحقق أمن مصر القومي ومصالحها العليا، وبما يضمن لشعبنا إمدادات المياه والطاقة والأمن الغذائي ويحمي أبناءنا من مخاطر الإرهاب". غير أن مبارك شدد على ان القضية الفلسطينية ستظل على رأس أولويات السياسة الخارجية المصرية. وأضاف ان مصر ستعمل على رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، مؤكدا رفضه ما اسماه محاولات إسرائيل التنصل من إلتزاماتها إزاء القطاع وتحميلها لمصر.