دعا رجال دين مسلمون بارزون، في مؤتمر إسلامي افتتح في العاصمة السورية دمشق إلى الوحدة في الأمة الإسلامية، وشددوا على ضرورة ضبط الخطاب الديني "المتفلِّت"، وإلى مشاركة المسلم والمسيحي والسني والشيعي في حياتهم المجتمعية. وقال وزير الأوقاف السوري محمد عبد الستار السيد، في كلمته افتتاح المؤتمر الإسلامي حول "دور العلماء والدعاة في ضبط الخطاب الديني ووحدة الأمة "، أن أي "دعوة للفرقة هي دعوة جاهلية وأن عظمة الأمة الإسلامية تكمن في وحدتها"، مشددا على ضرورة التفريق بين النص الديني والاجتهادات البشرية التي هي مصدر للتنوع. وأكد السيد أن "محاولات زرع الفتنة من قبل الصهاينة تعتمد بشكل رئيسي على الخطاب الديني المتفلت الذي يخلط بين العدو والصديق"، مشيرا إلى أن "العدو الحقيقي هو إسرائيل إضافة إلى محاولات الغرب تشويه صورة الإسلام". وشدد على "أهمية ضبط الخطاب الديني كأولوية كبيرة بالنسبة للأمة الإسلامية"، داعيا العلماء والدعاة إلى "الالتفات القدس وغزة والجولان وحرق المصاحف وهدم المآذن وكذلك إلى ما يحدث في العراق والسودان". من جانبه، دعا مفتي سوريا الشيخ أحمد حسون المؤسسات المسؤولة عن الأقمار الصناعية إغلاق كل قناة تثير الفتنة، مطالبا بفتوى تحرم على المسلم مشاهدة أي قناة تحمله على سب وشتم أخيه المسلم. وقال حسون في " على الأقمار العربية وعبر فضائياتها الالتزام بتعاليم وأخلاق الإسلام وأن تكون كل قناة أداة توحيد لا تفريق". من جانبه، اعتبر مفتي الديار المصرية الشيخ علي جمعة أن وحدة الأمة فرض من فروض الدين وأساسا من أسسه، مطالبا علماء الدين والدعاة إلى النزول إلى الشارع وعموم الناس بما يكون له أكبر الأثر والنفع في حياة الناس وفي درء الفتنة، وأن يرتب المجتمع الإسلامي أولوياته على أن يشارك المسلم المسيحي والسني الشيعي في حياتهم المجتمعية كما كان ذلك عبر التاريخ بربط مصالحهم ببعضهم البعض. ودعا جمعة الإعلام العربي إلى ضرورة التوثيق في كل ما يعرض وأن يصحح مساره من داخله، مشددا على أن "أحدا لا يستطيع أن يصحح الإعلام إلا أهله". وحذر جمعة في ختام كلمته من الفتنة وقال " الفتنة نائمة ملعون من أيقظها وبارك الله بمن أخمدها، وأن التقوى هي أساس الوحدة". أما المفكر الإسلامي الشيخ محمد سعيد البوطي، فأكد أن "الاختلاف في امتنا كان ولا يزال ولكنه لم يكن سببا لشقاق بين المسلمين"، مشيرا إلى أن هناك مؤسسات "عدوانية تمارس الغزو الفكري بالإسلام والمسلمين وأنها لم تبلغ من الضراوة ما بلغته اليوم من استعمال لكافة الوسائل المختلفة ليس فقط بهدف الإيقاع بين المسلمين بل أيضا للإيقاع بين الأشقاء واستثارة الفتن فيما بينهم". ولفت البوطي إلى أن هذا الغزو الفكري قفز قفزة نوعية في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي، متهما رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر بأنها أول من أعلن عن تلك القفزة للتربص بالإسلام والعمل على تفتيت وحدة الأمة جمعاء. بدوره، رأى نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني الشيخ نعيم قاسم أن التوتر المذهبي الحالي ينطلق من مدخلين الأول علمائي تكفيريون أو لاعانين قاتلهم الله، والثاني أن يكون سياسيا ناتجا عن إثارة عصبية الجماعة فلا نجد في كلامهم كلمة واحدة تقرب من الله إنما هي منافعهم الدنيوية. وشدد قاسم على أن "الخطاب الديني الإيجابي الذي يعبر عن الإسلام والإسلام والإيمان الحقيقي مسؤولية شرعية تقع على عاتق العلماء والدعاة وأن من يخرج عن هذا الخطاب لايمكن أن يكون داعية أو من دعاة السلام فيصبح مفسد وشيطان". وأكد قاسم أن الوحدة ليست بالخطب الرنانة بل بالمواقف العملية التي تبرز من خلال الأداء. بدوره، قال الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية محمد علي تسخيري " إذا أردنا أن نضبط الخطاب الديني علينا النظر في المعالم التي رسمها القرآن للدعاة، ففيه نظرية لنوع الخطاب الإسلامي الصحيح". وشدد تسخيري على ضرورة أن يكون الخطاب الديني خطابا محببا وليس مسيئا ولا جارحا حتى للكفار. وهاجم بشدة رجل الدين الكويتي ياسر الحبيب الذي "أساء إلى أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق"، واعتبره "شيطانا كبيرا مقارنة ب(الكاتب الهندي)سلمان رشدي (الذي أهدر دمه مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني). واتهمه بالعمالة للسفارة الأميركية في الكويت". كما شهد الجلسة الافتتاحية كلمات لعدد من رجال الدين أكدت على أهمية وضرورة تعزيز كل ما من شأنه أن يوحد صفوف الأمة الإسلامية. ويناقش المؤتمر على مدى يومين عددا من الموضوعات التي تتعلق بأثر الخطاب الديني على الأمن المجتمعي والخطوات العملية في ضبط الخطاب الديني والتنوع المذهبي وخطر استغلال الدين في النزاعات السياسية وخطر الفضائيات والبث الطائفي وأغراضه في العصر الحديث، والإعلام وصناعة المؤامرة والتأسيس لإعلام هادف يجمع ولا يفرق. ويشارك في المؤتمر وفود من كل من مصر وتركيا وإيران ولبنان وفلسطين إضافة إلى سوريا.