اليمن البلد الوحيد الذي اشعر فيه بشغف الحياة ورحيقها المفعم بأفضل العطور وأفخمها.. البلد التي نصرت الإسلام في أيام ضعفه وانتشاره.. اليمن ارض حباها الله بأناس أرواحهم تزن الجبال، وهاماتهم تعانق السماء، وطيبة قلوبهم لم يعطها الله لأحد سواهم والشاهد على ذلك قول الحبيب المصطفى أتاكم أهل اليمن ارق قلوبا والين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية... هل ينسى التاريخ قوم سبا وحمير, الاشاعرة والأوس والخزرج؟؟!!! هل يتنكر التاريخ للشوكاني وغيرة من علماء الأمة...؟ لا والله ما أظن ذلك ولكن ما اعرفه أن أولئك حفروا أسماءهم بالذهب ونقشوها في قلوب العالم. ولا زالت تلك الأرض الطيبة تنجب من أولئك الكثير الكثير... قد يقول القارئ إني أقول ذلك لأني جزء منك يا يمن الحب والمودة ولكن أقول لا والله إنما هذه الحقيقة التي لا تحجبها عين الشمس ولا يستطيع احد أن ينكرها.. ما الذي جد يا ترى في تاريخ اليمن الحديث؟ ما الذي حصل لليمن الجريح؟ تكالبت عليه الأعداء من كل حدب وصوب ونبحت الأصوات النشاز من كل مكان, فهل يا ترى ذلك تعبيرا عن ما تخفيه الصدور تجاه هذا الجبل الشامخ؟ أم إن الفقر والعوز هو الذي طمع الآخرين في نهش جسد اليمن الطاهر؟ لا ولن يكون الفقر عيبا بل العيب هو أن تنحل القيم وينعدم المعروف بين الناس.. فحذار أيها اليمن وأيها اليمنيون!! حذار أن تغركم حياة الماديات والمظاهر الكاذبة المزيفة لا تجعلوا الجرح يتسع وانتم تقفون وقفة المتفرج..!! بل انزعوا قلوبكم وسدوا بها تلكم الفوهة وقفوا صفا واحد ضد كل عداء وكل ما هو مسيء إلى كرامتكم ومعتقداتكم المقدسة.. صدقوني هذا غيظ من فيض فلن استطع أن أصور الصورة بأكملها وقد أخطئ أحيانا في اختيار الألوان التي تعبر بقوة عارمة عن ما يخفيه الفؤاد عن محبة عارمة وعاطفة جياشة تجاه كل شبر من ترابك الطاهر يا يمن.. أليس حب الوطن (اليمن) من الإيمان؟ ألم يقل الحبيب عند خروجه من مكة (والله لولا إن اهلك أخرجوني منك ما خرجت وانك أحب بلاد الله إلي)! الم تعبر هذه الصورة الجمالية من كلام المصطفى صلى الله علية وسلم عن عاطفته الفطرية تجاه المكان الذي نشأ فيه؟ إذا الأحرى بنا كيمنيين أن نكن ولو نصف هذا الحب والإخلاص لأرضنا وأهلينا.. ما أريد أن أوصله هو إن الغربة درس في مجال الحب ولكن حب من نوع آخر، حب البعيد، حب الأصل والملجأ والموطن.. إذا لنستغل هذه العواطف التي لن تعطى لأحد يعيش داخل الوطن ولكنها تكتسب جراء البعد والفراق.. وهنا يتبادر إلى ذهني سؤال عن عدد الطلاب اليمنيين المبتعثين في الخارج؛ ألا يشكل رقما قياسيا أولا يقتدى بهم؟ أو ليسوا يشكلوا رقما ومكانة في مجتمعهم؟ بلى بلا شك وهنا تأتي المسؤولية التي تتحملها هذه النخبة المتعلمة تجاه وطنهم.. فليعلم الجميع إننا سنسال أمام الله عن ماذا قدمنا لبلادنا من اجل أمنه واستقراره ونمائه وازدهاره. قد يقول قائل وما ذا عسى مثلي أن يعمل لا سيما أني الآن طالب ولا استطيع أن اعمل شيء؟ أقول له بل اجزم أن أمامك الكثير لتعمله وتعمل وتعمل.. الآن وفي الوقت الراهن اعمل على تحصيل العلم وكن رمزا يحتذى به وسفيراً لبلدك أينما كنت في بلدان العالم.. ومن ثم تأتي المهمة الأخرى وهي عند العودة فأنت وبلا شك سوف تتحمل مسؤولية ما ولا بد من العمل الجاد إلى حمل هذه الأمانة وأدائها على أكمل وجه .. وبهذا نكون قد ضمنا يمنا مشرقا حديثا متطورا بعيدا عن الصراعات والقبليات والجهل وما إلى ذلك..
ولكن ما يحز في نفسي أن اسمع من الكثير عن يأسهم بزعم إن الوضع أصبح كما هو عليه الآن ولن استطيع أن اعمل شيء.. كلام عجيب وغير مقبول منك كطالب باعد أهله ووطنه وهجرهم لسنوات طويلة لأجل طلب العلم، ورأيت ما رأيت من العمران والازدهار التي وصلت إليه بلدان العالم ثم تقول ما تقول.. لن أجد ردا لما قلته إلا أن أقول بان عليك أن تدفع ما أنفقته الدولة من اجل تعليمك وتثقيفك وإرجاع الشهادة التي حصلت عليها فأنت لا تستحقها..!!